أزمة وجودية تهدد حزب المؤتمر في الذكرى الـ 39 لتأسيسه

> عدن «الأيام» العرب

> ينظر إلى حزب المؤتمر الشعبي العام على أنه أحد أهم الفاعلين السياسيين في اليمن، لكن الحزب يعيش على وقع انقسامات وخلافات حادة بين مكوناته تهدد مستقبله السياسي، خاصة منذ مقتل زعيمه الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح وأمينه العام عارف الزوكا على أيدي الحوثيين.

يصادف الرابع والعشرون من أغسطس من كل عام ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أنشأه الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح في عام 1982، وتحول بعد إعلان الوحدة اليمنية إلى مظلة سياسية لصالح عدد من القيادات السياسية والاجتماعية في اليمن.

وتمر ذكرى تأسيس الحزب الـ39 هذا العام في ظل تحولات سياسية متسارعة تعصف بالمشهد اليمني، وحالة تشظي وانقسام غير مسبوقة بين قيادات الحزب تفاقمت بعد مقتل مؤسسه علي عبدالله صالح وأمينه العام عارف الزوكا في ديسمبر من العام 2017 إثر مواجهات خاطفة مع الجماعة الحوثية في صنعاء.

ويؤكد مراقبون أن انقسام المواقف إزاء الجماعة الحوثية والحرب وقيادة الحزب، بالإضافة إلى تغليب عدد من قيادات المؤتمر لمصالحهم الشخصية على حساب وحدة الحزب، كلها قضايا وعوامل تهدد مستقبل أكبر حزب سياسي يمني يتمتع بقاعدة شعبية عريضة.

ويعاني حزب المؤتمر من حمى الانقسامات التي تفاقمت بعد مقتل مؤسسه وغياب أي شخصيات قيادية قادرة على ملء الفراغ الذي خلفه علي عبدالله صالح.

تعرض حزب المؤتمر الشعبي منذ العام 2011 لموجات متلاحقة من الانشقاقات والانقسامات، حيث شهد الحزب أول موجة نزوح خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد وطالبت بإسقاط النظام.

وترافقت احتجاجات 2011 مع إعلان عدد من قيادات الحزب وكوادره الاستقالة، وهي الظاهرة التي وصفها رئيس الحزب آنذاك بأنها صحية لتطهير المؤتمر من القيادات والعناصر التي كان ينظر إليها كأحصنة طروادة تابعة لأحزاب أيديولوجية أخرى ولم يجمعها مع المؤتمر سوى كونه حزب السلطة في تلك الفترة.

وعانى الحزب من هزة أخرى داخلية بعد تخلي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن السلطة بموجب المبادرة الخليجية التي نصت على نقل السلطة إلى نائبه. وشهدت تلك الفترة بوادر صراع بين صالح والرئيس عبدربه منصور هادي على زعامة حزب المؤتمر، غير أن الأمر لم يستمر طويلا مع تسارع الأحداث وتداعياتها وصولًا إلى اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 واندلاع الحرب بعد ذلك في مارس عام 2015.

وشهد حزب المؤتمر الشعبي العام في تلك المرحلة حالة انقسام كبيرة على خلفية الموقف من التحالف مع الحوثيين وعملية “عاصفة الحزم”، التي تلتها مغادرة عدد متزايد من قيادات الصف الأول في الحزب نحو العاصمة السعودية الرياض.

على الرغم من خطورة حالة الانقسام والتشظي البطيئة التي عانى منها حزب المؤتمر الشعبي العام بين الفترة من 2011 وحتى 2015، إلا أن علي عبدالله صالح ظل الشخصية المحورية التي تلتف حولها قواعد المؤتمر والقسم الأكبر من قياداته التنظيمية إلى حين مقتله على أيدي الحوثيين.

وترك مقتل رئيس المؤتمر وأمينه العام فراغًا هائلًا في هرم الحزب، حيث فاقم الأمر من حالة الانقسام وعمق من التمايز بين عدد من أجنحته التي ظهرت في القاهرة والرياض وأبوظبي وصنعاء، وسط غياب أي شخصية سياسية قادرة على جمع شتات الحزب.

وعلى أنقاض معركة “الثنية” التي قتل فيها صالح والزوكا، عملت الجماعة الحوثية على استئناف المؤتمر لنشاطه في صنعاء، لكن كتابع وليس شريكا من خلال دعم إعلان قيادة جديدة للمؤتمر موالية لها وتتبنى مواقفها في القضايا الرئيسة مع هامش ضئيل للتمايز.

وفي الرياض فشلت جهود التحالف العربي في لملمة قيادات الحزب المتناثرة المناهضة للحوثيين، نتيجة لاختلافات وتباينات سياسية يعود بعضها إلى العام 2011، في ظل وجود مخاوف متزايدة من سيطرة جماعة الإخوان على قرار المؤتمر وعودة شخصيات منشقة إلى الواجهة تحت غطاء الشرعية.

ويؤكد مراقبون سياسيون يمنيون أن جيوب المؤتمر التي نشأت في عواصم عربية أخرى عانت من غياب أي رؤية سياسية لإعادة المؤتمر إلى واجهة العمل السياسي، حيث اكتفت بعض القيادات المنفصلة في الغالب عن قواعد الحزب بالمتاجرة بالمواقف السياسية بهدف الحصول على مكاسب شخصية، من خلال الاصطفاف مع أطراف إقليمية على خلفية التجاذبات حول الملف اليمني.

ويرى هؤلاء أن ظاهرة استغلال حالة الفراغين التنظيمي والسياسي برزت بشكل واضح من خلال محاولة شخصيات هامشية في الحزب لعب دور يفوق تاريخها السياسي والحزبي، واختطاف صفات تنظيمية ليست حقيقية أو مستحقة.

تمر ذكرى تأسيس الحزب في ظل تحولات سياسية متسارعة تعصف بالمشهد اليمني ذكرى تأسيس الحزب التاسعة والثلاثون تمر في ظل تحولات سياسية متسارعة تعصف بالمشهد اليمني.

عن الصورة التي يبدو عليها الحزب في الذكرى الـ39 لتأسيسه، يؤكد عبدالحفيظ النهاري، نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر، في تصريح لـ ”العرب” أن "الحزب تعرض لتحديات كبيرة داخلية وخارجية، حيث كان التكالب عليه كيديًا وخاطئًا بفعل تحريض غير موضوعي من بعض القوى المتطرفة والأيديولوجية يمينًا ويسارًا، والتي لم تستسغ وسطية المؤتمر الشعبي العام واعتدال نهجه، ونظرًا لسياسته الشعبية الوطنية التنموية”.

يقول النهاري إن “عجز المعارضة السياسية والقوى التقليدية عن مجاراة المؤتمر ديمقراطيًا وتنمويًا وشعبيًا قد شكل عقدة سياسية وشعورًا بالعجز تحول إلى حقد سياسي على المؤتمر وقيادته التاريخية، لا ينسجم بأي حال مع التمشي الديمقراطي ولا مع الشراكة ولا مع شعبية المؤتمر واتزان مواقفه على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”.

ويضيف أنه “نظرًا لضعف صلة تلك الأحزاب الأيديولوجية انتخابيًا وشعبيًا راهنت على الأجندات الخارجية، الأمر الذي جعل المؤتمر يواجه صعوبات كبيرة، في ظروف سادتها الفوضى على مستوى الوطن العربي، وتفكيك الأنظمة وتفتيت البنى الاجتماعية”.

وحول إمكانية لعب حزب المؤتمر الشعبي العام دورًا سياسيًا في المرحلة المقبلة كحزب موحد، يقول النهاري إنه “بعد عشر سنوات من الحرب والدمار والآلام والتمزيق الذي تعرض له الوطن من قبل الانقلابيين الإماميين، أو من قبل الجماعات المتطرفة الأخرى، يراهن الشعب اليمني اليوم على دور المؤتمر الشعبي العام وينتظر منه أن يساهم بخبرته وتجربته الوطنية في إخراجه من الوضع الراهن الذي يتعرض فيه الوطن لأكبر محنة في تاريخه الحديث”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى