"حدق".. ثغرة محتملة قد توقع القوات الجنوبية في فخ وتمكّن الحوثي من الوصول إلى العُر

> تقرير / صالح لجوري:

>
  • ماذا يجري في حدود يافع؟ الاستعدادات القتالية والإخفاقات
  • 3 تكتيكات تتبعها مليشيات الحوثي في مسرح انتشارها على الحدود
  • هل يجبر التحشيد الحوثي قبائل يافع على اقتحام البيضاء؟
المعطيات العسكرية على الحدود بين يافع الجنوبية والبيضاء الشمالية تؤكد نية جماعة الحوثي اقتحام أرض يافع القبلية والعسكرية، بطريقة تأمل الجماعة أن تكون بأقل تكلفة، لعلمها قوة وشراسة رجال يافع واستبسالهم في المعارك في مختلف مراحل الصراعات والحروب، وصعوبة تضاريس مناطقها، وتعلم أيضًا أن رجال القبائل في يافع يفضلون الموت دون الاستسلام أو احتلال أراضيهم ، هذا ما عُرف عن قبائل يافع على مر العصور.

إدراك جماعة الحوثي للخلفية التاريخية لقبائل يافع ومراسهم في الحرب دفعها إلى اتباع تكتيك عسكري وسياسي غاية في الخطورة، إذ تركت الجماعة مناطق آل حميقان تقاوم فترة طويلة وتعاملت معها بأسلوب الكر والفر، وعندما شعرت جماعة الحوثي بالخطر استخدمت أسلوبًا تكتيكيًا مختلفًا عن السابق، من خلال استدراج العدو، وكشف مواقعه، ومن ثم الهجوم المستميت بقوة وكثافة بشرية ونيرانية تفوق قوة ونيران الطرف الآخر بعشرات الأضعاف (أي أضعاف مقاومة آل حميقان)، ولا يزال هذا الأسلوب التكتيكي والتمويهي والاستخباراتي وحركة الانقضاض السريعة معمول بها على حدود يافع.
صورة لعدد من أفراد وحدات العمالقة
صورة لعدد من أفراد وحدات العمالقة

ماذا يجري.. وكيف؟
مهما مكث الحوثي في البيضاء أو استمرت المقاومة أو القبائل أو المعسكرات فيها سيكون الهدف التالي يافع.
لقد بدأ هذا التخطيط مبكرًا منذ احتلال البيضاء، وتم تحديث وتطوير خطة الجماعة تدريجيًا وفقًا للمعطيات، وأصبحت هذه الخطط حيز التنفيذ عند استكمال السيطرة الكاملة للجماعة على مناطق آل حميقان المحاذية والمترابطة مع مناطق يافع.

ما هو الحاصل على مسرح العمليات؟
1 - الانتشار التمويهي بطريقة غير ملفتة للأنظار في القرى والتجمعات المحيطة بيافع، بهدف استطلاعها وكسب الولاءات بالترهيب والترغيب، واستخدام بعض القضايا المثيرة للعداوات، وإذكاء الصراعات المناطقية على الحدود، واستخدام بعض الحوادث التي جرت على الحدود مع الأجهزة الأمنية.
2 - استغلال التخادم بين جماعة الحوثي وعناصر من الإخوان والجماعات المتطرفة للدفع بها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية على الحدود، ومن ثم المناطق الرئيسة في الداخل اليافعي.

3 - استخدام الآلة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية من جهة، ومن جهة أخرى الإعلام الحربي الميداني والشائعات والخدع الاستخباراتية، والتسريب للمعلومات المغلوطة المحبطة للطرف الآخر.
4 - يؤكد مراقبون كثر ومتخصصون في الشأن العسكري، أن جماعات الحوثي توحي لاتباعها والمجتمعات التي سيطرت عليها، وهي العامة والمقاتلين الذين ينقصهم التعليم، ويسيطر على عقولهم الجهل وشهية الفيد، من خلال تصوير المناطق والحوادث البسيطة، حتى مع رعاة الأغنام، أن دخول يافع أصبحت مسألة وقت لا غير، وأنها محاصرة من جميع الاتجاهات، لدعمهم معنويًا، وتحفيزهم على القتال على الرغم من التضحيات.
خارطة لمواقع التماس ومحيطها
خارطة لمواقع التماس ومحيطها

5 - تستخدم جماعة الحوثي ثلاثة أنواع من التكتيك:
- تكتيك مكشوف على الحدود توحي أنه هو المعتمد للمواجهة.

- وتكتيك بديل لعمل حركات انقضاض سريعة وتصويرها إعلاميًا،
- وتكتيك قتالي بقوات مختلفة غير الموجودة في خطوط التماس للمرحلة النهائية من الهجوم والحسم في بعض الأوقات والأماكن، بحسب ما تم كشفه في معارك البيضاء وغيرها.

6 - وهذه الجزئية تنقسم إلى:
(أ) نشطت قوات الحوثي في حدود يافع بنفس هذه الأساليب التكتيكية، حيث يعتمد التكتيك الأول على المناورة المكشوفة، وعمل التحصينات المتقدمة، واستفزاز الطرف الآخر، والمخاطرة لاقتناص الفرص بالحصول على مواقع مهمة، تساعد على تأمين أي هجوم محتمل على خصمها، وتبقى في حالة تأمين من الخلف لقواتها، حيث تبقى هذه القوات المتقدمة أو المكشوفة في أماكنها، أو تعمل تحصينات للبقاء وقت أطول.
صور لفعاليات الدوري الرياضي في حد يافع بالقرب من الجبهة
صور لفعاليات الدوري الرياضي في حد يافع بالقرب من الجبهة

(ب) التكتيك الثاني تنطلق قوة مصغرة قابلة للتعزيز إن تمكنت من احتلال مكان ما، والصمود والتمترس فيه، وقد تكون في معظم الأوقات من فرق الاستطلاع المدربة، بالإضافة إلى قناصين ومهندسي ألغام وغيرها. تكون مهمة هذه القوات بدرجة رئيسة التصوير في الأماكن التي تواجدت فيها، وتسجيل بعض المقابلات والكلمات التي تؤكد أن الموقع أو المكان تحت سيطرتها، فإذا شعرت بالخطر انسحبت، أو تحولت إلى أماكن أقل خطرًا، وإن لم تشعر بذلك أو لم تتعرض لمقاومة عنيفة أعطت الإحداثيات لتمشيط محيطها المضاد، وبقيت في مواقها لفترة تمكنها من حماية نفسها والدخول في مرحلة جديدة، هي التنسيق مع قيادة السيطرة لإطلاق التكتيك الثالث، وهو الهجوم الشامل للمنطقة، أو الموقع المستهدف، وهذه الأساليب تستخدم على مراحل تكتيكية متفاوتة منها ما يستغرق أسبوعًا، وأخرى شهرًا، وبعضها أيامًا قلائل، وهناك في خط مزدوج بين الخطط التكتيكية الثلاث هو عبارة عن خط رجعة، وتمركز وتفاوض ومناورة وهدنة ومهادنة وتنازلات في بعض الأوقات، وهذا الخط المزدوج يستخدم في حالات ثلاث، فشل الهجوم والتكتيكات الثلاثة، أو المناورة السياسية أو الخداع التحولي التكتيكي لمسار العمليات في مسرح المعركة.

7 - تفعيل دور العمل الاستخباري، والاستطلاع الاستراتيجي، وما يتعلق بهما من مهمات. إطلاق الشائعات والترهيب والترغيب، واستغلال بعض وسائل التخادم مع عناصر شاذة إخوانية، وغيرها في المحيط الجغرافي لمسرح العمليات من جهة، والتخادم الإعلامي الإخواني وغيره، لترويج الشائعات، وتضليل الرأي العام من جهة أخرى.

*حدق والعُر والهضبة*
قد يتبادر إلى أذهان بعض الأخوة القادة أو القبائل أن مليشيات الحوثي اتخذت من هذه المواقع المتقدمة متارس دفاعية لحماية قواتها من تنظيم القاعدة وداعش، كما تذيع تلك المليشيات الحوثية بين أوساط الناس من خلال – التخادم - بينها وبين مصادرها، وتقول إنه لا يوجد لها أطماعًا في مناطق يافع الرئيسة، بل ستقف في هذه الحدود كنقاط حدودية بين دولة الحوثي في الشمال ودولة الانتقالي في الجنوب. وهذه هي (الخديعة) بعينها. كما أكدت ذلك مصادر عسكرية محايدة في وقت سابق، والحقيقة الواضحة للقارئ الحصيف للأوضاع على أرض الواقع، سيجد أن المليشيات اتخذت هذه المواقع لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة على الأقل في الوقت الحاضر، وتتمثل هذه الأهداف في الاتي:
العميد صالح السيد وهو يقوم بضبط أحد النواظير لرشاش متحرك
العميد صالح السيد وهو يقوم بضبط أحد النواظير لرشاش متحرك

أولًا: الهدف الأول بدرجة رئيسة السيطرة على خطوط الأمداد، وفتح ثغرات للوصول إلى مواقع استراتيجية في الداخل اليافعي، وتأمين أي هجوم محتمل على الهضاب المترابطة مع جبل العر الاستراتيجي، ومن ثم الجبل نفسه، وبهذا الأسلوب المتقدم بشكل كات كونا، وهي آلة كانت تستخدم قديمًا لضبط قياس الزوايا، وبالإمكان وصف هذا الأسلوب التكتيكي المتقدم بنصف الدائرة حول المواقع الاستراتيجية المذكورة آنفًا، والنصف الثاني من الدائرة المواقع نفسها، وهذا يشكل خطورة بالغة، والشق الثاني من الهدف الرئيس هو التقدم باتجاه مثلث مفترق الطرق سباح، ذي ناخب، طريق رصد القارة، وفصل يافع السفلى عن العليا، وبالمناسبة ذكرنا للقارة قلعة الصمود والفروسية والعقول التي حولت أمراء الحروب وأئمة السطو من أمراء حروب، وقادة جيوش استعمارية إلى مشايخ شعوذة كهنوتيةلا تجرؤ على مقاومة قبيلة مجتمعة في أي مكان في الشمال أو الجنوب، منذ نحو خمسمائة عام، حيث تعرضت جيوش الأئمة وأمرائها لأسوأ الهزائم والنكبات والبطش على أيدي سلاطين آل عفيف.

*ثانيًا: خلق فوضى خلاقة بين القبائل وكسر معنوياتها من خلال إيعاز المليشيات بطريقة غير مباشرة للقبائل بأن القيادات العسكرية الجنوبية المتواجدة في يافع وعدن لا يهمها قبائل يافع، ولا أراضيهم بدليل سكوتها عن الخروقات والاستفزازات التي تقوم بها المليشيات وقربها من مناطقهم.
*ثالثا: إعطاء رسالة للرأي العام المحلي والدولي بأن مليشيات الحوثي تواجه القاعدة، وتكافح الإرهاب على حدود يافع، وتصور للعالم أن القاعدة موجودة، وأن تمركز المليشيات على حدود يافع هو لحماية مناطق سيطرتها من تنظيم القاعدة.

*التخادم مع الإخوان*
يرى مراقبون أن هناك شائعات تخدم جماعة الحوثي يتم تسريبها إلى العامة في يافع، وخاصة الحدودية منها، حيث تدعي أن قوات كبيرة نوعية تتجمع في البيضاء، وبمسميات خرافية كثيرة، تستعد لمهاجمة يافع، وهذه المسميات والخرافات الأسطوريةلا وجود لها على أرض الواقع، إنما توجد قوة عسكريةلا يمكن إنكار تواجدها كأي قوة معروفة للمليشيات.

*مصادر الشائعات*
يؤكد عسكريون تحدثنا إليهم أن مصدر هذه الشائعات المعادية عناصر إخوانية ضالة، سواءً كانت في الداخل اليافعي والجنوبي، أو في مأرب وقنوات الإخوان، حيث ظهرت بعض المنشورات والرسائل في بعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل تحرض أفرادًا من مقاومة آل حميقان المنسحبين من مواقع القتال ضد الأجهزة الأمنية بيافع، وهي شبيهة برسائل سابقة كانت من خلالها تكشف مواقع المقاومة للمليشيات بطريقة خبيثة، انتهت بسيطرة مليشيات الحوثي على مناطق المقاومة، وكذلك تقوم بإصدار بيانات وتصريحات باسمهم، أي المقاومة، تدعي ظلم الأجهزة الأمنية لأفراد المقاومة المنسحبين من آل حميقان تارة، وتارة أخرى تدعي حوادث لا أساس لها من الصحة، والحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها أن أفراد مقاومة آل حميقان الحيفيين، وخاصة مقاومة الحبج، تعتبرهم يافع جزءًا لا يتجزأ منها، بالإضافة إلى تقديم الرعاية والإيواء لهم بقدر المستطاع.
صورة لرئيسة جمعية نساء يافع الجبهة ومعها عدد من القيادات المحلية للانتقالي في مؤخرة الجبهة
صورة لرئيسة جمعية نساء يافع الجبهة ومعها عدد من القيادات المحلية للانتقالي في مؤخرة الجبهة

*خيبات المليشيات*
لقد أخفقت مليشيات الحوثي وتمادت بالأخطاء عندما قصدت يافع القبيلة، ووجهت سهام عدائها واستفزازها للقبيلة اليافعية، بعكس نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، فعلى الرغم من استحواذه وهيمنته وامتلاكه لمقدرات دولة الجنوب والشمال. إلا أنه لم يعادي قبائل يافع بشكل علني على الرغم من استخدامه سياسة فرق تسد لوقت طويل، فقد بنى تحالفات وعلاقات إنسانية قوية مع القبيلة. فهذا الأسلوب الذي تتخذه جماعة الحوثي لن يخدمها في الحاضر والمستقبل؛ لأنها ستجعل من جميع قبائل يافع مشروعًا للشهادة؛ بل وسيزيدهم حمية وصمودًا وصلابة.

إن استهداف يافع كقبيلة من قبل جماعة الحوثي كان ذلك بقصد أو بدونه يعتبر من أكبر الأخطاء السياسية والاستراتيجية والإنسانية. ومن أخطاء جماعة الحوثي في حدود يافع والبيضاء هو إسناد القيادة لشخصيات متحولة من حزب إلى حزب، ومن جماعة إلى جماعة، عرفت لدى العامة بانتهازيتها للمواقف والأزمات للإثراء والارتزاق، وتكن عداوات شخصية لبعض قبائل يافع دون أي أسباب منطقية.
صورة لعدد من القيادات العسكرية في الجبهة
صورة لعدد من القيادات العسكرية في الجبهة

ومن الأخطاء المكشوفة لجماعة الحوثي تفعيل دور التخادم مع مليشيات الإخوان، التي تمارس عدائها المكشوف لأبناء يافع، وعملته طوال الفترات السابقة كدينمو محرك للصراعات، وتعطيل الكثير من المشاريع والخدمات، ووسائل التعليم، وإشعال الفتن الداخلية، ومحاولاتها الفاشلة في إحلال أخلاقيات وسلوك محل الأخلاقيات والسلوكيات التي يتمسك بها سكان يافع منذ فجر البعثة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم.

*استعدادات يافع*
يافع قبائل لديها مخزون بشري متمرس على فنون القتال بكافة أنواعه منذ قديم الأزل، ومضت على يافع مراحل كثيرة من الحروب والصراعات استفادت من إيجابياتها، وراجعت سلبياتها بهدف الإصلاح والتعلم.

تستعد يافع استعدادًا قتاليًا عاليًا منذ وقت مبكر لمواجهة أي مخاطر عدائية لجغرافيا يافع القبيلة، ولم تكن هذه الاستعدادات في هذا العام؛ بل بدأت مطلع العام 2011م، حيث أدركت قبائل يافع أهمية امتلاك السلاح الحديث، وتدريب المقاتلين على مختلف أنواع الأسلحة، لحماية قبائلها وحدود جغرافيتها، ولم تكن ليافع مطامع في حدود أو أملاك الغير مطلقًا، بل كانت يافع عونًا وسندًا لكل من استنجد بها. وما دفع بيافع إلى التزود بالسلاح وتدريب مقاتليها هو لإدراك رؤساء القبائل ومقادمتها وأعيانها بالمتغيرات التي طرأت على المنطقة الجنوبية واليمنية والعربية بشكل عام.. في ظل الثورة الجنوبية السلمية والمسلحة، وما رافقها من أحداث وصراعات، حيث أن يافع القبيلة لها حضورها الفعال والقوي في ثورة الجنوب، وكان العام 2011 محطة مهمة في التحولات الاستراتيجية من السلمية والمدنية إلى الحركات المسلحة، حيث دربت القبائل في العام 2012 نحو عشرة آلاف مقاتل على الأسلحة الثقيلة من فئة الشباب، واستمرت الاستعداد بوتيرة عالية وتدريبات، لعلم يافع أن المرحلة خطيرة، وتتطلب الاستعداد في كل مناحي الحياة، ففي العام 2011 أثبتت التجارب عندما اقتحم عدد بسيط من طلائع المقاومة معسكر العر الحرس الجمهوري، الذي كان يمتلك قوة بشرية وأسلحة فائقة ونوعية، وتم إسقاط هذا المعسكر في غضون أيام قليلة، على الرغم من وجود التحصينات والمدفعية والدبابات والأسلحةوالتدريب العالي لمعسكر الحرس الجمهوري، ولم تشارك يافع عامة؛ بل فصيل من طلائع المقاومة المسلحة فقط.

في هذا العام 2021م يبدو أن قبائل يافع استعدت استعدادًا كاملًا، ليس للدفاع عن يافع فقط؛ بل قد تسفر الأيام القادمة عن مفاجآت، حتى أن قبائل يافع لا يهمها وجود قوة عسكرية أو جيشًا من الناحية الاستراتيجية؛ لأنها واثقة كل الثقة بما تمتلكه من قوة بشرية وعسكرية قادرة على صد ومجابهة أي قوة تتعدى حدودها.

أكد الكثير من أبناء يافع المهتمين والقائمين على زمام الأمور الحربية... أن يافع على استعداد تام وبجاهزية قتالية عالية، ويقصد هنا قبائل يافع سواءً تواجدت معها قوات عسكرية من غير القبائل أو لم تتواجد، مضيفين: نحن لدينا القوة التي تدافع عن حدودنا، وعلى استعداد أن نعزز أي جبهات أخرى خارج يافع. مثمنين بكل تقدير وعرفان تواجد بعض الوحدات العسكرية الجنوبية بكل مسمياتها في حدود يافع إلى جانب القبائل، شاكرين اهتمام الرئيس القائد العام للقوات المسلحة والأمن الجنوبية اللواء عيدروس الزبيدي.

كثيرة هي المشاهد التي قابلتها في الحدود بعضها مؤلمة، وأخرى تزيل كل الآلام، ففي موقع المارد هكذا اسم الموقع؛ لأن الحكايات قديمًا تحكي أن هذا المكان مسكون بالجن، ولا أحد يقترب منه من الأهالي أو الرعاة، ولكننا وجدنا فيه شباب لا يهمهم جنًا ولا عفاريت، ولا يكترثون للخرافة.. سألتهم ما اسم الموقع قالوا اسمه موقع المارد قلت: لماذا هذه التسمية؟ قالوا يخوفوننا بالجن، ونحن المارد لهذا أسميناه المارد، قلت هل تعرفون تضاريس هذه الجبال والقرى المحيطة؟ أجابوني نعم ونحن لها، قلت: هل ينقصكم شيئًا لكي أبلغ القيادة أو الناس ليساعدوكم؟ قالوا نعم، ينقصنا الأوامر، نريد أن تسمح لنا القيادة بمهاجمة مواقع الحوثي،لا نريد أن نبقى هنا دون حرب!!

قلت يا شباب الحرب تأكل مالًا ورجالًا، إذا كان عدوكم مهادنًا إلزموا المهادنة، حتى يقضي الله أمًرا كان مفعولًا، ردوا علي: والله إننا نثمن كلامك عاليًا ونحترم مجيئك، ولكن والله إننا ملينا من الصبر، نريد نتخلص من هذا الكهنوت، ونخلص الناس من شره في المناطق المجاورة لنا.. يقصدون آل حميقان، قلت نسأل الله أن يعينكم ويكتب لكم السلامة، قاطعني أحدهم قائلا: قل الشهادة.. قلت أريد لكم السلامة والنصر قبل الشهادة، قالوا والله ثم والله إننا أقسمنا جميعنا في هذا الموقع على كتاب الله إننا لا نعود إلى أهلنا وقرانا إلا منتصرون أو شهداء. قلت نسأل الله لكم النصر.
مدير أمن الحد صالح الداوودي
مدير أمن الحد صالح الداوودي

*رأي يافع عند الحرب*
في طريق عودتي من الحدود كنت في لقاء بالصدفة مع أحد الشيوخ المسنين المعمرين بيافع، يدعى الحاج محمد ناصر عثمان، أشار علي الشباب أن أتحدث إليه، قلت له هل ممكن يا والدي أن آخذ معك صورة تذكارية أو أعمل لك صورة منفردًا فاعتذر قائلًا أنا لا أتصور، ولم أتصور إلا مرة واحدة في حياتي عند ما أخذني أحفادي للحج فقط! قلت طيب لا عليك، أريد أن أسألك عن رأيك في الحرب، ويافع هل تعلم أن قوات الحوثي على الحدود؟ قاطعني إيش هذا الحوثي؟ هذه قوات الزيود والأئمة؟ قلت قد انتهوا الأئمة! قال انتهوا عندك أو في مخيلتك أما نحن نتقاتل معهم منذ خمسمائة سنة! قلت طيب ما هو رأيك في قتال اليوم، رد علي اليوم غير الأمس!! قلت لصالح يافع أو ضدها، ضحك ضحكة ساخرة لصالحنا يا بني. قلت كيف؟! قال مهما رأيت يافع مشتتة المشورة والرأي، فيافع يجتمع موقفها ورأيها عند الحرب، ولا خلاف على ذلك وكما يقول، «المثل ادع اليافعي ولا تشاوره في الحرب، سلمت عليه سلام الوداع وتركته مع فتية من الأطفال الصغار وأنا أردد أصحيح هذه يافع يجتمع رأيها وموقفها عند الحرب.. كل الإجابات على أرض الواقع تقول لي نعم.. وسننتظر الأيام القادمة فلعلنا نرى ذلك في الميدان كما سمعناه.

*أخطاء القادة
لاشك أن لكل قوة عسكرية وقادة سلبيات وإيجابيات عرفها من عرف وجهلها من جهل، فالعارفون بشؤون الحرب والعسكر يشهدون بأن القيادات العسكرية المتواجدة في حدود يافع خاصة منها التي سقلها الميدان وبرزت للمشهد العسكري في العام 2015م لها تجارب ميدانية مشهودة في أكثر من معركة، وأثبتت جدارتها وشجاعتها، بالإضافة إلى تحقيق انتصارات في ميادين مختلفة، ولكن لدى هذه القيادات سلبيات وأخطاء كبيرة، ربما تكون غير مقصودة، قد تكون بسبب افتقار بعض وليس كل هذه القيادات للخبرة أو عدم قدرتها الكاملة الإحساس بالمسؤولية في حدود يافع، ويجب معالجة الأخطاء والسلبيات والتخلص منها بدون زعل أو غرور، نحن في حالة حرب وأهمها عدم الاستماع إلى صوت العقل، وأهل الخبرة، والاعتماد على محسوبيات الأقارب، والمحاصصة القروية، وتهميش كثير من التخصصات والأدوار المهمة في سير العمليات العسكرية، لأن جبهة يافع تختلف كليًا عن باقي الجبهات.

*تساؤلات
من خلال تجولنا في أكثر من مديرية وموقع عسكري واجهتنا كثير من التساؤلات لشخصيات مهمة نورد أهمها:

1 - كثيرون يقولون أين هذه التخصصات في جبهة يافع، أم أن الدعم والمخصصات تذهب في غير طريقها، يقولون نحن بحاجة إلى جهاز إداري وفني وميداني للإرشاد والتوجيه المعنوي الحقيقي المتخصص الذي يتنقل من جبهة إلى أخرى، وفي المدن والقرى يرد على الشائعات والتسريبات، ويعمل تحديث، وتحفيز للمعنويات، وهذا الجهاز يجب ألا يقتصر على ابن عم القائد فلان، أو المحسوب على فلان، نحن بحاجة إلى جهاز متكامل،وإذا لم يبادر القادة العسكريون والمؤسسات العسكرية، على يافع أن تبادر من ذات نفسها في أسرع وقت، ويتم توفير الإمكانيات للضباط المتخصصين في هذا المجال.

2 - نتساءل أين إدارة التعبئة العامة، نحن بحاجة إلى إدارة متكاملة للتعبية والتجهيز والترتيب التعبوي بالتنسيق مع إدارة التوجيه المعنوي فنحن نتساءل أين هذا؟
3 - إين جمعيات يافع ومؤسساتها ومجموعاتها الداعمة لماذا اختفت وصمتت في جبهة يافع، وهي ما انفكت من الهرولات والشطحات في كل مكان لتقديم الدعم هنا وهناك، نقول جبهة يافع تناديكم، وكما يقال: (الأقربون أولى بالمعروف).

4 - يتساءل كثير ممن التقيناهم أين جهاز الأمن الداخلي، إذا كانت جبهات الحدود قوية ومتماسكة، فنحن بحاجة ماسة إلى جهاز أمن داخلي، خاصة في المديريات الحدودية، لمكافحة الجواسيس والمتسولين ومروجي المخدرات، فهذه الثلاث الفئات تتجول بكل أريحية دون حسيب أو رقيب.. أين الأجهزة الأمنية؟
أين الشرطة وإدارات الأمن؟ أم أن اهتماماتهم مقتصرة على ضرائب وجبايات القاطرات فقط.

*موقع استراتيجي وفخ محتمل
لا يختلف اثنان من أصحاب الخبرة بالعمليات القتالية والمواقع العسكرية أن مواقع السملان وهضاب الصدر أو السدر المطلة على جبال وعقبة حدق من الجهة الجنوبية والمحاذية لمناطق الهضبة وبلد آل الحيد من الجهة الغربية الجنوبية تشكل خطورة بالغة ويجب عمل الاحتياطات وإخمادها في أسرع وقت إن لم يتم التموضع بها من قبل القوات الجنوبية أو التنسيق مع مقاومة الحبج باستلامها بمساعدة القوات الجنوبية، وهذا ما أكده خبراء عسكريون كثر. ونشرت الصحف المهتمة بالشأن العسكري تصريحات وتحذيرات بأهمية وخطورة هذا الموقع، أهمها صحيفة "الأيام"، التي نشرت الأسبوع الماضي تصريحًا لخبير عسكري متقاعد ومحايد، أيضًا من أبناء البيضاء، يحذر ويفند تحذيراته بخصوص هذا الموقع.

هنا يتحدث الخبير العسكري العميد الخضر جيلان الذي شارك في حروب 79، 72 مع الشمال قائلًا "لم أعلم ولم أرى أن أي نظام في الجمهورية العربية اليمنية وصل إلى هذا الموقع، يقصد مواقعي السملان وحدق، إبان التشطير بين الدولتين، وكانت تتمركز قوة بسيطة للجمهورية العربية في سوداء غراب المطل على الزاهر في منطقة لجردي، وكانت آخر نقطة أمنية وجمركية بالقرب من محطة كهرباء البيضاء، ويعتبر موقع سوداء غراب موقعا المراقبة للشمال يبعد عن حدود يافع بنحو 5- إلى 6 كيلو مترات ليس لدي حساب دقيق للمسافة، أصحاب المدفعية هم يعرفون المسافة، بإمكانك سؤالهم، وكانت تأتي دوريات في طقم إلى المضبي شرقًا، أو إلى منطقة المجريش شمالًا وهي مناطق شمالية، وأكثر هذه الدوريات كانت تقع لقمة سائغة في أيدي المخابرات الجنوبية، على الرغم من أنها في حدود الجمهورية العربية. ما يهمني هنا هو المواقع المستحدثة من قبل مليشيات الحوثي في مرتفعات السملان والجبال المطلة على حدق، بكل تأكيد هذا الموقع استراتيجي ويشكل خطورة بالغة في حالات الاشتباك".

ويضيف "هذا الموقع يمكنه الامتداد شرقًا، وتتويه القوات في الجبال الشاهقة للقضاء عليها والمناورة، بالإضافة إلى أنه يمكن حصوله على الإمداد البشري والمواد الغذائية والعتاد من طريق وادي الحنكة السملان، وهذا الوادي طريق مشاه في أيامنا، لكن لا أعلم الآن هل تم شق طريق السيارات أم لا؟ وهذا الوادي يبدأ من نهاية وادي الطلح القريب من الزاهر، ومرتبط جغرافيا من الشمال بجبل سوداء غراب، ومن الجنوب بجبال الحنكة بمعنى أدق هذا الوادي مخفي عن نيران القوات الجنوبية إلا المدفعية إذا توفر الاستطلاع في المنطقة، وبإمكان هذا الوادي أن يمد هذه المواقع بالإمدادات لبقائه فترات أطول، بالإضافة إلى أنه يوجد في الوادي الذي يطل عليه الموقع خزان مياه، وأشجار القات الكثيفة، وأشجار أخرى تسهل التخفي والمناورة" يتابع بالقول "لو كان الحوثي يريد تأمين قواته فقط لاكتفى بنقطة أمنية في أسفل وادي الطلح لكن الهدف ليس هذا".

*الخلاصة*
من كلام الخبير العسكري نخلص إلى أنه يجب التنبه والحذر والتخطيط لكل الاحتمالات، كما يجب ألا يركز القادة والقبائل على هذه المواقع فقط؛ بل يجب أن يضعوا لها ما يجابهها، والالتفات والتركيز على الجبهات الأخرى، فربما تتخذه مليشيات الحوثي فخًا كبيرًا لاستدراج القوات والثقل العسكري إلى مناطق محيطة بهذا الموقع للانقضاض عليها بسهولة، وحشد هجوم قوي من نسقين مزدوجين، واختراقها للوصول إلى جبل العر، لأن أي هجوم على القوات الجنوبية في هذه المنطقة بالذات سيكلف خسائر بشرية كبيرة، ولكنه بكل تأكيد لن ينجح، وستتصدى له القبائل والقوات العسكرية؛ لأنهم أصحاب الخبرة بالتضاريس، وذو عزم شديد، خاصة القبائل التي تحيط بحدود هذه المواقع، مثل آل الحيد وقبائل آل جوهر وآل حدق وسباح وآل هرهرة وآل المرفد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى