من رصيف البطالة إلى موكب ريادة الأعمال.. حياة مختلفة لفتيات التملذة المهنية للصمود 2

> تقرير /معاذ ناجي المقطري :

> لا شيء يؤرق ليلى الدبعي (19عاماً) أكثر من مشاعر عجزها عن مواصلة التعليم الجامعي في كلية الحاسوب بجامعة تعز.
بصوت خجول يملؤه الأسى قالت ليلى: "مسافة الطريق أكثر من 10 كم .. وأنا أبذل جهداً كبيراً في مشيها على الأقدام كل يوم..!".

حديث المسافات الطويلة هو أقصى ما تبوح به الفتاة الريفية الفقيرة ، لتقدم السبب الذي تظنه وجيهاً ومقنعاً لتوقفها عن مواصلة التعليم.

وذلك يعني أن ما لا يقل عن 50 ألف ريال للشهر الواحد ، صارت هي الكلفة المالية التي حالت دون تنقلاتها اليومية انطلاقاً من منزلها في قرية دبع الداخل ، وصولاً إلى كليات جامعة تعز الكائنة بمدينة التربة ، مركز مديرية الشمايتين ، ناهيك عن مصروفاتها اليومية الضرورية بالنسبة لطالبة جامعية ، فضلاً عن المستلزمات المالية لطباعة المحاضرات والكتب

حيال ذلك لا يملك والد ليلى من المال ما يكفي لإستئجاره منزلاً تقيم فيه بمدينة التربة أو بالقرب من الجامعة ، خصوصاً وأن والدتها لم تنل حظاً من التعليم ، كما لم تتسلح بمهنة ما تؤهلها للعمل في المدينة لتسهم في دعم صمود ابنتها في التعليم الجامعي.
ويشير الرقم (1732) إلى عدد الفتيات اللواتي توقفن عن التعليم في مراحله المبكرة في قرى دبع الداخل ودبع الخارج وخمس قرى مجاورة خلال العامين الماضيين ، حسب تصريحات أدلى بها خالد الشيباني مدير عام التربية والتعليم بمديرية الشمايتين.

لم تفقد ليلى الأمل بعد فهي التي على مركوب خفيها البلاستيكيين اجتازت كل مراحل تعليمها الأساسي والثانوي في المدارس المتباعدة لبلدتها الجبلية الوعرة.
قالت: إن أبويها الفقيرين شجعاها على اجتياز مراحل التعليم الأساسي والثانوي بلا توقف ، على عكس الغالبية العظمى من زميلاتها اللواتي توقفن عن التعليم في مراحله المبكرة ، ليقع العديد منهن ضحايا للزواج المبكر.

اتجهت ليلى اليوم لتعلم مهنة الخياطة في مركز نسوي يقع في البلدة المجاورة ، وتؤكد بأنها قد أصبحت قادرة على تأمين الحد الأدنى من مصروفات عامها التعليمي الجامعي الأول الذي ستخوض غماره في السنة القادمة ، قالت: أنها تمكنت من إنتاج ملابس للأطفال والنساء بالجودة المطلوبة لبيعها في الموسم العيدي القادم.

•التلمذة المهنية كملاذ للصمود
تتحين ليلى الدبعي فرصة إلتحاقها ببرنامج التلمذة المهنية للصمود2 ، وهو البرنامج الذي لاذت به السيدة هبة أحمد ( 26 عاماً ) ليعصمها من ظروف حياتها البالغة الصعوبة والتعقيد!
لم تكن هبة قد بلغت 16 عاماً من العمر حين توقفت عن التعليم في الصف الأول من المرحلة الثانوية وخضعت لزواج مبكر ثم أنجبت أطفالاً ، وهي اليوم تعيش حياة زوجية تصفها بالمعقدة.

كما لم يسعفها الوقت والمال اللازمين للعودة إلى متابعة تعليمها الثانوي مجدداً ، لكنها امتلكت جسارة اقتحام سوق العمل واحترفت مهنة التجميل وتصفيف الشعر ، خشية أن يتقدم بها العمر ولا تجد من يعولها وأسرتها في ظل علاقة زوجية تفاقمت مشكلاتها إلى أن تم عرضها أمام قاضي المحكمة منذ خمس سنوات.

الخميس الماضي نالت هبة أحمد شهادة تخرجها من برنامج التلمذة المهنية للصمود2 ، وهو البرنامج الذي جعلها ضمن 9 مدربات يسهمن في رفع الكفاءة المهنية في فنون التجميل وتصفيف الشعر لعدد 21 كوافيرة واعدة يدخلن إلى سوق العمل في مدينة التربة والبلدات المجاورة لها.
والبرنامج الذي تنفذه منظمة العمل الدولية ومنظمة غدق للتنمية بتمويل من الاتحاد الأوربي والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي "يأتي ضمن مشروع دعم سبل المعيشة والأمن الغذائي في اليمن.

وبالنسبة للسيدة هبة أحمد ، سيمكنها البرنامج من تطوير فرص عملها بوصفها كوافيرة محترفة ، وسيجعل منها قادرة على رعاية أبويها اللذين تفاقمت فيهما أمراض الشيخوخة في ظل ظروف معيشية صعبة عاشتها معهم منذ سنين طويلة٠٠٠
كما سيكون عليها أن تدعم تعليم ابنتها على النحو الذي لا تتكرر فيه مأساتها كأم تجرعت مرارة انسحابها من التعليم وخضعت لجحيم زواج مبكر كالذي كبدها ألآم وأحزان لا يراها العالم..

من رصيف البطالة إلى ريادة الأعمال
لقد انضمت هبة أحمد إلى قائمة "100" حرفياً وحرفية لبرنامج الصمود 2 ، الذي تساوت قائمته هذه بالعدالة بين الجنسين.
وإلى جانب مهنة "التجميل وتصفيف الشعر التي حازت هبة على شهادتها كمدربة ، فإن 41 خبيرة حصلن على شهادات مماثلة في مهن التصوير الفوتوغرافي ، والخياطة والتفصيل ، إلى جانب صناعة الحلويات والمعجنات وصناعة البخور والعطور.

وستسهم قائمة خبراء المهن هذه في تنمية وبناء القدرات المهنية والوظيفية لعدد "200" متتلمذ ومتتلمذة هم إجمالي المستهدفين من برنامج الصمود 2 في مديرية الشمايتين ، الأمر الذي سينقل 100 متتلمذة من رصيف البطالة إلى موكب ريادة الأعمال.
وتكمن أهمية برنامج التلمذة المهنية في موائمته بين مخرجات التدريب ومتطلبات سوق العمل ، الأمر الذي يؤكده المهندس/ وجدان العبسي مدير البرنامج في منظمة غدق للتنمية.

وأوضح العبسي أن البرنامج يركز بدرجة أساسية على الجمع بين التعليم في مؤسسات التعليم وبين التعلم الأساسي القائم على العمل في الورش أو أماكن العمل بجانب مهني ماهر ذو خبرة.
فيما يكثف اتحاد نساء اليمن تحضيراته لتنفيذ برنامجاً مماثلاً يستهدف قائمة أخرى من الحرفيات والمتتلمذات ، الأمر الذي تؤكده السيدة سميرة العزعزي رئيس فرع الاتحاد في الشمايتين.

وشددت العزعزي على أهمية تكامل أدوار منظمات المجتمع المدني العاملة في المديرية على نحو يسهم في انتقال الفتيات والنساء من الواقع التعليمي الذي يعشنه فعلاً إلى الواقع الذي يعشنه أملاً ، خصوصاً تلك المنظمات العاملة في تمكين النساء اقتصادياً ومهنياً.
#تعليم_ الفتاة_ حياة_لها_ ولأسرتها
#معاً- ضد- العنف

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى