مآسي الحرب على المعاقين

> كم هي المآسي والأحزان كثيرة، والتي جرتها الحرب المستمرة والمشتعلة في مناطق اليمن المختلفة على المواطن، وكم هي الآثار والأحداث التي خطت بها هذه الحرب ورسمتها على مشاعر وأجساد الكثير من البشر.

المواطن العادي هو من يقاسي ويعاني ويلاتها، وتتقطع السبل أمامه ويكون فريسة سهلة لقسوتها ومآسيها عليه، فما بالك بفتاة معاقة ابتلاها الله بإعاقة حركية والتواء بالعمود الفقري وبأمراض كثيرة لا تفارقها. فتاة عجزت وانهارت قواها أمام الظروف الصحية والمعيشية القاسية المحيطة بها، ولم يبقَ لها إلا أيمان قلبها بالله سبحانه وتعالى إنه لن يتخلى عنها.

فتاة جل حياتها مداومة على زيارات المستشفيات وتعاطي العلاجات لدرجة أنها ملت وأصبح البقاء أو ترك هذه الدنيا لا يهمها كثيراً.

وبعد عناء وتعب السنين وهي تبحث عن العلاج نصحها دكتور: لا تتعبي نفسك هنا باليمن، إذا تبقى شيئاً بيدك فاحزمي أمتعتك وسافري فربما تجدين ضالتك هناك، والحقيقة أنه لم يتبقَ لها ولذويها شيء. لقد باعت كل ما تملك بحثاً عن شفاء كان بعيد المنال خلال الأعوام الماضية، ولأصالة أهل اليمن البسطاء ونبلهم وكرمهم، فلم يبخلوا ويتخلوا عنها ولم يتركوها فريسة سهلة لمرضها وأحزانها. الحقيقة التي أسعدت قلبها وفجرت ينابيع الأمل فيها بعد إهمال وتجاهل متعمد لها، حيث لم ينظر لها المسؤولون قيادات وجهات صحية في صنعاء، لأنها بنظرهم لا تستحق أي دعم ومساعدة باعتبارها معاقة ومن أسرة فقيرة، وهذا كان الأقسى وما زاد ألمها ومعاناتها النفسية.

بفضل الله ثم بتعاون أهل الخير معها، فرض وطلب منها لتحقيق حلمها وسفرها أن تنزل إلى عدن لقطع الجواز واستكمال إجراءات السفر وهي لم تزر عدن من قبل ولم تعرف أحداً فيها، إلا شخصاً واحداً معاقاً بشلل رباعي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط، جمع بينهما هم الإعاقة المشتركة ومعاناتها، فقالت له: سأنزل إلى عدن فقال: أهلاً وسهلاً، وأتمنى مساعدتك، إنما تعرفي أني معاق لا أخرج من منزلي إلا نادراً، فقالت: أعرف، إنما ليس لي بعد الله إلا أنت بعدن، والإيجارات مرتفعة وظرفي ما يسمح بأن أسكن في الفنادق، فقال لها: تفضلي على الرحب والسعة بداري، وأرسل من يستقبلها هي ومرافقوها، وثاني يوم تواصل بقريب له ليأخذهم إلى الهجرة والجوازات للمعاملة، وبعد أسبوع تم سفرها إلى الخارج.

وهنا السؤال: أين المسؤولون والقيادات بوزارة الصحة وصندوق المعاقين ومن يهمهم الأمر، الذين تخلون عن أداء الواجب، وغاب الضمير الإنساني في تعاملهم مع تلك المعاقة وغيرها؟ أليس بمقدورهم أن يقدموا لها ما تسمح به إمكانياتهم وصلاحيتهم، وأن يكونوا مثل زميلها المعاق الجنوبي الأصيل الذي هو بأمس الحاجة لمن يساعده، وأنه أبى أن يتخلى عنها في ضيقها وشدتها، ألا يحسون بالذنب والتقصير تجاه حالة إنسانية ومرضية مثل هذه. اللعنة والعار لمن كان السبب والمستفيد في هذه الحرب واستمرارها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى