العمالقة والبيضاء وآل حميقان.. كيف تحوّل النصر إلى هزيمة؟!

> تقرير/ صالح لجوري:

>
  • انتصارات وهزائم وأخطاء قاتلة غيّرت طبيعة التوازنات العسكرية والقبلية
  • لماذا البيضاء؟
للبيضاء خصائص واستراتيجية ومسرح عمليات وأهمية تختلف عن باقي محافظات الجمهورية، وأرث تاريخي عدائي، وثارات في نفوس الأسر السلالية التي تدعي أحقيتها في السيادة على الأرض والإنسان، لم تكن وليدة اللحظة؛ بل متوارثة جيلا بعد جيل، فقد كانت البيضاء منذ مئات السنين مسرح العمليات، ومناطق حشد، وتمركز لفترات متعاقبة منذ عهد الأئمة القاسميين، وما رافقها من عداء لقبائل البيضاء، وسلطنات يافع وقبائلها، مثلها مثل عدائها لتعز وقبائل يمنية وعربية أخرى، فقد كانت البيضاء محطات انكسار وهزائم، وعلى ترابها وجبالها وبطون وديانها تجرعت جيوش الأئمة القاسميين وأمرائهم شر هزائم، وأسوأ تنكيل في حملاتهم العسكرية على البيضاء ويافع وأبين والضالع ولحج، فقد بدأت الحملات العسكرية لدولة الأئمة والعداء التاريخي منذ بدأت أطماع وهجمات "الدولة القاسمية» على يافع والبيضاء في عهد الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم 1065هجرية، والذي تمكن من السيطرة على البيضاء واحتلال أجزاء من يافع، على أثر ذلك ثارت قبائل يافع وحلفائها في الجنوب والبيضاء وتمكنوا من تحرير مناطق يافع والبيضاء؛ بل وسيطروا على مناطق ما بعد البيضاء 1093هـ 1684م.

وفي عهد السلطان معوضة بن عفيف سلطان يافع السفلى، والسلطان صالح بن هرهرة الذي تم تتويجه لسلطنة يافع العليا في ذلك التاريخ، وأحمد بن علي الرصاص في البيضاء، التي كانت تعرف باسم قبائل بني أرض، وهذا هو الاسم التاريخي لقبائل البيضاء التي تنحدر معظمها من الجنوب والمشرق "مثل يافع وشبوة وحضرموت ودثينة ومأرب" ومن زعماء الأحلاف صالح بن منصور العولقي شبوة، والأمير قاسم بن شعفل الضالع- ردفان- حالمين- الحواشب، هذه الأحلاف جميعها وما حولها هي من رفعت بيرق الانتصارات، وكسرت حملات الأئمة المتعاقبة التي بلغت نحو خمسين حملة عسكرية على يافع والبيضاء وما جاورهما من البلدات، مثل أبين ولحج والضالع، وكانت جميع الحملات تستهدف الهيمنة والإخضاع ليافع، لتتمكن من السيطرة على باقي الجغرافية الجنوبية، وهناك مقولة لأحد الأئمة يدعى محمد القاسم قالها لأبيه بعد عودته من الجنوب لاجئًا بعد خلاف مع أسرة الأئمة قائلًا كيف رأيت مضيفيك الأعداء؟ قال ذو بأس شديد.. وإذا أردت إسقاط عدن وأبين ولحج تحت حكمك عليك بإسقاط يافع الجبل أولًا.
خارطة لمناطق ال حميقان وما حولها
خارطة لمناطق ال حميقان وما حولها

وقد حاول الأئمة مرات عديدة السيطرة على يافع ومحيطها من خلال غزوات وحملات متكررة، وكانت لهم يافع وحلفائها بالمرصاد أذاقتهم أشد وأقسى الهزائم الماحقة المتكررة في عهود متفرقة في عهد القاسم، المتوكل، والناصر، والهادي وغيرهم.
جميعهم وإن اختلفت التشكيلات والعباءات العقائدية والدينية والحجج الاستعمارية فالهدف والأطماع هي نفسها لم تتغير.

وفي ثورة 26سبتمبر ضد حكم الأئمة، كان للبيضاء حضور قوي وبارز في الثورة، على الرغم من تهميشها، وعند حصار السبعين لصنعاء كان للبيضاء اليد الطولى في كسر الحصار بقيادة الشيخ أحمد عبدربه العواضي وآخرين من مشايخ ومناضلين آل حميقان في مقدمتهم المناضل عبدالله عامر الحميقاني والشيخ سالم عبدالقوي الحميقاني.

هذا من الناحية التاريخية، بسبب الإرث المثقل بهمجية الانتقام وعقلية الجهل السلالية الثأرية التي انتهجها السلف البائد، وتناقلها الخلف الحاقد، ليحولها إلى سموم وجرائم ضد الإنسانية في القرن الواحد والعشرين.
لهذه الأسباب والأهمية والعداء التاريخي عندما أسقط مشروع الدولة الهش في صنعاء على أيدي جماعة الحوثي كانت البيضاء أول محطة يقوم الحوثي باحتلالها والسيطرة عليها بعد صنعاء مباشرة.
أطفال في الحبج يحملون أمتعه لذويهم في الجبهة
أطفال في الحبج يحملون أمتعه لذويهم في الجبهة


البيضاء من الناحية الاستراتيجية
تعتبر البيضاء منطقة استراتيجية، عسكريًا، وإداريًا، ومعنويًا لأي جماعة، أو جيش، أو دويلة من دويلات اليمن المتعاقبة، كما هو الحال لجماعة الحوثي، التي تدفع بكل ثقلها للسيطرة الكاملة على محافظة البيضاء، دون تفريط مهما كلف الثمن، حيث أن البيضاء تقع في خط الوسط كشريان وريدي يربط عدت محافظات ارتباطًا استراتيجيًا، وبالسيطرة على خط الوسط سيطرة كاملة يتم التحكم بالمحيط الجغرافي، وقطع شريان الحركة في الشريان المغذي لتلك المحافظة المراد استهدافها، وفي الوقت نفسه الحفاظ على تأمين العاصمة صنعاء في نسق دفاعي متقدم جدًا، يجعل مسرح العمليات العسكرية بعيدًا عن العاصمة، وإبعاد الخطر عنها بمئات الكيلو مترات في كل الاتجاهات المحيطة.
أحد شهداء ال حميقان
أحد شهداء ال حميقان

فمن الغرب ترتبط البيضاء جغرافيًا بمحافظة الضالع جُبَن الشعيب وأجزاء من مناطق أخرى، منها ليافع، وأخرى للضالع ويافع مثل نعوة وريو بني ضبيان، وكلها وديان وجبال شاهقة، في سلسلة جبلية مترابطة تصل بعضها إلى مناطق في إب ووادي بناء وغيرها، ومن الجنوب والجنوب الغربي محافظة لحج بمديرياتها لبعوس والحد، ومن جنوب شرق محافظة أبين سباح يافع ومكيراس ودثينة وجيشان المرازيق، ومن الشرق شبوة بيحان، ومن الشمال مأرب غانية - قيفة، ومن الغرب والشمال الغربي رداع وذمار وصنعاء.

هنا تكمن أهمية البيضاء في الوقت الحاضر، وما تمثله من استراتيجية، فالتفريط بها يعني سقوط العاصمة صنعاء وفصلها عن المحافظات الأخرى.

آل حميقان والمقاومة الأسطورية
منذ سبع سنوات تم السيطرة على البيضاء بعد حروب شرسة مع القبائل في البيضاء، راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى إن لم تكن بالآلاف مثل قيفة وأجزاء من مناطق رداع، وذي ناعم، وآل الصومعة، ومناطق آل عواض، وغيرها، بالإضافة إلى حروب داخلية شبيهة بحرب العصابات مع جماعات قبلية وتنظيمات مثل القاعدة، بحسب زعم إعلام وناطقي أطراف الصراع في الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي وحلفاء كل منهما. فمعظم قبائل آل حميقان ذات الشجاعة والإقدام بقيت تقاوم على مدى الأعوام منذ سيطرة جماعة الحوثي على مديريات البيضاء من ضمنها مركز مديرية الزاهر آل حميقان، وتموضعت القبائل في منطقة لجردي في عدة مواقع قريبة من مركز المديرية جنوبًا، وفي جبال محاذية لها جنوب شرق لجردي، أما الجهة الأخرى ففيها قلعة الصمود وهي جبال مناطق الحبج التي تطل على قرى لجردي، وجبال الجماجم، ومنطقة قرى الناصفة، وكلمة الناصفة تعني نصف مناطق آل حميقان وجبهة الحبج، وفيها عشرات المواقع مما يلي الحبج مناطق عدة من الجنوب الشرقي مثل المحصن كساد، ومن الجنوب والجنوب الغربي عينة آل برمان، الحنكة، امصلب، السملان، جاحور، المضبي، المروي، وغيرها من القرى الصغيرة، وجميع هذه المناطق محاذية لحدود وقرى يافع لحج أبين، المتمثلة بمديريتي الحد وسباح. لقد استمرت المقاومة في مناطق آل حميقان المذكورة طوال الأعوام التي مضت، ببسالة، وشجاعة نادرة، وبإمكانية ذاتية متواضعة، غير متكافئة مع جماعة الحوثي، التي تمتلك ترسانة الأسلحة والقوة العسكرية والبشرية الهائلة، وقد تعرضت مناطق المقاومة للانتهاكات والقتل والتفجير والحصار والرمي العشوائي للقرى والتجمعات الآهلة بالسكان، وتدمير للمصالح المدنية، وحصار مطبق من جميع الاتجاهات، ونقص في الخدمات الضرورية والأدوية وانعدامها في معظم الأوقات؛ إلا أن هذه المقاومة أبت الاستسلام والمهادنة، واختارت المقاومة، إما النصر أو الشهادة دون الخضوع والمذلة.
أحد سعداء الحبج احمد علي ضيف الله
أحد سعداء الحبج احمد علي ضيف الله


خذلان الشرعية والتحالف منذ البداية
منذ أن بدأت المقاومة، لم تكترث حكومة الشرعية وجيشها، والتحالف العربي لما يتعرض له المقاومين من ضغوط عسكرية، وهجمات متكررة بكافة أنواع الأسلحة، ولم تهتم لما يعانيه سكان مناطق آل حميقان من قتل ودمار ومعاناة في كل ظروف الحياة؛ بل قوبل هذا الصمود والتصدي والاستبسال بالخذلان، وعدم الاهتمام من حكومة الشرعية والتحالف العربي، حيث أنه لا أحد يكترث أو يهتم بما يحدث في آل حميقان، والمؤسف أن بعض رموز الشرعية في مأرب تسببت في مشاكل داخلية عديدة بين القبائل، فقد تسببت في إحداث الكثير من الانتكاسات والصراعات داخل القبائل، بسبب تغليب طرف على آخر، أو تقديم فتات من الدعم لطرف دون أخر، ربما لم يكن متواجد في مسرح المقاومة، بدلًا من أن يكونوا عونًا للقبائل، فقد أصبحوا طرفًا في إذكاء الصراع على لا شيء يستحق الصراع من أجله، ضف إلى ذلك الخذلان .. خذلان الأهل، حيث انضمت العديد من الأسر من آل حميقان علنيًا وغير علني إلى جماعة الحوثي من مناطق في الزاهر والناصفة، وأصبحوا في صف الحوثي ضد إخوانهم، أما المسؤولون والمشايخ والإعلاميون والشخصيات، فقد هجروا المحافظة بشكل عام، وآل حميقان بشكل خاص، أما إلى مأرب والمناطق المجاورة في الجنوب، أو إلى دول الخليج، وتركوا قبائل آل حميقان المقاومة تواجه مصيرها لوحدها، إلى أن جاءت بوادر الفرج في مطلع العام 2020، حيث وصلت إلى منطقة الحبج نحو سريتين من قوات العمالقة، لإسناد المقاومة في الحبج، واستمر الحال كذلك، بالإضافة إلى تعاطف بعض الجوار الجغرافي في بعض الأوقات بعلاج الجرحى وإمداد السكان ببعض المواد البسيطة.


المقاومة والعمالقة انتصارات ساحقة وإخفاقات غير محسوبة
اشتدت المقاومة بين جبهات آل حميقان - لجردي والحبج وقوات مليشيات الحوثي وازدادت الجبهات اشتعالًا منتصف شهر يونيو من هذا العام، حتى أن قذائف المليشيات طالت الوديان وقرى لم يسبق أن تعرضت للقصف، فتجمعت المقاومة من كل مكان في آل حميقان لرفد الجبهات، حتى وصلت مجموعة سرايا أو كتيبة من ألوية العمالقة إلى المنطقة، وبدأت تحشد قواها في أطراف مناطق الجبهات، بالتنسيق والاشتراك مع المقاومة القبلية، وقوات العمالقة السابقة في جبهة الحبج، ومن هنا كما أكدت المعطيات على الأرض بدأ التخطيط للهجوم على مليشيات الحوثي المتمركزة جنوبًا في مواقع الزاهر، والتلال المحيطة بها، جنوب وغرب جبال الجماجم، ومواقع قرية السنترال وجبل حلموس وغيرها من النقاط والمواقع الدفاعية المتقدمة.

يقال إنه تم الاتفاق بأن تتولى العمالقة قيادة المعركة، وتم التوافق على أن يكون الشهيد صالح بلسن الحميقاني قائدًا ميدانيًا للمقاومة القبلية، مع وجود بعض الاعتراضات من قبائل غير آل حميقان، سرعان ما تم التوافق على ذلك، وسط شعبية كبيرة يحظى بها بلسن، لشجاعته ولكفاءته في إدارة المعركة، في هذه المعركة شاركت قبائل من آل عمر وهم من ضمن تشكيل المقاومة من سابق.

بدأت ساعة الصفر، مساء السبت، مطلع شهر يوليو، بدأ الهجوم من أربع اتجاهات، مسنودة بتغطية نيرانية كثيفة من مواقع الحبج ولجردي، استطاعت قوات العمالقة من اختراق تحصينات الحوثي المتقدمة، والسيطرة على مواقع مهمة في جبال قربة، مكنتها من الدخول إلى أطراف الجماجم أحد المواقع الاستراتيجية لمليشيات الحوثي، ومن خط الوسط تم اقتحام أطراف مديرية الزاهر، ومع إشراقة الصباح الباكر تمكنت قوات العمالقة من اقتحام مركز مديرية الزاهر، والتمركز على أطراف المدينة شرقًا، ومن جنوب وادي الزاهر وجبالها المحاذية لنصباء كساد، انطلق هجوم معاكس لقوات العمالقة، والمقاومة يمشط لخط نسق الوسط في الطريق الإسفلتي الرابط بين مديرية الزاهر ومركز مدينة البيضاء، وقد تم تدمير قوات الحوثي بين قتيل وجريح وأسير، واغتنام العديد من المعدات والعربات ومخازن الأسلحة، وفي اليوم التالي في المساء، تم السيطرة على مديرية الزاهر، وجبال الجماجم، وتقدمت القوات باتجاه مركز مدينة البيضاء، حيث تمركزت قوات العمالقة في مواقع متقدمة في منطقة امعادية، والتلال المتاخمة مع قوعة آل دينيش، وآل مظفر، وأصبح موقع الحوثيين القريب من كهرباء البيضاء في مرمى أسلحة العمالقة الخفيفة.

هنا تمت السيطرة والنصر خلال ثلاثة أيام وخسرت مليشيات الحوثي خسائر كبيرة في المعدات والأرواح.


أخطاء استراتيجية قاتلة
يؤكد خبراء في الشأن العسكري أن الأخطاء التي حدثت منذ بدء المعركة كانت كفيلة بالانكسارات والتراجع الإجباري لقوات العمالقة ومن معهم من مقاومة الحميقان.

وأول تلك الأخطاء عدم التنسيق مع المحيط العسكري والقبلي، واعتماد استراتيجية تكتيكية تتناسب مع طبيعة المعركة، حيث أن الرقعة الجغرافية للمعركة التي انطلقت منها القوات حوالي مساحة عرضية تقدر بثلاثة كيلو مترات ونصف تقريبًا، وعند تقدم القوات إلى مدينة الزاهر، توسعت المساحة العرضية إلى ستة كيلو مترات على الأقل، وفي التقدم الأخير إلى منطقة العادية كانت المساحة العرضية أيضًا نحو سبعة كيلو مترات ونصف، بمعنى أنه كل ما تقدمت القوات اتسعت المساحة الجغرافية في ساحة المعركة، وأصبحت القوة الموجودة على الأرض غير قادرة على تغطية المساحة بشكل كامل وكافٍ، مع عدم توفير التعزيزات البشرية التي ستغطي الثغرات والمواقع التي اتسعت مع تقدم القوات في كل اتجاه؛ لهذا وجد العدو ثغرات واسعة أحدثت هجمات عكسية، أربكت مسرح المعركة، وحالت دون تقدم القوات.


من أهم أسباب سقوط جبهات آل حميقان:

1 - الاعتماد على قوات قليلة تغطي انتشارها مساحة عرضية في مسرح العمليات لثلاثة كيلومترات ونصف فقط، بينما أقحمت في فضاء مفتوح بمساحة عرضية نحو سبعة كيلو مترات ونصف أو أكثر دون غطاء جوي ومدفعي إلا بعض الطلعات لطيران التحالف، والتي قصفت أهداف في العمق للحوثيين وتجنبت مسرح العمليات.

2 - هروب كتيبة مع قائدها من أتباع الحجوري منضمون للعمالقة بعد إسقاط الزاهر من قبل جماعة الحوثي.
3 - عدم وصول أي تعزيزات للعمالقة والمقاومة تغطي خط الانتشار والسيطرة على المواقع المحررة.

4 - خيانات بعض المتحوثين والالتفاف من الخلف على المقاومة كما حصل في مواقع قربة.
5 - قيام عناصر حزب الإصلاح لزرع الخلافات أثناء تحرير الزاهر للحصول على الغنائم وغيرها.

6 - الخطاب الإعلامي السلبي لقنوات الشرعية والإصلاح الموجه أساسًا للرأي العام المحلي والدولي دون الاكتراث لنتائجه السلبية على المواطنين في أرض المعركة.
7 - عدم التخطيط والتنسيق مع أهل الخبرة والمشورة والاستعانة بخبراء عسكريين لرسم خطط ميدانية للحفاظ على المناطق التي تم تحريرها.

8 - وجود قوة عسكرية كبيرة (الحوثة ومعهم المتحوثون) تمتلك كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة وتفوق في أعدادها البشرية، فقد كانوا عشرات أضعاف قوة المقاومة القبلية والعمالقة.
9 - إيعاز رموز قيادية في الشرعية في الرياض للموالين لهم مثل الإصلاحيين ومجموعة أتباع الحجوري في العمالقة بالانسحاب، وتحويل المعركة إلى حرب استنزاف بين يافع وجماعة الحوثي، دون تحرير البيضاء، بهدف إشغال يافع عن بقية الجبهات مع الشرعية.

خيانة المتحوثين وحبوب منوم بواسطة عصائر ووجبة العشاء
يروي شهود عيان والعهدة على الرواة، وقد تكون هذه الرواية صحيحة كما يتداولها الناس، وقد يكون فيها نوع من التهويل والإضافات إلا ما يتعلق بالخيانة، فقد حصلت بالفعل أيًا كانت طريقة سرد تفاصيلها:

يروى أن موقع الشبكة أو السنترال المحاذية لقرية قربة بمنطقة الناصفة غربًا، الحامية الأولى لجبال الجماجم تعرضت لخيانة ومؤامرة خبيثة من قبل عملاء خونة، أو ما يعرفون باسم المتحوثين من أبناء المنطقة، ففي يوم الخميس المواقف 8 يوليو، حيث أن هذا الموقع الاستراتيجي يعتبر صمام أمان للمنطقة، وخط دافعي للجماجم والحبج والزاهر، ومن هنا ركز المتحوثون على إسقاطها أولًا لمعرفتهم القوية بأهميته، فقد كانت قوات المقاومة يوم الخميس مرهقة، وبعد هدوء نسبي للاشتباكات ذهب معظم المقاومين من كبار السن والعارفين بتضاريس وظروف المنطقة إلى الاستراحة في بيوتهم والنوم الذي حرموا منه ليالٍ عديدة، وتركوا في الموقع نحو25 فردًا من فئة الشباب، وبعد صلاة المغرب بدأ المتحوثون والعملاء الاستخباراتيون خطتهم، حيث جاؤوا إلى الموقع وعرضوا على الشباب مكرمة، وهي عبارة عن وجبة عشاء، وأرادوا معرفة عدد الأفراد من خلال سؤالهم كم العدد؟ يريدون أن يأتوا لهم بوجبة عشاء، وكانت الإجابة نحن حوالي 25، وبالفعل جيء لهم بوجبة عشاء وعصيرات معمولة محليًا، حيث احتوت على حبوب أو عقارات منومة تناولها الجميع في وجبة العشاء، وفي العصائر، وبعد ساعة عاد أصحاب المكرمة الخبيثة إلى الموقع ليسألوا مرة أخرى: هل لديكم أفرادًا إضافيين لنأتي لهم بعشاء، فوجدوا معظم الجنود قد أغشاهم النوم، ولم يبقَ مستيقظ إلا القليل، وعند منتصف الليل اتصل المتحوثون بقوات الحوثي لاقتحام الموقع، وبالفعل تم ذلك الاقتحام التدريجي خلسة للموقع نفسه، ومواقع محيطة؛ إلا أن بعض المواقع المحيطة في الجماجم قاومت، لكنها أصبحت مكشوفة من كل الاتجاهات، رافق ذلك أن بعض المتحوثين والخونة كانوا يحتفظون بعناصر من مليشيات الحوثي في منازلهم، قاموا إلى جانب المتحوثين باقتحام مباغت لقوات المقاومة من الخلف، وقوات أخرى من الأمام، وأرتال كثيفة من المشاة، مع تغطية نيرانية ومدفعية من خط ميمنة الجماجم، وأطراف الزاهر، انطلقت من اتجاه منطقة الحيكل شمالًا، وسقط في هذه المعركة العشرات من مليشيات الحوثي، ونحو سبعة أشخاص من المقاومة، وخمسة عشر جريح، وعلى أثر ذلك سقطت جميع المواقع المذكورة، مثل قربة السنترال، الشبكة، جبال الجماجم الاستراتيجية التي تحتوي على مواقع قتالية متعددة، وأصبحت مدينة الزاهر والمناطق المجاورة مكشوفة تحت النيران ومحاصرة من ثلاث اتجاهات.
صورة لأحد المتحوثين من ال حميقان ومنضوي ضمن جماعة الحوثي
صورة لأحد المتحوثين من ال حميقان ومنضوي ضمن جماعة الحوثي

من المؤسف أنه في ظل هذه الظروف، حصلت بعض المشادات والاختلافات في الزاهر على تقسيم بعض الغنائم وأحقية امتلاكها، بالإضافة إلى أن المدينة تم تأطير أبنائها في أحزاب مختلفة في أعوام ماضية، مثل إصلاحيين ومؤتمريين، وقبائل مستقلة، وسلفيين، وحزب الرشاد وغير ذلك من الانتماءات، ألقت بتأثيراتها السلبية على الصراع المفتعل أثناء السيطرة على الزاهر لفترة بسيطة، سرعان ما تغيرت الظروف باقتحام الزاهر مرة أخرى من قبل مليشيات الحوثي، وانسحاب المقاومة والعمالقة إلى مواقع المقاومة السابقة قبل الحرب الأخيرة، وهي جبهة الحبج ولجردي وسط خسائر بشرية في صفوف المليشيات والمقاومة، وفي مقدمتهم قائد المقاومة صالح بلسن وقيادات حوثية كبيرة.

هروب أتباع الحجوري من صفوف العمالقة
لقد أخطأ أبو خالد التركي قائد كتيبة العمالقة التي وصلت إلى المنطقة حديثًا، وكان صاحب قرار الهجوم على مليشيات الحوثي، عندما زج بقواته والمقاومة القبلية في هجوم غير متكافئ مع حجم القوات الكبير لمليشيات الحوثي، دون غطاء جوي ومدفعي على الأرض، واكتفاء بالأسلحة المساندة الخفيفة والمتوسطة،

والخطأ الثاني هو هروب معظم قواته، وترك مقاومة آل حميقان وقوات العمالقة السابقة المرابطة في الحبج بقيادة أبو مجاهد تواجه مصيرها لوحدها دون دعم أو تعزيز يذكر.

وتفيد المعلومات بحسب ناشطين ومقاومين في المنطقة أن من هربوا باتجاه سباح ومناطق مختلفة هم من أتباع الشيخ الحجوري المنضمين لقوات العمالقة في الساحل الغربي، والذي يكن عداءً تاريخيًا لمناطق آل حميقان ويافع، وذكرت مصادر عليمة في المنطقة أن قوات الحزام الأمني ألقت القبض على عناصر من تلك الجماعة وغيرها في سباح ولبعوس بحوزتهم أسلحة ومئات الآلاف من الريالات السعودية. وبهروب جماعة الحجوري المنضوين في العمالقة تسبب في انتكاسة وحرج لقوات العمالقة المقاومة الفعلية في جبهة الحبج، وخسارة مواقع كثيرة بما في ذلك مواقع متقدمة كانت تسيطر عليها المقاومة منذ سبع سنوات.


اقتحام الزاهر وانسحاب العمالقة والمقاومة
شكل انسحاب العمالقة والمقاومة أطماعًا أكثر لدى جماعة الحوثي، حيث حشدوا أكبر عدد من القوات والأتباع، وغيروا أسلوب الكر والفر إلى أسلوب التقدم باستماتة، وإرهاق المقاومة ومن يساندهم من العمالقة، بعد كشف مسرح العمليات بالكامل أمام جماعة الحوثي، وتوالت مناطق آل حميقان بالسقوط منطقة تلو الأخرى، حتى تم السيطرة الكاملة على مناطق آل حميقان، بما فيها مناطق لجردي، وموقع سوداء غراب الاستراتيجي المطل على يافع ومناطق جبهة الحبج بالكامل.

هفوات إعلام الشرعية وأخواتها تسببت في إحباط المقاومة
منذ الوهلة الأولى لاندلاع المعارك خرج إعلام الشرعية والإصلاح بخطاب إعلامي مغاير لما هو على الأرض، حيث يزعم الإعلام في خطابه الموجه أن الجيش الوطني هو من يقاتل جنوب البيضاء، وبإشراف الرئيس ووزير الدفاع، وهذا خلق نوعًا من الإحباط والتذمر لدى المقاومة، والتفكير بما هو أبعد من ذلك لدى العامة، حيث ذهب البعض إلى القول أن الشرعية أنكرت حقنا، ولم تذكرنا كمقاومين، وذهبت إلى تزييف الحقائق تمهيدًا لتسليم المحافظة إلى غير أهلها في حال تم تحريرها، بالإضافة إلى أن قنوات الشرعية بثت خبرًا مفاده أن جماعة الحوثي قامت بنهب البنك ومؤسسات الدولة في البيضاء، وهذا الخبر يعلم الجميع في البيضاء أنه غير صحيح، مما جعلهم يتيقنوا أن هناك خطة لبعض أقطاب الشرعية أو لصوص الشرعية كما يسميهم المواطنون، سوف تستهدف البنك ومؤسسات الدولة في البيضاء. هذا الخطاب انعكس سلبًا على مجريات الأحداث في المنطقة، وقد زاد المشهد تعقيدًا وشكل استياءً من قبل المقاومة والأهالي، فقد بدا ظهور بعض الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية عبر قنوات الشرعية يدعون بطولات وهمية، وقصص خرافية للمقاومة، والتضحية، وكأنهم متواجدون في ساحة المعركة، مع علم المواطنين في البيضاء تمامًا أن هذه الوجوه هجرت البيضاء، وتخلت عنها وعن أهلها منذ سبع سنوات، وفضلت حياة الرفاهية والنأي عن المقاومة بمعزل آمن، أما في مأرب أو في فنادق عواصم البلدان المستضيفة للشرعية وحلفائها. ونشرت مواقع إلكترونية تصريحًا منسوبًا لوزير الدفاع اليمني المقدشي: يقول لا يمكن لوزارة الدفاع إرسال أي قوة لتحرير البيضاء يقصد جنوب البيضاء آل حميقان؛ إلا في حال تم خروج العمالقة ومن معهم منها!! وبتصريح وزير الدفاع تأكد للمواطنين صدق مشاعرهم وما بنوا عليه تحليلاتهم السابقة عن نوايا الشرعية وأهدافها في البيضاء.

************
ماذا لو أصبح الهدف التالي يافع؟
لقد سقطت مناطق آل حميقان بالكامل وبهذا السقوط غير المتوقع على الأقل بهذه السرعة، تمكَّن الحوثي من السيطرة على أهم ثلاثة مواقع استراتيجية جديدة هي: سوداء غراب، وجبال الحبج والجماجم، ونصباء كساد العالية، هذه المواقع أصبحت القوات والمناطق في يافع في فضاء مكشوف لنيران جماعة الحوثي.. ويمكن استخدام المدفعية، دون الحاجة إلى استطلاع أو الطيران المسير، ولمجابهة هذه المواقع وإخمادها؛ بل والوصول إليها في أسرع وقت يجب الاعتماد على تركيز نيران الأسلحة الثقيلة المدفعية والصاروخية والكاتيوشا على هذه المواقع الثلاثة، حتى تتمكن وحدات المشاة والسلاح المساند الاقتراب منها، وبتركيز النيران ذات الفاعلية أقوى والوصول إليها، ولهذا تكون ضمنت القوات في المناطق المفتوحة بيافع عدم تركيز نيران العدو والوصول إلى أهدافها المباشرة، هذه المواقع المذكورة كانت تسيطر عليها مقاومة آل حميقان وهي عبارة عن حاجز دفاعي يمنع تسليط النيران بطريقة مباشرة للفضاءات المفتوحة جنوبًا المحاذية لمناطق يافع وما حولها، وبسقوط هذه المواقع أصبح الخطر محتملًا ما لم تتدارك القوات هذا الخطر بما شرحناه سابقًا أو بابتكار طرق جديدة لإخماد النيران فيها.

هناك مقاومون في آل حميقان صحيح أن الظروف المحيطة بهم أجبرتهم على الانسحاب إلى مناطق متفرقة، ومنهم من فضل البقاء في شعاب مهجورة يصعب الوصول إليها، ولكنهم لن يستسلموا، ولن يتوقفوا، بل سيعاودون ترتيب أوضاعهم والمقاومة من جديد؛ لأن طبيعة معظم هذه القبائل لا تقبل المهادنة والاستسلام مطلقًا.

موقف قوات الانتقالي والتفرج بالمدرجات
يؤكد شهود عيان ومقربون من الجبهات وسكان محليون؛ بل وتدعي جماعة الحجوري بقيادة حسين الصلاحي أن جميع قوات الانتقالي كان موقفها سلبيًا. والمؤكد أن قوات الانتقالي كان موقفها سلبيًا فعلًا؛ لأنها لم تتصدَ لتلك المجموعات التي انسلخت من حدودها لتفجير الوضع وإدخال مقاومة آل حميقان في حرب غير متكافئة، ويفترض بالانتقالي أنه يحزم الأمور منذ البداية للمعركة بالتصدي للطائشين في الهجوم على الجبهة، على الرغم من معرفة قوات الانتقالي بأن الهجوم فاشل، ولن يحقق أهدافه وبقيت في موقف المتفرج بالمدرجات.

وهناك اتهامات من قبل شخصيات في العمالقة وبعض الأصوات القبلية والدينية لقوات الانتقالي من حزام أمني وصاعقة وتشكيلات أخرى بأنها وقفت حجر عثرة أمام التعزيزات القادمة للعمالقة من مناطق متفرقة، حيث يؤكد قياديون في العمالقة بأن تعزيزات قدمت من مناطق متفرقة تم منعها في النقاط الأمنية على مداخل يافع خط الحبيلين.

وأن المهمة الصعبة الآن أمام الانتقالي وقواته بكافة تشكيلاتها هو تأمين الحدود والتصدي لأي طارئ وملاحقة فلول قوات الحجوري المدعومة من الإصلاح؛ لأن هذه الجماعات سوف تحدث اختلالات أمنية في الداخل اليافعي أن لم تكن مواجهة مباشرة مع الأجهزة الأمنية.

ملاحظة:
1 - التسجيلات التي ظهر بها مؤخرًا الصلاحي واحتضان قنوات الإصلاح له، يؤكد أن ما ذهب إليه هذا التقرير صحيح 100 ٪.
ويؤكد أن هناك لعبة خبيثة تمت على غفلة من أهل يافع ومقاومة آل حميقان راح ضحيتها العشرات من المقاومين وخسائر كبيرة أهمها مواقع المقاومة ومناطقهم.

2 - جماعة الحجوري وقيادات في الإصلاح استلمت مبالغًا مالية من مأرب وتعزيزات ولم تصل إلى الجبهة بالإضافة إلى استدراج رجال أعمال من المتعاطفين مع جبهة آل حميقان من يافع وغيرهم تم استنزافهم بمبالغ لصالح الجبهة ولم تصل.
وما تبريرات الصلاحي وغيره إلا محاولة ذر الرماد في العيون والتغطية على الهزيمة وخيبة التدبير وتحميل المسؤولية قوات الانتقالي، ومقاومة آل حميقان.

3 - كذلك الانتقالي له مبرراته: يقولون نحن لم ينسق معنا أحد، وتحرير البيضاء ليست مهمتنا، ولا يوجد لدينا تواصل مع وزارة دفاع الشرعية، وكل من أقدم على تفجير الأوضاع شلة محددة لا تمثل أي طرف في يافع ولا القوات المسلحة والأمن الجنوبي، فكيف تطلب من قوات الانتقالي أن تنجر وراء أشخاص هم أساسًا يعتبرون خارج النظام والقانون في المناطق التي يمرون من خلالها بالأسلحة والمعدات دون تراخيص أو اتفاق مسبق).
تم التقرير بعناية.

تجدر الإشارة إلى أن مليشيات الحوثي أحكمت السيطرة على كافة مناطق آل حميقان، وأصبحت في خط تماس مع القوات المسلحة الجنوبية في حدود يافع، ممثلة بمديرية الحد، فيما انسحبت مقاومة آل حميقان إلى الشعاب والوديان المحاذية لمناطقهم في يافع، ونزوح جماعي لأعداد كبيرة من الأسر إلى يافع الحد.

وقال شهود عيان في منطقة المضبي أن مليشيات الحوثي قامت أول أمس بتفجير أحد العمارات في أسفل وادي امصلب آل برمان تزعم المليشيات أن العمارة خاصة بجماعة من تنظيم القاعدة، فيما تقول مصادر أخرى أن العمارة خاصة بمواطنين لا يعرف انتمائهم إلى أي جهة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى