من الاضطراب السياسي إلى الفاقة المجتمعية للعزلة القانونية

> أثبتت المراحل عدم قدرة ونجاح النخب السياسية في معالجة قضايا المجتمع، كونها انهمكت في مراوحة أماكنها وجعلت من تقلباتها جسداً تسير عليه على كثير من القضايا الإنسانية، مما خلق اضطراباً سياسياً أدى إلى فاقة مجتمعية تماهت فيها العديد من الانتكاسات الاقتصادية التي أدت إلى صعوبة الحياة المعيشية بين أوساط الناس.

عجز أصاب مفاصل وكيان الجميع من مراكز قوى أدمنت على الافتعال السياسي، وخلق بؤر توتر واستشراء الفساد، وعنونة الحرب لأهداف باتت كلها لا تخدم إلا قلة النخب في هذا البلد.

اليوم نحن نعرج على السنة السابعة وقريب الثامنة من حرب (مفتعلة إقليمياً) تقودها (إيران) عبر (منقلة المليشيات) في المنطقة العربية مستغلة التراخي في الأداء الأمريكي والأوروبي تجاه المحادثات النووية التي لا تلقى رواجاً لدى إسرائيل، وما النتائج التي تخلفت عن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، إلا البداية في حلقة من سلسلة حلقات ستؤدي إلى تغيير جذري في رسم ملامح النظم السياسية في المنطقة العربية وشمال أفريقيا.

إن صنع السلام اليوم في اليمن هو جزء لا يتجزأ من هذا التغيير الشامل في المنطقة العربية وشمال أفريقيا، ونحن نعلم أن البيئة المحيطة هي جزء منا نؤثر ونتأثر بها، لكن عجز النخب السياسية وعدم قدرتها على إنجاز وتحقيق مرحلة معينة يدفع بالمجتمع المحلي والإقليم والعالم إلى البحث عن وسائل أخرى وقوى أخرى تكون أكثر ارتباطاً بواقعها في الداخل وتدرك حتمية هذا التغير القادم، لأنه لم يعد في قدرة السابقين تشريع أو تمديد هذا التشريع أكثر من ذلك، ولا يمكن للمجتمع الدولي القبول بعد العجز أو التراخي في إدارة النظام وإيقاف التدهور الاقتصادي وهيمنة (مليشيا) على مقدرات وموارد الشعب، وإيقاف نزيف الدم أو القيام بخطوة جادة وهامة إلى تعديل المرحلة المقبلة بما يتواءم مع حقوق ومطالب الناس، والسلام المراد صنعة اليوم لن يقف عند حدود الفاعلين الأساسيين في اليمن كما أفاد المبعوث الخاص لليمن (هانز جروندبيرج) في إحاطته الأولى أمام مجلس الأمن الدولي السبوع الماضي، لكنه سيأخذ طريق التعريف (بالفاعل الأصلي) وفقاً للقانون الدولي.

تلك العملية السياسية التي شاء لها أن تأخذ منحنيات ومتعرجات أدخلتها في النخب السياسية الحالية لإيهام المجتمع الدولي والإقليمي والداخل بأنهم يمتلكون القدرة الفعلية لإنجاز المهمة وهو ما يحدث حتى اللحظة.

اليوم يصنع السلام نفسه والشعب يعاني من الفاقة المجتمعية وبسبب الاضطراب السياسي الذي يمثله عجز القيادات على أرض الواقع واستشراء الفساد وتسلّط القوى المتنفذة بقوت الشعب وحياته، وتلك العزلة القانونية التي جاءت مكملة للتدهور المعيشي وخذلان القانون والقضاء لمعترك الحياة والقضايا المعلقة بسبب فساد مالي وإداري معيب في حق السلطة القضائية وأركانها، ولا يمكن هنا (للفاعل الأصلي) قانوناً في الجريمة، أن يصنع سلاماً وهو سبب فيه وهو من قاد وارتكب الفعل المجرم أساساً، فكيف بنا أن نقول عنه صانع السلام؟ فالخبر مشهود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى