إيجارات المساكن تسبب نزاعات بين الملاك والمؤجرين في اليمن

> صنعاء «الأيام» محمد راجح:

> يتواصل تراكم ديون مؤجري المساكن في مختلف المدن الرئيسة باليمن، خصوصًا العاصمة صنعاء، وربما تكون لها تداعيات كارثية يصعب تلافيها مع ازدحام المحاكم والنيابات بالشكاوي والقضايا بين ملاك المساكن والمؤجرين، ووسط الأزمات العقارية التي أججها تردي الأوضاع المعيشية لثلثي السكان في اليمن.
وارتفعت في الآونة الأخيرة عملية إقدام كثير من المستأجرين على ترك مساكنهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجارات، والتي زادت ثلاثة أضعاف عما كانت عليه قبل الحرب، بينما شدد ملاك العقارات من شروطهم وطلباتهم وإجراءاتهم في عقود تأجير العقارات والمساكن.

وتسببت الحرب وما رافقها من تبعات في توقف صرف رواتب الموظفين المدنيين، لتمتد إلى بقية الفئات المجتمعية، من خلال تعثر مرافق ومؤسسات الدولة الاجتماعية والخدمية، بما فيها التعليم والصحة والمياه، نتيجة غياب الموظفين، وذلك إضافة إلى ظهور سلسلة مديونية في المجتمع، حيث وجد أن أكثر من 80 % من الديون لمؤجري المساكن وفق تقارير رسمية اطلع عليها "العربي الجديد"، رصدت تأثير أزمة انقطاع الرواتب، وتفاقم الأزمة الإنسانية على اليمنيين.

وقال المستشار القانوني المتخصص بتوثيق العقارات وتحرير عقود الأراضي محمد صالح، "إن العقارات تتصدر القطاعات الرائجة منذ نحو ثلاث سنوات، وسط التوسع في عمليات البناء والارتفاع القياسي في أسعار الأراضي والعقارات وإيجارات المساكن".
لذا فهناك انفلات في هذا السوق وفق حديثه، التي خرجت عن سيطرة الجهات المختصة التي اصطدمت مؤخرًا بالأجهزة القضائية التي اعتبرت ما يسمى بالمنظومة العدلية التي تنفذها سلطة الحوثيين في صنعاء للإشراف على السوق العقارية، وعمليات تحرير عقود بيع وشراء الأراضي والعقارات.

ووصلت حدة الأزمة العقارية وإيجارات المساكن إلى إقدام مؤجرين على الاعتداء على مستأجرين لديهم، واستعانة البعض بنافذين لطرد مستأجرين بحجة تراكم الإيجارات، وتأجيل دفع الإيجار الشهري لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، بينما تستقبل الجهات القضائية باستمرار قضايا لمستأجرين يشتكون من مضايقة مؤجرين لهم، بحجة مطالبتهم بدفع الإيجار وفق عقود جديدة يريدون تحريرها معهم، أو دفع إيجارات متأخرة منذ عامين.

ويؤكد أحد المواطنين أنّه يخوض صراعًا شديدًا مع مالك العقار الذي يستأجره، والذي قرّر طرده ما لم يقم بدفع المتأخرات التي عليه منذ عامين بنسبة زيادة 15 ألف ريال، إذ وصل الأمر إلى الأجهزة القضائية للفصل بينهما.
بينما يفيد المواطن عادل المنتصر بأنّه يواجه صعوبة بالغة في الحصول على عقار للإيجار، بعد رفض كثير من ملاك المساكن والعقارات الذين قاموا برفع مضاعف للإيجارات، وتشديد الشروط في عقود الإيجارات.

ويرفض كثير من ملاك العقارات منح عقود إيجارات إلا بعد التأكد من المستأجر، ومستوى دخله، وما إذا كان يعمل، وتقديمه ضمانة ملزمة بدفع الإيجار، ووضع مبلغ مالي، وتقديم تسليم إيجار لثلاثة أشهر.

في ذات الصدد، يؤكد الخبير في السوق العقارية عبد القادر جعفر، عدم وجود أي حلول لحماية المواطنين المتضررين من هذه التداعيات التي تسببت بها الحرب والصراع الدائر في البلاد، فلا حلول يمكن تنفيذها حاليًا إلا بإيقاف الحرب والصراع، والبدء بتنفيذ إجراءات معالجة للأوضاع الإنسانية المتدهورة، ودفع رواتب الموظفين المدنيين المتأخرة، وأيضًا مضاعفة رواتبهم بالنظر إلى تضرر رواتب الموظفين من انخفاض قيمة العملة التي خسرت أكثر من 70 % من قيمتها.

وظلّ اليمنيون لسنوات طويلة ضحايا لإجراءات عقيمة ومتهالكة، وقرارات غير مدروسة في التخطيط، والأراضي، والبناء، ورصف الشوارع، والفوضى العارمة في عملية التخطيط، وإنزال المخططات، وكذلك جحيم الأراضي المرتفعة بشكل مبالغ فيه، مع انتشار بعض الظواهر المؤثرة، مثل العشوائيات، كما يلاحظ ذلك في آخر ثلاث سنوات في عدن، في ظل تكون ما يقارب 12 منطقة عشوائية سابقًا في صنعاء، وتزامن انهيار العملة في اليمن مع ارتفاع مستويات التضخم، وانكماش حاد في متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى نحو 60.2 %.

ويعود انكماش الدخل في الآونة الأخيرة إلى الآثار السلبية للحرب الجارية، وما ترتب عليها من أضرار وأزمات اقتصادية واجتماعية، وعلى رأسها أزمات الطاقة والسيولة وسعر الصرف التي أدت إلى فقدان القوة الشرائية، وعمقت انكماش النشاط الاقتصادي، وتركت أكثر من نصف الأسر تعتمد على الائتمان في شراء الغذاء.

"العربي الجديد"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى