​رؤية خاصة بشأن الحوار الوطني الجنوبي وآلياته

> بقلم/ صالح شايف:

>
صالح شايف
صالح شايف
حتى يثمرَ الحوار الوطني الجنوبي ونقتربُ سريعا من محطته الأخيرة، نقدّم هنا رؤيتنا الخاصة بنقاطها العشر لكل من يعنيهم الأمر كمشاركة واجبة ومساهمة متواضعة في إثراء الأفكار والآراء والآليات المطروحة بشأن الحوار الوطني الجنوبي، أملا بنجاحه الذي سيتوقف عليه مستقبل الجنوب وإلى حدٍ كبير وتتحدد مكانته في خارطة المتغيرات القادمة في المنطقة.

لقد بدأ فريق الحوار الجنوبي بالخارج المشكل بمبادرة وطنية من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لقاءاته ومشاوراته التمهيدية ونأمل له التوفيق في مهمته الوطنية هذه التي لن تكون سهلة بكل تأكيد مالم تتوفر لذلك عدد من عوامل النجاح التي نتصورها على النحو التالي:
أولا: نأمل أن تكون هناك خطة موضوعة لدى قيادة الانتقالي معدة للتنفيذ، مترافقة مع هذه المبادرة، مصحوبة بإرادة وطنية جادة ومسؤولة، لاتخاذ عدد من الخطوات ذات الطابع الوطني العميق، وتسهم برفع المعاناة عن شعبنا وإخراجه من دائرة الجحيم المفروضة عليه، بالتعاون والتشاور والتنسيق مع القوى والأطراف الجنوبية الأخرى التي يهمها أمر الجنوب والجنوبيين ومستقبلهم، مع ما يستلزمه ذلك  من الإجراءات والتدابير الفعّالة والحاسمة التي من شأنها معالجة الكثير من الملفات والأخطاء والسلوكيات غير المنضبطة وعلى أكثر من صعيد، وهي معروفة ومحل نقد وتذمر عند الناس ولن ندخل هنا بالتفاصيل.

إن الواجبَ الوطني والمسؤولية وظروف المرحلة وخطورتها تقتضي من قيادة الانتقالي الإقدام على تصحيح وتصويب بعض الأمور في نشاطه وإعادة هيكلة بعض هيئاته ودوائره ووسائله الإعلامية وغيرها، بما يجعل الطابع الوطني أكثر حضورا وبقوة ونوعية فاعلة وبعناصر سياسية مؤهلة بالاعتماد على معايير الكفاءة عند الاختيار، وقادرة على العطاء والتأثير  والفعل في مجرى الأحداث وبوعي كامل لا الانفعال بها، وبعيدا عن الطابع النمطي والوظيفي في الأداء الذي لا ينسجم مع الدور الوطني والكفاحي للانتقالي.

ثانيا: تجاوب وتفاعل وتعاون  كل الأطراف والشخصيات المستهدفة في اللقاءات التمهيدية وبروح وطنية عالية بما يسهم بإنضاج الظروف المطلوبة للانتقال إلى المرحلة التالية والحاسمة من الحوار. وأن يضع الجميع ما لديه من أراءٍ ومواقفَ دون تحفظ وبعيدا عن كل أساليب المناورات والمراوغات التي لا تخدم الهدف الوطني المشترك، فالوضوح مطلوب كما هو مطلوب أيضا الصدق والابتعاد عن التأويل للآراء والأفكار والرؤى المطروحة أو القراءة في نوايا الآخر التي قد تنطلق من قناعات مسبقة أو  فهم مغلوط لا تسنده الحقائق.

ثالثا:نجاح الحوار في الخارج، وبغض النظر عن بعض المبررات التي جعلت منه أولوية على الداخل عند قيادة الانتقالي، يتوقف، بدرجة رئيسية، على استئناف ومواصلة الحوار في الداخل؛ لأنه الأساس والمنطلق الطبيعي والمنطقي للفعل الوطني وبكل أبعاده، وعلى نحوٍ أوسع وأشمل وأعمق، وصولا إلى نتائجَ عمليةٍ متفق عليها تهّيء الانتقال السلس للمرحلة التالية من الحوار. ونعني بذلك تلك المحطة التي ستكون خاتمة للحوار وتحت أي مسمى يتفق عليه (مؤتمر الحوار الوطني الجنوبي أو لقاء الحوار الوطني الجنوبي الختامي أو الاجتماع الموسع للحوار الوطني الجنوبي… ألخ).

رابعا: ستكون المحطة الختامية، حسب رأينا، هي المعنية بالاتفاق على النتائج النهائية للحوار بمراحله المختلفة ووضع الاستراتيجية الوطنية الجنوبية الشاملة، بشقيها الآني والمرحلي والبعيد المدى، والتوافق كذلك على آلية وأجندة ونشاط القيادات التي ستُسند لها المهماتُ العملية اللاحقة بما في ذلك تكوين الوفد التفاوضي الجنوبي الموحد الذي سيمثل الجنوب في التسوية المنتظرة للحرب والأزمة في اليمن.

خامسا: سيكونُ من الصعب تصوّر الوصول إلى محطة الحوار الأخيرة ونجاحها دون مشاركةٍ واسعة في التهيئة التنظيمية والسياسية والإعلامية لها، وكذلك على صعيد إعداد وثائقها وآليات التحضير لها وبضوابط وآلياتٍ يُتفق عليها؛ تجنبا للتعثر ومنعا لأي تجاذبات قد تنعكس سلبا على مناقشات وجلسات الحوار الختامي، وهو ما يستدعي تشكيل لجان عامة وفرعية متخصصة يُتفق بشأنها.

سادسا: نرى من الأهمية، بل والضرورة الوطنية، أن يُصاغَ ميثاقُ الشرف بعد أن يتم التوافق على مجمل القضايا الرئيسية والجوهرية المرتبطة بثوابت القضية الوطنية الجنوبية المعروفة، حتى يكون ملزما للجميع وليس قبل ذلك، وبالتالي فإن من يخرج عليه أو لا يلتزم ببعض بنوده يكون قد أختار لنفسه الخروج عن الإجماع الوطني.

سابعا: لضمان نجاح الحوار وبكل مراحلة فإنه لابد من إشراك المجتمع وعبر مختلف نقاباته المهنية وهيئاته الاجتماعية المتنوعة ومنظماته ومؤسساته الجماهيرية بما في ذلك منظمات المجتمع المدني المختلفة في الجنوب، وعبر برنامج عمل محدد وآليات مناسبة تمكنها من إثراء الحوار والمساهمة الفاعلة في نجاحه والمشاركة المناسبة لها في التحضير والحضور اللائق بمكانتها في محطته الأخيرة، على أن يكون دور المرأة وحضورها مميزا وبما تستحقه ويليق بها ومكانتها، وكذلك الحال للشباب وطلاب الجامعات.

ثامنا: سيتوقف النجاح المأمول الذي يعلق عليه شعبنا أملا كبيرا في أن يكون محطةً تاريخية حقيقية للانطلاق نحو المستقبل بما يضع حدا وقطيعة مع الماضي ويفتح الآفاق واسعةً نحو الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، وهذا كله مرهون بمدى انتصار الذات الوطنية على ما عداها، بأن يتمثّل الجميع مصلحة الجنوب العليا وشعبه في حاضره ومستقبله. فإذا لم يوحدنا الجنوب وقضيته الوطنية وبكل أبعادها فلن توحدنا الرؤى والبيانات أو صيغة من هنا أو جملة من هناك تكون عادةً سببا للاختلاف والخلاف وإفشال أي جهد للتوافق.

تاسعا: إن السقف المفتوح للحوار سيمثل خطرا حقيقيا على الحوار نفسه بالنظر لعامل الوقت وتسارع الأحداث والتطورات الخطيرة المحيطة بالجنوب وفي داخله وانعكاساتها السلبية على  قضيته الوطنية ما لم يكن هناك جدولة مزمنه تأخذ بالحسبان كل ما سبقت الإشارة إليه وعلى محمل الجد، مع عدم الضغط على ما تستحقه بعض القضايا من الوقت اللازم على أن يكون ذلك ضمن الوقت المجدول وليس خارجه.

عاشرا: تستدعي الحاجة وضمانا لنجاح التحضيرات  المتعددة للحوار وبمحطاته المختلفة أن يتم التوافق على آلية العمل الإعلامي المواكب لكل ذلك وبآليةٍ وضوابطَ محددةٍ يُتفق عليها منعا للاجتهادات والأمزجة وضمانا لحيادية النشاط الإعلامي الخاص بالحوار، بحيث يصبح إعلاما وطنيا ينشد التوافق ويعظّم المشترك بين المتحاورين وينتصر لأهداف الحوار وغاياته الوطنية النبيلة.
إننا نأمل بأن يكبرَ الجميع وينتصرون على ذواتهم وشخوصهم ويحضر الجنوب ويشمخ بدواخلنا ويتسيّد عقولنا ومواقفنا لنبحر معا وسوية نحو غدٍ أرحب وأجمل يليق بشعبنا وتضحياته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى