متحور دلتا والموجة الثالثة والحكومة الراقدة

> مرّ علينا عام 2020 بكل ما به من أحداث درامية، ليأتينا 2021 بحلته الجديدة التي استبشرنا منها كل خير وبركة رغم أن جائحة كورونا خلدت أوجاعها بكل بلد ومدينة وشارع ومنزل حول العالم ولم تنتهِ، بل آثارها الاقتصادية مازالت مستمرة وقيودها مفروضة على الجميع وآلامها لم تهدأ، فما بالك بوطني الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم من صنع أبنائه.

وقد استبشرنا خيراً وابتهل العالم بظهور لقاح لهذا الوباء اللعين، لكن مخاطره لم تنتهي بظهور متحورات عديدة للفيروس الذي يعد أشد فتكاً ويتميز بسرعة الانتشار مما أجبر العديد من دول العالم كافة لاتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة للحد من انتشاره، وجهزت المعدات ورتبت فرقها الطبية ووفرت اللقاح وأعدت العقوبات للمخالفين من المواطنين، وبوطني تم تشكيل ‫اللجنة الوطنية العليا للطوارئ لمواجهته دون توفير أهم الاحتياجات لمواجهته للحد من انتشاره سواء بسن قوانين وأنظمة تلزم المواطنين بتطبيقها وعدم توفير تجهيزات ومعدات طبية ولا مراكز عزل تستوعب المصابين، ولا برامج السلامة والوقاية وأدواتها، وبقيت على عقد الاجتماعات وإعطاء التصريحات الصحفية.‬

وبالرغم من أن الميزانيات أعدت ورصدت من قبل الحكومة، إلا أننا لم نشاهد شيئاً على الأرض ما عدا اللقاحات التي وصلت من منظمة الصحة العالمية وكان تاريخ انتهائها لم يتبقَ له سوى ثلاثة أشهر، والكمية تم استخدامها قبل انتهائها الفعلي، لكن للأسف لم تكفِ للمواطنين حيث ينتظرون منذ أكثر من شهر اللقاحات التي وصلت نهاية الأسبوع الماضي، فهل ستكون مثل سابقتها مشارفة على الانتهاء؟ وهل ستكون الكمية كافية لكل المواطنون؟

يؤسفني القول إن "المتحور دلتا" أصبح يعيش بيننا دون أي دراية أو علم من الجهات الطبية والصحية بوجوده رغم أن الإحصائيات التي وصلتنا ممن لهم علم بالمستشفيات وأكدوا أن هناك أكثر من مائة حالة وفاة خلال الأسبوع الماضي وأعراضهم متشابهة وهم من كبار السن، فهذا يدل على أن هناك "وباء صامت" ولا يعلم به أحد، حيث إن جميع المختبرات تركز على فحص كورونا أما الفيروس المتحور ليس لدينا له أي فحوصات أو فهم بأعراضه، ويفترض على وزارة الصحة أن تنسق مع وزارة الإعلام لعمل نشرة توضيحية للأعراض التي تصيب الإنسان بسبب الفيروس كتوعية مباشرة للمواطنين سواءً عبر الإذاعة أو التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر البوسترات التي تلصق بجدران العيادات والمستشفيات مع عمل دورات للكادر الطبي بشكل عام والطاقم الطبي بشكل خاص، ليقوم بتشخيص حالة المريض بكل دقة عند ذهابه للمستشفى رغم عدم وجود المعدات الطبية والإمكانيات الطبية التي صرف لتوفيرها وشرائها الملايين، ولا نعلم عن سبب التأخر بوصولها كما سمعنا من المواطنين الذين يراجعون المستشفيات والعيادات بشكل مستمر.

وبما أن العالم المتطور يعمل البحوث والتجارب إلا أن المخاطر تزداد يومياً ونرى ونسمع أن حكومات الدول تعمل الضوابط الجديدة والتعليمات الرادعة مع برامج التوعية عبر كافة الوسائل الإعلامية، وكذلك دول من العالم الثالث تقوم بمثل هذه الإجراءات وحددت عمل المدارس ليكون عن بعد والعمل بواسطة الشبكة العنكبوتية ومن يلزم وجوده، فهناك شروط والتزامات على الموظف المطلوب عمله فعليه تطبيقها كل ذلك لأجل سلامته.

بوطني لم نرَ شيئاً من تلك الضوابط والتعليمات، لكننا بكل أمانة وصدق نسمع بها وكأنها "براءة للذمة" لا غير، فهل يعقل أن يتطور فيروس كورونا؟ والله أعلم إلى أين سيصل بنا، ورغم قصر عمر هذا الفيروس إلا أنه أفضل من حكومتنا الراقدة التي لم نرَ ونسمع منها سوى ما يعكر مزاج المواطن البسيط، وهل ينتظرون أن نظيف "المتحور دلتا" كسبب موت للمواطنين إلى جانب موتهم بسبب كورونا والفقر والجوع والأمراض المزمنة من سكر وضغط وأمراض القلب وغيرها من الأمراض؟

على ‫اللجنة الوطنية العليا للطوارئ لمواجهة كورونا كوفيد - 19‬ أن تفتح عينيها وأذنيها جيداً وتعرف كمثال لا حصر، أن مستشفى الصداقة الذي يعتبر هو مركز العزل الوحيد لا يوجد به سوى أقل من أربعين سريراً، ولماذا مراكز العزل الأخرى مغلقة؟ ولماذا لا تتم زيادة عدد الأسرة بمراكز العزل بكافة المحافظات؟ وحتى نستطيع الحد من انتشار الوباء وعدم تطوره لمرحلة رابعة وخامسة، فمن الضروري أن تتخذ اللجنة الوطنية قراراً سريعاً وجريئاً وإضافة لفحص الـ PCR الذي يطلب لدخول أراضي وطني عبر مطاراته أو منافذه البرية وموانئه البحرية، والذي يقوم البعض بتزويره كما وصلنا من عدة ناس أو بدونه، فلا بد من إلزام كل مسافر قادم لوطني من كافة منافذها أن يكون قد أخذ التلقيح واستلم شهادة التطعيم بالباركود، وكذلك التأكد من صحته بفحص الباركود عند وصوله لأي منفذ بوطني وخاصة مطاري عدن وسيئون، لأن العدد الأكبر يصل جواً كما هو معمول به عند مغادرة المسافر عبرهما للحد من انتشار الفيروس خاصة، وأن التلقيح متوفر ومجاني بكل الدول التي تنطلق منها شركات الطيران وتصل لمطاراتنا، ويطبق على الذين يصلون ترانزيت من دول أخرى، وهنا سنكون فعلاً بنينا خط الدفاع الأول لحماية أبناء الوطن كافة، وتأكدنا من أن كل من وطأت قدماه أرض الوطن قد تلقح وحمى نفسه ومن حوله، فهل سنعي ذلك قبل أن تزداد مآسينا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى