الطلب يزداد رغم ارتفاع الأسعار

> المواطن يتلذذ عندما يأكل من خيرات بلده سواء داخل بلده، أو خارجه وتصله إلى البلد الذي يعيش فيه، فتجده بكل فخر يقول بالعامية هذا "بلدي"، أي أنه من أرض الوطن الذي نحبه ونتمسك بترابه ولن نتخلى عنه، فهذا المزارع يزرع وذاك الراعي يرعى ماشيته، وتلك الحاجّة تربي دجاجها وأغنامها وكل منطقة بوطننا تتميز بشيء عن غيرها بسبب التغير المناخي، لكن عندما نجمع كافة منتجات وطني نصل إلى الاكتمال الغذائي الذي تحتاجه كل أسرة مهما اختلفت قدراتها ومستواها المعيشي.

فعلاً ما ينقصنا بوطننا هي البيوت الزراعية للمنتجات التي لا تزرع بأرضنا، وكذلك المصانع التي تحول بعض المنتجات الزراعية إلى معلبات ويتم استيرادها حالياً، حيث العقول البشرية والمبدعة موجودة ومتسلحة بالعلم والمعرفة ويمكنها تجهيز دراسة الجدوى والخطط والبرامج لإنشاء مثل هذه البيوت الزراعية والمصانع، لنتمكن من توفير كافة احتياجاتنا محلياً بدلاً من استيرادها وخسارة العملة الصعبة، لكن الأمر الصعب هو رأس المال الذي لم يتحرك بهذا الاتجاه بدءاً بالحكومة التي لا يوجد ضمن برامجها وخططها أي توجه لمثل هذه المشاريع التي ستخدمها قبل أن تخدم المواطن والمزارع، وكذلك تخوف أصحاب رأس المال الوطني والذين للأسف كما نلاحظهم جميعاً أنهم مثلما بدأوا حياتهم العملية بالتجارة استمروا بها وإذا توسعوا في تجارتهم فنجدهم يتوسعون في مشاريع مثل الاستيراد أو الفنادق أو العقارات أو الاستهلاكية مثل الحلويات والعصائر التي يستهلكها الأطفال والمياه، وكذلك المنتجات الورقية

ولكننا للأسف لم نجد رجال مال وأعمال أقاموا مصانع تعمل على إنتاج معلبات مما تزرعه أرضنا أو نستخرجه من بحارنا بخلاف مصانع التونة، فمثلاً رغم الارتفاع الجنوني لأسعار الأسماك هذه الأيام، فإذا كانت هناك مصانع تعمل على بيع الأسماك بنفس الطريقة التي نشاهدها في أركان الشوارع بالحافات ويغلف بطريقة مميزة ويحفظ مبرداً بأوزان مختلفة، فهنا سنجد أن سعره سينخفض بشكل كبير، لأنه سيتوفر بكميات تغطي السوق وزيادة، لأن المستثمر هو من سيصطاد السمك ويحوله إلى السوق مغلف بطريقة حضارية ونظيفة، ونفس الشيء للمنتجات الزراعية مثل الطماطم التي يمكن أن تحول إلى معجون بعبوات، وكذلك المربى الذي يسمى "جام".

وهنا أؤكد أن ما هو اليوم غالي الثمن بسبب أو آخر فغداً إذا أنشأت المصانع بوطننا، سيؤدي إلى انخفاض أسعارها لأنها ستتوفر طوال العام، وستكون المصانع هي من تتفق مع المزارعين الذين سيتأكدون من أن منتجاتهم ستباع ولن تتلف، وربما هو من ينشئ مزارع لتغطية إنتاج مصانعه، وهذا ينعكس على الأسماك وحظائر الدجاج وغيرها من المنتجات الزراعية والحيوانية.

ولا بد من إيقاف التصدير لكافة المنتجات المحلية ولا مانع من تصديرها بعد أن نحقق الاكتفاء المحلي بالوقت الحالي ولاحقاً من خلال ما تنتجه مصانعنا، حتى العسل والفواكه تطبق عليهم كافة طرق التغليف والحفظ ليتوفر على رفوف أسواقنا المحلية طوال العام بأسعار تستطيع يد المواطن البسيط الذي يعمل باليومية وموظف الدولة الوصول إليها وتذوقها حتى بالأسبوع مرتين إن لم يكن كل يوم بالتنويع في اختياراته.

فما نشاهده اليوم في بعض أركان شوارع حافاتنا من ازدحام وتهافت على شراء الأسماك واللحوم وبعض الفواكه، ما هو إلا من الطبقة المترفة، وليس للمواطن البسيط سوى أن يشاهد بعينيه عند مروره بجانبهم وتوقفه لسؤاله عن سعرها لا أكثر، فمن السبب بألم المواطن البسيط؟ هل سببه سوء تخطيط وإدارة من الحكومة في السماح بتصدير المنتجات قبل أن يحدث تشبع بالاكتفاء المحلي، أم ندرة العرض من المنتجات البحرية والزراعية وزيادة الطلب عليها، أم الدولار ومحبوه وحراسه؟ لا نعلم عن الإجابة رغم أن بحارنا وأرضنا تنتج كميات هائلة تفوق التوقعات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى