لمن نقرأ آيات الشكر؟

> للحرب وجه واحد تكشر بشاعته في وجوهنا كل لحظة، ولن تتوقف معاناتنا حتى تضع هذه الحرب أوزارها، ونتحرر من الوصايا، فالمسؤولون عنها ما فصلوا البلاد على مقاس مصالحهم وأراحونا، ولا تركونا نقرر مصيرنا ونعيش في سلام.

فخامة الرئيس (عبدربه) فكك الدولة الفاشلة، وعجز عن إعادة تركيبها، فرحل (علي)، وفر نظامه وأحزابه وبرلمانه وفساده وراء (عبدربه) الذي أصبحت دولته غرفة في فندق، وعاصفة التحالف أتت لإعادة شرعيته إلى صنعاء، وبعد سبع سنوات أصبحوا يخوضون معركتهم المصيرية لكي لا تسقط مأرب، وفي الأخير ذهبوا جميعهم يستجدون الحوثي، ويبحثون عن تسوية تحفظ ماء وجوههم، وأعظم منجزاتهم أننا مازلنا على قيد الحياة.

نكفر بالشرعية جنوباً وشمالاً، وإذا كان الأشقاء في التحالف يستضيفونها برئيسها وحكومتها ولصوصها وذبابها، ويعلفونهم في فنادقهم، ويستخدمونهم كسلعة أو ورقة سياسية لضمان مصالحهم وأمنهم القومي، فهذا شأنهم، وقد لا ننكر عليهم حقهم في استقرار أوطانهم وتوفير حياة كريمة لشعوبها، ولكن يجب ألّا يكون ذلك على حساب عقاب شعب بكامله في الداخل، ومن الوقاحة أن يطالبنا أحدهم بأن نقرأ آيات الشكر على المعاناة، وتكريم مثوانا.

منذ بداية الحرب وطوال السنوات الماضية، والبلاد تشهد أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث، وذلك بشهادة المنظمات الدولية التي أطلقت أكثر من نداء استغاثة، وتحذير من مجاعة تفتك بشعبها الفقير، والمرة الوحيدة التي رأينا فيها الشرعية وحكومتها يتحركون بضمير منذ هروبهم، هي عندما بددوا الوديعة من البنك المركزي، وسمسروا بقوت وجوع شعبهم، وبعد أن تجاوزت قيمة الدولار (1000) ريال، وقرار رفع الجمارك إلى 100 %، فعلى التحالف أن يدرك أن مصيرنا واحد، وسنتعلق في رقابهم إلى يوم القيامة، فسماؤنا وبحرنا وبرنا تحت وصايتهم، والبند السابع يكفل أكلنا وشربنا ورواتبنا، وحقنا في حياة كريمة، فلم تعد قطمة السكر ودبة الزيت والفاصوليا تكفي لإعادة الأمل.

في الجنوب حفظنا معروف الأشقاء، وتحالفنا معهم بشرف، ولكننا اليوم نشعر بأنهم ينظرون لنا كبضاعة في سوق سياستهم، وصفقة في مشروعهم الاستراتيجي البعيد، ونظنهم يروننا شعباً متمرداً من إرث (لينين)، ولا نستحق إلا أن نقاتل ونجوع بالوكالة عنهم، فلا يمكن أن نراهم يشاركون في سلبنا حياتنا وأحلامنا وخبز أطفالنا، ثم نتعامل مع مواقفهم بحسن نية.

لعق شفتيه، وظهرت ابتسامة على طرف فمه، وقال: "رئيسنا المناضل طيب، ويهتم بمعاناة شعبه، ولكن الحلقة الضيقة الفاسدة تشوه مواقفه".
نعتقد أن هذا المنطق العبيط لا يصنع قائداً أو يأتي بدولة عادلة، وحياة كريمة، بل يجعلنا نتجرع الكأس نفسه، فإذا كانوا لا يستطيعون اختيار بطانة نظيفة، فكيف نثق بهم، ونأتمنهم على مصير شعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى