​70 % نساء وأطفال.. نازحات اليمن فصول متسلسلة من المتاعب

> أمل جابر

>
​تعاني النازحات في اليمن صعوبات شتى لأجل استمرار الحياة، حيث يمثلن نحو 40 % من عدد النازحين المسجلين في كشوفات النزوح وفق منظمات أممية.

ويقول تقرير صادر عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي اطلعت عليه "خيوط"، إن النساء بين 18 و 60 عامًا هن أكبر مجموعة سكانية من حيث عدد النازحين في اليمن، كما تتأثر النساء بشكل كبير بسبب النزوح الناتج عن الحرب، حيث يقدر عدد السكان النازحين داخليًا بحوالي 4 مليون شخص، تشكل النساء والأطفال ما نسبته أكثر من 70 %، إضافة إلى أنه حوالي 30 % من الأسر النازحة تعيلها نساء.


كل هذا العدد من النساء يواجهن مشاقًّا كثيرة بسبب النزوح وانعدام الكثير من مقومات الحياة، من مأكل ومشرب ورعاية صحية، وغيرها من المقومات.
فصول متسلسلة من المتاعب تعايشها نسبة كبيرة من النساء بمخيمات النزوح في اليمن، إذ لا تتوفر الرعاية الصحية والنفسية المطلوبة في فترات الحروب والنزاعات التي يصاحبها آلام مريرة وخوف وأزمات نفسية، بحيث يصبح الاستمرار في ظل هذا الوضع معركة أخرى تحتاج إلى القوة والصبر.
  • ولادة متعسرة
عشرات المنظمات العاملة في اليمن تستهدف الجانب الإنساني والصحي للنازحين، لكن خدماتها غير متكاملة فيما يخص الرعاية الصحية، على الرغم من الدعم المالي الكبير الذي تحظى به، خصوصًا الدعم المقدم لصالح صحة المرأة والطفل، حيث تتلقى النساء النازحات خدمات صحية بسيطة ومحدودة.

أما الحالات الحرجة والمضاعفات الطبية أثناء الحمل أو الولادة فتحال إلى خارج المديرية لمن سمحت له إمكاناته المادية، وإلا فإنه ينتظر حتى يأتيه الفرج من الله، وفي كثير من الأحيان قد تتوفى الأم أو جنينها، إذ لا توجد خدمات متكاملة لرعاية الأمهات الحوامل وتوفير الظروف الصحية الملائمة لولادة صحية آمنة، إضافةً للرعاية المطلوبة بعد الولادة، كما قالت لـ"خيوط" الدكتورة مكية الأسلمي، مدير مكتب الصحة العامة في مديرية أسلم (محافظة حجة)، حيث تتركز أعداد كبيرة من النازحين في مخيمات منتشرة على طول المديرية وعرضها، وعلى شوارعها الرئيسة والفرعية.

فتحية، إحدى الحالات المتضررة، عانت من ولادة متعسرة، احتاجت لتدخل طبي عاجل على إثرها، تقول فتحية لـ"خيوط"، إن زوجها بقي لأكثر من ساعتين يبحث في المخيم عن سيارة لنقلها إلى المستشفى، كادت فيها أن تفقد حياتها وحياة جنينها، خصوصًا أنها تزوجت في سن مبكرة، كان جسمها خلال تلك المرحلة لا يتحمل الحمل والولادة، وهو ما زاد الوضع سوءًا، حسب الأطباء الذين أشرفوا على حالتها، بالإضافة إلى إصابتها بحالة نفسية بعد ولادتها بسبب ما لاقته من معاناة، لازمتها الحالة لأشهر.

فتحية (22 سنة)، أمّ لطفلين، تسكن منذ ثلاث سنوات في أحد المخيمات بمدينة عبس في شمال اليمن، وضعت طفلها الأول بعد أربعة أشهر فقط من نزوحها من منطقة بني حسن المحاذية للمدينة والقريبة من مناطق الصراع، اضطرت للنزوح بعد سقوط قذيفة قرب منزلهم أدّت إلى بعض الأضرار فيه، وكانت كفيلة لجعلهم يتركوه خوفًا من أخرى قد تأتي على حياتهم.

تقول فتحية، إنها عانت كثيرًا عند وضعها طفلها الأول، إذ لم تتلقَّ خدمات الرعاية الصحية في المخيم الذي وجدت نفسها فيه، كما أنها لم تجد من يعتني بها ويرعاها في شهور حملها الأخيرة وأثناء الولادة، إضافة إلى الصعوبات الأخرى المتعلقة بالوصول إلى مراكز تقديم الخدمات الصحية بشكل مجاني بسبب بعد المسافة.
  • الزواج بدافع الفقر
تقارير حقوقية أكدّت أن الأعراف الاجتماعية والثقافية السائدة لها تأثير كبير في تقييد الكثير من الفتيات عن إكمال الدراسة والحصول على عمل، وهو ما شدّدت عليه مجموعة من الفتيات، أنه على الرغم من متاعب النزوح في جلب الماء والحطب إلا أنهن يعانين من عدم حصولهن على أي مساعدات إنسانية بسبب العوائق الاجتماعية، العوائق ذاتها تقف حائلًا دون خروجهن للبحث عن فرصة عمل لإعالة أسرهن.

مرام، شابة يمنية، تسكن أحد المخيمات العشوائية على أطراف مديرية أسلم الواقعة وسط محافظة حجة شمال اليمن، تحدثت لـ"خيوط" وهي تتحسر بسبب منعها من قبل أفراد أسرتها من الخروج لتلقي المعونات الغذائية أو الذهاب للبحث عن فرصة عمل، وأضافت مرام: "بسبب ظروف الحرب والنزوح، وعدم قدرة والدي على توفير احتياجات الأسرة قام بتزويجي، وأنا في سن 13 سنة، بأحد الأشخاص، الذي قدم إلى المخيم وكان يبحث عن زوجة".


تحكي مرام بمرارة عن مراحل المعاناة داخل المخيم، وعن محاولات البحث وراء سكن آخر مع زوجها الذي نزح بدوره من مديرية ميدي: "زوجي يعاني حالة نفسية بسبب عدم حصوله على عمل، وفي كثير من الأحيان يفتعل المشاكل ويقوم بضربي، على الرغم من المعاناة التي أعيشها معه في جلب الماء والحطب بشكل مستمر".

أظهرت دراسة حديثة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في ثلاث محافظات يمنية أن واحدة من كل 5 فتيات تتراوح أعمارهن بين 10 و19 سنة يتزوجن في هذا السن، فيما نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن في مثل هذا العمر، في المجتمعات المضيفة، 1 من كل 8 فتيات.
  • وفاة امرأة كل ساعتين
تدفع النساء والفتيات في اليمن ثمنًا باهظًا، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، بسبب تهالك النظام الصحي، إذ لم يبقَ من المرافق الصحية سوى النصف، ما تزال تقدم الخدمات؛ 20 % من هذه المرافق فقط، تعنى بخدمات صحة الأم والطفل، حيث تموت امرأة أثناء الولادة كل ساعتين.
وتعاني أكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وأكد الصندوق أنه في سنة 2020، تم إغلاق أكثر من 80 مرفقًا من أصل 180 مرفقًا يدعمها، وهو ما حرم أكثر من مليون امرأة من إمكانية الحصول على الرعاية الصحية اللازمة للولادة الآمنة.

تقول د. مكية الأسلمي، إن مديرية أسلم بها 10 آلاف أسرة نازحة لا توجد بها غير عيادة متنقلة وحيدة غير قادرة على استيعاب كل الأعداد القادمة إليها، إضافة إلى غياب جودة تقديم الخدمات، على الرغم من كون برامج المنظمات الصحية العاملة في المنطقة تشمل التغذية والتحصين ورعاية الطفولة والنساء الحوامل، وتوفير وسائل نقل وبدل مواصلات للحالات الحرجة والتي تستدعي النقل لمراكز صحية أخرى، إلا إن ذلك لا يتم بهذه الصورة ولا بتلك الفعالية المطلوبة.

وترى الأسلمي أن الأمهات في المخيمات يعانين من مشاكل صحية ونفسية في بعض الأسر، نتيجة الحروب والظروف المعيشية التي يدفع ثمنها الأبناء، وعدم وجود رعاية تكاملية نفسية وجسدية يزيد الوضع سوءًا، إذ يفترض وجود مختص دعم نفسيّ بكل عيادة وكل نقطة صحية متنقلة؛ لأن النساء، نتيجة الكوارث والحرب على مدى سنين، قد أُنهكن بالحمل والولادة والأمية وبطالة بعض أرباب الأسر.
"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى