السعودية تشرف على انهيار اتفاق الرياض

> البيان الصادر أمس عن الخارجية السعودية، المُـــعترض على تعيينات المجلس الانتقالي الجنوبي، التي أعلنها مؤخرا، قد يكون أتى كإسقاط واجب بعد إلحاح من الشرعية، وتطييب خاطرها على إثر انزعاجها الشديد من قرارات وإجراءات الانتقالي الأخيرة، وإن لم يكن هذا البيان السعودي قد أتى بفعل ضغوطات كهذه، وقد أتى كسابقاته من البيانات المنحازة للشرعية، فهو يؤكد مرة أخرى المعيار المزدوج الذي تتعامل به السعودية حيال طرفي الاتفاق، فهي، في الوقت الذي تغض طرفها عن انتهاكات الطرف الآخر - أعني الشرعية- وبالذات تلكؤها بإصدار تعيينات المحافظين ومديري أمن المحافظات، ومماطلتها بالشق الاقتصادي، فإنها أي السعودية تضع قرارات الانتقالي السياسية وتحركاته الأمنية على الأرض تحت المجهر نقدا وتشهيرا.

نعلم أن السعودية تعاني من ابتزاز سياسي وعسكري من أحزاب الشرعية، ولكن هذا لا يعني أن يكون هذا مبررا لها لتنحاز بشكل جائر لطرف على حساب الآخر، دون أن تقرعه ولو بربع بيان إدانة، وهي تراه ينتهك الاتفاق جهارا نهارا... فبعد أسابيع من توقيع اتفاق الرياض- الذي ينص أحد بنوده على إجراء تعيينات جديدة توافقية بعدة مواقع ومناصب، منها مناصب محافظي المحافظات- أعلنت هذه المسماة بالشرعية عدة تعيينات من طرف واحد، منتهكة بذلك أهم بنود الاتفاق، وأكثرها إثارة للخلاف، منها تعيين محافظ لمحافظة المهرة، وغيرها من القرارات التي لا تزال تُــصدر تباعا حتى اللحظة، غير عابئة بالاتفاق ولا بتبعات هذا الانتهاك. ولم تنبس السعودية ببنت شفة تجاه ذلك التعيين، وهي اليوم ترفع عقيرتها عاليا مُــنددة بالتعيينات التي أقرها المجلس الانتقالي الجنوبي، مع أن هذه قرارات تعنيه دون سواه، وبالذات المتعلقة بإعادة وهيكلة وترتيب الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة له، وغيرها من القرارات الخاصة بهياته التنظيمية، فهذه الأجهزة الأمنية هي أصلا في نظر الشرعية مليشيات خارجة عن شرعيتها وغير قانونية، ولا يمكن، بالتالي، أن نتخيل أن يكون هناك اعتراضا عليها وهي تخص مليشيات انقلابية متمردة –بحسب تفسيرها لصفة هذه القوات - مع أنها قوات تم إنشاؤها وتعيين قادتها ذات يوم بقرارات جمهورية من رأس هرم هذه السلطة المسماة بالشرعية.

سواءً قصدت السعودية أم لم تقصد، فهي تشرف على انهيار اتفاق الرياض، وتعرضه للفشل بوتيرة متسارعة، وهذا دأبها مع كل اتفاق ترعاه، ومع كل معركة تخوضها ومع كل شريك تتحالف معه. وأن لم تفعل شيئا إزاء هذا الاتفاق فهي لن تخسر فقط حلفائها- خصوصا بالجنوب - بل أنها ستكون قد دقت آخر مسمار بنعش حلفها العربي -المتضعضع أصلا-، وتعلن بالتالي هزيمتها المدوية بهذه الحرب على رؤوس أشهاد العالم، فالانخراط المتسارع لسبحة شركاءها المحليين بشقيهم الجنوبيين "الانتقالي" والشرعية- فوق فشلها العسكري بالشمال سيكون كافيا وزيادة لإعلان الهزيمة المذلة لها، حتى أن كانت قد حققت لها موطئ قدم على الأرض، وبالذات في الجنوب، واستطاعت بتواطؤ الجميع، وفيهم الانتقالي، ترسيخ نفوذها وهيمنتها بشكل كبير على أهم المناطق والمنافذ والثغور من محافظة المهرة وحضرموت شرقا حتى باب المندب وجزيرة ميون غربا جنبا إلى جنب مع الإمارات العربية المتحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى