أكثر من 110 قتيل وجريح في انفجار خزان وقود بلبنان

> بيروت "الأيام" أ.ف.ب:

> ​قُتل 28 شخصاً على الأقلّ وأصيب نحو ثمانين آخرين بجروح جراء انفجار خزان وقود في شمال لبنان أثناء تجمع العشرات حوله للحصول على القليل من البنزين في بلد يشهد أزمة نقص حاد في المحروقات.
وأدت الكارثة الجديدة، التي حلّت على بلد يعاني منذ عامين من انهيار اقتصادي متسارع، إلى اشتداد الضغط على المستشفيات المرهقة أساساً، ما تطلب إجلاء جرحى إلى خارج البلاد.

وأسفر الانفجار، الذي وقع في بلدة التليل في منطقة عكار الأكثر فقراً في لبنان، عن مقتل 28 شخصاً، وفق وزارة الصحة.
كما أدى، بحسب الصليب الأحمر، إلى إصابة نحو 80 آخرين بجروح مع استمرار وجود مفقودين.

وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس "هناك كميات كبيرة جداً من الأشلاء والكثير من الجثث التي لم نتمكن من تحديد هويتها" بسبب تفحمها، مشيراً إلى أن الجهات المختصة ستبدأ إجراء فحوص الحمض النووي.
وفي أحد مستشفيات عكار، قال الموظف ياسين متلج لفرانس برس إن الجثث التي وصلت كات "محترقة إلى حدّ لا يمكن التعرف إليها. بعضها بلا وجوه وبعضها بلا أيادٍ".

في مستشفى السلام في طرابلس، ازدحمت منذ ساعات الصباح الأولى غرفة الطوارئ بأهالي الضحايا، منهم من يبحث عن مفقود لديه، ومنهم من يحاول أن يطمئن الى جريح، ومنهم من تبلغ عن وفاة قريبه، وبينهم عائلة سورية فقدت شاباً توفي متأثرا بجروحه ولا يزال شقيقه مفقوداً.
تجلس أم إلى جانب ابنها الذي احترق كامل جسده مرددة عبارة "لا تتركنا"، فيما يبكي رجل آخر بدون توقف داعياً الله أن ينقذ ولده.

وشاهد مراسلون لفرانس برس في المستشفيات شباناً ضمد الأطباء أجسادهم بالكامل. وشاهد مصور لفرانس برس في بيروت طوافة تنقل مصاباً بحالة حرجة وقد اضطر الأطباء لانعاشه.
وانفجر خزان الوقود، بحسب الجيش اللبناني، قرابة الساعة الثانية فجراً بعدما "كان قد صادره الجيش لتوزيع ما بداخله على المواطنين".

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن غالبية الضحايا من الذين تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لوالد مفجوع يبكي بعدما فقد ولديه، ويردد "ماذا أقول لأولادي؟ هل أقول لهم أن شقيقيهما ماتا من أجل البنزين؟". ويضيف بغضب "الله لا يوفق هذه الدولة.. يحرق قلبهم مثلما حرقوا أولادنا".

التهريب
لا يزال سبب اندلاع الانفجار مجهولاً. وتداولت وسائل اعلام وسكان روايتين احداهما تتحدث عن شخص أشعل ولاعة، وأخرى عن اطلاق نار.
وأثار الانفجار غضباً كبيراً في عكار، وعمد شبان إلى إحراق منزل يُعتقد أنه يعود إلى صاحب الأرض التي كان فيها خزان الوقود.

وإثر اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع لبحث تداعيات الانفجار، أصدر المجتمعون برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون توصيات بينها ضرورة اصدار مرسوم لتكليف القوة الامنية والعسكرية والشرطة "فرض رقابة على مصادر الطاقة وتوزيعها.. لشهر واحد".
كما اتفق المجتمعون على تأمين المشتقات النفطية اللازمة لعمل المستشفيات.

وجراء أزمة المحروقات المتفاقمة، يصدر كل يوم في لبنان تحذير من قطاع ما. وينتظر اللبنانيون منذ أسابيع لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت.
وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجياً عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية.

وتفاقمت الأزمة أكثر مع إعلان مصرف لبنان الأربعاء رفع الدعم عن المحروقات، ما أحدث هلعاً بين الناس، إذ إن كل شيء مرتبط بالمحروقات، ورفع الدعم يعني احتمال ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
ومع الفوضى المخيمة خلال اليومين الماضيين والزحمة للحصول على البنزين والمازوت قبل دخول القرار حيز التنفيذ، تدخل الجيش اللبناني لفتح محطات الوقود ومصادرة المحروقات المخزنة، وملاحقة تجار السوق السوداء.

ويربط مسؤولون أزمة المحروقات بعاملين رئيسيين هما مبادرة تجار وأصحاب المحطات الى تخزين الوقود، وتزايد عمليات التهريب إلى سوريا المجاورة.
ودعا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر الاحد "الجهات الأمنية والقضائية والرقابية الى القيام بدورها في منع كل أشكال التهريب والتخزين منعاً لوقوع كارثة أخرى".

"وقت الحساب"
وبسبب أزمة المحروقات وغياب الصيانة والبنى التحتية، تراجعت تدريجاً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً.
ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبيرة جراء شراء المازوت من السوق السوداء.

وعلى وقع الأزمة، حذرت مستشفيات عدة من احتمال إغلاق أبوابها في حال لم يتوافر المازوت اللازم لتشغيل المولدات الخاصة. وتعاني المستشفيات أيضاً من هجرة الأطباء والممرضين ونقص حاد في الأدوية.
وفي مستشفى السلام، قال أحد ابناء عكار بغضب مفضلاً عدم الكشف عن اسمه الكامل، "أعتقد أنه بعد الذي حصل سيبدأ وقت الحساب، لكن المهم اليوم مساعدة المستشفيات".

وأعلن وزير الصحة حمد حسن في مؤتمر صحافي إنه سيتم إجلاء ثمانية جرحى على الاقل إلى دول بينها تركيا والكويت.
وأعربت دول عدة عن تضامنها مع لبنان. ودعت وزارة الخارجية الروسية إلى "تحقيق سريع وعميق" في الحادثة.

ودعا الملك الأردني عبد الله الثاني في بيان إلى "استحداث خطة شاملة ... للعبور بلبنان إلى بر الأمان". وأكد "استعداد الأردن لتقديم أي مساعدة مطلوبة لعلاج المصابين".
وجراء الأزمة الاقتصادية الحادة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بات 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.

ويحمل لبنانيون الطبقة الحاكمة مسؤولية الإنهيار الاقتصادي وما مرّ عليهم خلال العامين الماضيين من أزمات، على رأسها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، والذي تبين أنه ناتج من احتراق كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة لسبع سنوات في المرفأ بعلم مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين عديدين، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً.
ومنذ استقالة حكومة حسان دياب بعد انفجار المرفأ، تحول الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تنفذ إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى