صنعاء تتجاوز مأرب وتطرق أبواب شبوة

> طالب الحسني

> اعتقدنا أن دخول قوات صنعاء إلى محافظة شبوة جنوب شرق اليمن، ستكون ضمن تداعيات استعادتهم لمحافظة مارب في الشمال الشرقي، الذي حدث ان التداعيات تلك سبقت استعادة صنعاء لمارب آخر معاقل الاخوان وقوات هادي والتحالف الذي تقوده السعودية بدعم أمريكي وبريطاني في شمال اليمن، سيكون من شأن هذا الانتصار لصنعاء، بقيادة أنصار الله الحوثيين وتحالفاتهم السياسية والقبلية، أن يحدد أي مسار تتجه إليه الحرب.

من الواضح أن العاصمة صنعاء تجاوزت معركة مأرب، وبات استعادة مركز المحافظة مسألة وقت، وأن المعركة اتجهت نحو محافظة شبوة النفطية والغازية والموقع الاستراتيجي المطل على البحر العربي (المحيط الهندي) وأحرزت القوات العسكرية وبعض قبائل المحافظة تقدما سريعا ومفاجئا، بعد أن تمكنوا من استعادة 4 مديريات من بينها مديرية بيحان الحدودية مع مارب، وتتجه الأنظار الآن نحو باقي المديريات وصولا إلى عاصمة المحافظة عتق، وبالتالي، سيكون هذا الانتصار قد حقق هدفين استراتيجيين كانا متوقعين:

الأول: كسر الحصار عبر الحصول على النفط والغاز والكهرباء والوصول إلى موانئ جديدة جنوب البلاد، وإحراق هذه الورقة التي لا تزال الرياض وواشنطن تفاوضان بها، وهذا يفسر أيضا الاستنفار السعودي الأمريكي والمطالبة المستمرة لوقف العمليات القتالية في مارب، مقابل وقف التحالف للغارات، ولكن مع الاستبقاء على الحصار والحظر الجوي على مطارات اليمن، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي.

الثاني: إفشال مشروع الانفصال، وفك ارتباط الجنوب عن الشمال والعودة لخريطة ما قبل الوحدة، وهو واحد من الأهداف التي تدفع باتجاهها الإمارات بصورة واضحة عبر تبني الانتقالي الجنوبي، ولهذا من المتوقع أن تدفع أبوظبي بمقاتلي الانتقالي للقتال في شبوة، ولكنها حرب سيفشل فيها الانتقالي، فمثلما قاتلت شبوة مع (الإخوان المسلمين) لمنع الانتقالي ستقاتل هذه المرة في صفوف قوات العاصمة صنعاء لمنع الانتقالي أيضا، والسبب يعود إلى أن المحافظة على قطيعة تامة مع الإمارات وقبائلها لا يفضلون الانفصال، والجزء الأكبر من سكانها لا يحبون أن يكونوا تحت أي سلطة في عدن، وفي السابق كانت هذه المحافظة تصوت لصالح الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، ومن المحافظات شبه المغلقة للمؤتمر الشعبي العام المناهض للانفصال.

هناك معادلة يجب أن تترتب لمجرد وصول قوات صنعاء إلى محافظة شبوة، نتائج هذه المعادلة أن خسارة السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ستكون مضاعفة، فامتلاك صنعاء لموارد الدولة من النفط والغاز والكهرباء من خلال استعادته لـ مارب – شبوة، والإطلالة أيضا على البحر العربي ستعني أن الحرب انتهت والحصار انتهى عمليا، ليس شرط أن تسمح ببيع هذه الموارد إذ يكفي أن يحصل جزء من الاكتفاء الذاتي، أما إذا قررت السعودية استهداف هذه الآبار والمنشآت النفطية، فعليه في المقابل أن تنتظر هجمات متواصلة على أرامكو باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، ومن هنا تقرأ جيدا المعادلة، ولماذا أصبحت صنعاء قادرة على فرض معادلات من هذا النوع.

عندما تتحقق قواعد الاشتباك هذه فليس هناك أي معنى للغارات التي تنفذها طائرات التحالف، سيكون أيضا أمام السعودية الاستجابة الفورية لشروط صنعاء، التي من بينها سحب القوات السعودية الموجودة في حضرموت وعدن والمهرة كشرط للانخراط في مفاوضات سياسية، من المهم التذكير أن المبعوث الدولي الجديد هانس جراند برغ عاد قبيل أيام من العاصمة العمانية مسقط، وهو يحمل نسخة من الشروط التي تقدمها صنعاء عبر الوفد الوطني المفاوض لأي وقف للحرب، تبدأ من رفع الحصار البحري والحظر الجوي دون شروط، معالجة الوضع الإنساني بما في ذلك إتمام تبادل الأسرى (الكل مقابل الكل) معالجة الوضع الاقتصادي والإضرار، ثم وقف إطلاق النار وسحب القوات الأجنبية من جنوب البلاد، وفي آخر القائمة المفاوضات السياسية.

بالتدقيق، إن هذه الصيغة تشبه القرار الدولي 2216 الذي أراد تجريد صنعاء من كل قواها، ولكن هذه المرة صنعاء هي التي تضع 2216 على التحالف، والفرق أن صنعاء فرضت ذلك بالانتصار العسكري والسياسي، بينما فشل التحالف الذي قادته السعودية ومعها 17 دولة حليفة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية .

"رأي اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى