وكيل وزارة المالية: الاقتصاد يقترب من الانهيار والخسائر تتجاوز 60 مليار دولار

> «الأيام» الفجر:

> يستمر تراجع العملة اليمنية يوما بعد يوم بشكل غير مسبوق، حيث يشكو المواطنون باليمن من أن هذا الانهيار للريال اليمني أدى إلى ارتفاع الأسعار، وبات هناك هم ثقيل ومأساة كبيرة تستوجب الحل العاجل.

وللوقوف على أسباب انهيار العملية باليمن ومعالجة الاقتصاد اليمني، قال وكيل وزارة المالية باليمن الدكتور نصر صالح الحربي، إن أي ضخ للعملة دون غطاء حقيقي أو سياسات نقدية مدروسة تمنع الآثار السلبية المترتبة عن هذا الإجراء على مفردات الاقتصاد الكلي ومستوى المعيشة لأفراد المجتمع سيشجع على تفشي حالات الفساد وتوسيع دائرته في ظل البيئة القائمة حاليا.

وأضاف نصر، في حوار خاص لـ"الفجر"، أن صندوق النقد الدولي يتبع سياسات وآليات محددة ومعروف لجميع الدول الأعضاء، لا سيما تلك التي لديها تجارب وممارسات مشتركة، وتبنت معه برامج إصلاحات اقتصادية متعددة، واليمن كعضو في الصندوق، ويصنف من الدول الأقل نموا، إذا ما رغب في الدخول مع الصندوق في برامج تمويل مشتركه لابد وأن يخضع لشروطه وسياساته.

وإليكم نص الحوار:
◄ كيف ترى خطوات البنك المركزي اليمني في عدن بعد وضع لائحة جديدة خاصة بتنظيم أعمال شركات ومحلات الصرافة؟

- إن أي خطوات أو سياسات إيجابية لتنظيم أعمال شركات ومحلات الصرافة باليمن وغيره مرحبا بها في اوساط المجتمع من ناحية، ومن قبل الكيانات الاقتصادية المختلفة من ناحية أخرى؛ على الرغم من أن مثل هذه الخطوات كان ينبغي أن يتم اتخاذها مبكرا وعند نشوء الظاهرة وليس عند استفحالها، ومن هنا سيظل التحدي أمام البنك المركزي في مدى قدرته على خلق الآليات المقبولة لضمان تنفيذها ومواجهة مستويات العرض ومتطلبات السوق وتجاوز معضلة وجود سعرين للعملة المحلية، هذا إلى جانب نجاعة السياسات النقدية التي سيتخذها البنك لتحقيق التوازن في السوق وضبط الأسعار من خلال تفعيل وتعزيز آليات الرقابة والسيطرة على أنشطة وأعمال البنوك التجارية وحفزها لاستعادة دورها في الحياة الاقتصادية ومساهمتها في تحريك عجلة النمو والتنمية.

◄البنك المركزي اليمني يعيد فئة الألف ريال للأسواق لمواجهة فساد الحوثي.. ما تعليقك على هذا القرار؟
- في الحقيقة إن أي ضخ للعملة دون غطاء حقيقي أو سياسات نقدية مدروسة تمنع الآثار السلبية المترتبة عن هذا الإجراء على مفردات الاقتصاد الكلي، ومستوى المعيشة لأفراد المجتمع سيشجع على تفشي حالات الفساد وتوسيع دائرته في ظل البيئة القائمة حاليا، حيث أن ضخ العملة لمواجهة التزامات الإنفاق الجاري سينعكس سلبا على مستويات العرض النقدي وبالتالي على معدلات التضخم الذي سيؤثر على القدرة الشرائية لجمهور المستهلكين، مما يؤدي في الأخير إلى انزلاق جزء كبير من السكان إلى مستويات ما تحت خط الفقر وتفشي حالات المجاعة وسوء التغذية.

◄ ما رأيك في قرار صندوق النقد الدولي بتخصص أكثر من نصف مليار دولار لتعزيز احتياطات البلاد الأجنبية ودعم الريال اليمني؟
تخصيص صندوق النقد الدولي لأكثر من نصف مليار دولار جاء نتيجة لموافقة مجلس محافظي الصندوق مطلع شهر أغسطس 2021 م على توزيع عام لما يعادل 650 مليار دولار من وحدات السحب الخاصة لدعم السيولة النقدية للدول الأعضاء ومنها اليمن التي حصلت على ما نسبته 0.085 ٪ من إجمالي القيمة الخاضعة للتوزيع، وهذا المبلغ لاشك من إنه سيدعم الريال اليمني إلى حد ما إذا ما أحسن تخصيصه وكفاءة استخداماته طبقا لسياسات مالية ونقدية واضحة وشفافة على المدى المتوسط، لاسيما أن هدف الصندوق المعلن هو معالجة للاحتياجات الدولية متوسطة وطويلة الأجل بغية بناء الاحتياطيات للدول الأعضاء وتعزيز وضع الاقتصادات الدولية واستقرارها، وضمان تعافيها في ظل انتشار جائحة كورونا المستجد والعابر للقارات.

◄ ماذا يعني وجود سعرين للعملات الأجنبية في اليمن؟
وجود سعرين للعملة يعكس حالة الوضع القائم غير الطبيعي منذ ثلاثة أعوام خلت، لكنه في المقام الأول يعكس إخفاق البنك المركزي في اتخاذ السياسات والمعالجات الجادة لمواجهة ذلك الوضع وهو الأمر الذي ساهم بشكل سلبي على الأوضاع الاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين واستنزاف ثرواتهم ومدخراتهم كضريبة ضمنية لصالح فئات محدودة، التي غالبا ما يكون مثل هذا الوضع مجالا خصبا لتنمية وزيادة ثرواتها.

◄إنقاذ الاقتصاد باليمن مهمة شاقة هل يدعمها صندوق النقد الدولي؟
لاشك في أن إنقاذ الاقتصاد اليمني يشكل تحديا كبيرا لا ينفع معه دعم الصندوق منفردا دون تكاتف وتكامل جهود مجتمع المانحين لإنقاذ الاقتصاد اليمني وحشد الدعم اللازم له وضمان إعادة إعماره وفي مقدمتهم الأشقاء في دول الخليج، وذات الفائض إلى جانب المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة والدول الشقيقة والصديقة الأخرى.

◄صندوق النقد والبنك الدوليين لديهما اشتراطات عديدة قبل تقديم أي دعم لليمن.. حدثني حول هذا الأمر؟
نعم صندوق النقد الدولي يتبع سياسات وآليات محددة ومعروف لجميع الدول الأعضاء لا سيما، تلك التي لديها تجارب وممارسات مشتركة وتبنت معه برامج إصلاحات اقتصادية متعددة، واليمن كعضو في الصندوق ويصنف من الدول الأقل نموا، إذا ما رغب في الدخول مع الصندوق في برامج تمويل مشتركة لا بد أن يخضع لشروطه وسياساته، حيث سبق أن كان لليمن تجربة مع الصندوق لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والإداري مطلع عام 1995م، الذي أخفق في تحقيق أهدافه في بعض المجالات، فيما حقق مكاسب في مجالات أخرى، إلا أنه لم يتم المحافظة لاحقا على مثل هذه المكاسب وتعزيزها بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي واجهته اليمن خلال العقدين الماضيين من الألفية الثالثة.

إن الاقتصاد اليمني اليوم يقف على حافة الانهيار، ويعيش أسواء حالاته الأمر الذي يتطلب تظافر كل الجهود المخلصة والعاجلة محليا وإقليميا ودوليا لضمان استعادة نهوضه وتعافيه والحيلولة دون انزلاقه إلى الهاوية لا سمح الله.

◄ برأيك ما هي الوسائل التي تساعد على النهوض بالاقتصاد اليمني؟
هناك عدد من الوسائل للنهوض بالاقتصاد الوطني، ولكن قبل إيجاد الوسائل لابد من وقف الحرب والعودة إلى طاولة الحوار السلمي التي تجمع الأطراف المؤثرة، وذات الثقل على الأرض للوصول إلى حلول مرضية للقضايا والحقوق المطالب بها دون تسويف أو مماطلة أو استعلاء.

◄أما الوسائل اللازمة للنهوض بالاقتصاد الوطني فأن أهمها مايلي:
_ حشد الموارد اللازمة لإعادة الأعمار والتعافي الاقتصادي.

_ وضع السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية اللازمة لاستعادة وحفز النمو الاقتصادي.

_ تأمين مصادر الحصول على النقد الأجنبي وبناء احتياطيات دولية تساهم في دعم الريال وتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي واتجاهات التنمية الاقتصادية إلى جانب دعم الأشقاء في منطقة الخليج العربي والمنظمات الدولية ذات الصلة وباقي الدول الشقيقة والصديقة.

إزالة التشوهات والاختلالات الهيكلية القائمة في الاقتصاد الوطني وموازين الداخلية والخارجية ورفع مساهمة القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي والحد من الاعتماد على العالم الخارجي في سد احتياجات البلاد من السلع والخدمات الأساسية وتقنين غير الأساسية.

تنويع مصادر متحصلات الدولة من النقد الأجنبي والتحرر من الاعتماد على المصادر القائمة (النفط والغاز والتحويلات الخاصة) والتي تتحكم بها عوامل وسياسات خارجية يصعب التحكم بها أو التأثير عليها.

_ تحقيق وتثبيت الاستقرار السياسي.

_ مكافحة أوجه الفساد بكافة أشكاله وصوره وحوكمة الاقتصاد وتحقيق الشفافية وعدالة التوزيع للموارد العامة.

_ دعم وتشجيع القطاع الخاص لتبني سياسات وإجراءات اقتصادية قابلة لرفع واستدامة النمو الاقتصادي على المدى القصير والمتوسط والطويل.

_ تحسين شروط التبادل التجاري مع الدول الشقيقة والصديقة والتكتلات الاقتصادية المختلفة.

◄ كيف تسببت مليشيا الحوثي بتفجير شرارة التدهور الاقتصادي باليمن؟
تشير المعطيات والمعلومات المتوفرة إلى أن الاقتصاد الوطني قد بدأ بالتدهور منذ اندلاع حرب صيف عام 1994م وما أفرزته من حالات عدم الاستقرار السياسي وتعيق أزماته الداخلية، وصولا إلى حالات الحروب والفتن اللاحقة المستمرة حتى اللحظة، التي استفادت منها الحركة الحوثية، وانتهزتها فرصة لتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة لتدخل اليمن بعدها في أزمات ثقيلة الأعباء، أدت إلى تدهور مخيف في كل المجالات تتحمل في نهاية المطاف نتائجها الأطراف المتحاربة وداعميهم مجتمعة.

◄ ما هي خطوات معالجة التدهور الاقتصاد باليمن؟
إن خطوات معالجة التدهور الاقتصادي في اليمن تكمن في:

_ وقف الحرب والأعمال القتالية فورا.

_ استعادة دور البنك المركزي وحياديته واستقلاليته في رسم السياسات النقدية ودعم العملة واستقرار الأسعار والإشراف على أنشطة النظام المصرفي واستعادة دوره ومراقبة أنشطة وأعمال الشركات والهيئات المالية ومحلات الصرافة المنتشرة بشكل واسع وغير طبيعي.

_محاربة الفساد والإفساد القائم في أجهزة الدولة وتفعيل دور الأجهزة الرقابية الرسمية والشعبية.

_ استئناف تصدير وتطوير استخراج واستغلال الموارد الطبيعية (النفط والغاز والمعادن...الخ) وتعزيز بناء الاحتياطيات بالعملات القابلة للتحويل لدعم العملة المحلية ورفع قوتها الشرائية.

عودة سلطات أجهزة الدولة للعمل في الداخل.

_ إلغاء وجود سعرين للعملة المحلية.

_ ضبط وتحصيل الموارد وتوريدها إلى الخزينة العامة وترشيد الإنفاق العام وتحقيق الانضباط المالي.

◄ كم بلغت خسائر الاقتصاد اليمني بسبب انقلاب الحوثي؟
لا توجد حتى الآن إحصاءات أو تقارير رسمية لحجم الخسائر جراء الحرب بقدر ما توجد توقعات غير رسمية تشير إلى حجم الخسائر تتجاوز 60 مليار دولار.

◄ ما أسباب انهيار العملية اليمنية؟
هناك أسباب عديدة تكمن وراء انهيار العملة لعل أهمها:

_ آثار الحرب القائمة وعدم الاستقرار السياسي.

_ استنفاد احتياطيات البلاد من العملات القابلة للتحويل.

_ انحسار وتقلص مصادر متحصلات النقد الأجنبي.

_ ضعف الاهتمام بتحصيل موارد الدولة وتوريدها إلى حساب الحكومة العام والاعتماد المفرط على عملية السحب على المكشوف وضخ العملة المحلية الجديدة إلى السوق دون غطاء وبكميات تفوق حجم النقود اللازمة لتغطية المبادلات المالية والاقتصادية والنفقات اللازمة لتشغيل أجهزة الدولة في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الشرعية.

_ ارتفاع حجم النفقات العامة والعجز الكلي واتساع حجم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني بشكل عام والموازنة العامة بشكل خاص.

_ تراجع معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مستويات سالبة.

_ ارتفاع مدفوعات الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي لمواجهة الواردات السلعية والخدمية.

_ وجود سعرين للعملة المحلية والتنازع على تحصيل الموارد المتاحة والاستحواذ عليها من قبل طرفي الحرب.

_ارتفاع مستوى الطلب على العملات الخارجية لأغراض مختلفة وازدياد حدة المضاربة عليها في ظل محدودية المتحصل منها.

_ انهيار النظام المصرفي وتفشي ظاهرة انتشار محلات الصرافة الرسمية وغير الرسمية لغرض المضاربة بالعملات وجني الأرباح.

_ عدم قيام البنك المركزي بواجباته المناطة به قانونا تجاه استقرار الأسعار والمحافظة على القوة الشرائية للعملة الوطنية.

_ انتشار الفساد والإفساد في معظم أجهزة الدولة والحكم.

_ تغييب وتهميش أجهزة الرقابة الرسمية وصدها عن تأدية مهامها القانونية.

_عدم المراقبة وضعف الإشراف على الأنشطة والبرامج التي تنفذها المنظمات والهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في اليمن كالإغاثات الإنسانية والبرامج التنموية الصغيرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى