لغة الخطاب.. الاعتراف بالحق مطلب وضرورة

> ما أروع أن تتعدد الحياة السياسية في البلد، وخصوصاً عند تنوع الأفكار في البرامج لكل حزب، وما أجمل أن يوصل هذا المفكر إلى رؤية تنير له المسلك الذي يمكن أن تسير عليه دون القفز على الواقع، وضرورة استشراف مستقبل الأمة الذي يجمعها، رغم كل التعدد الفكري، أساس واحد هو الفكر الإسلامي الحنيف، لكن لغة الخطاب السياسي والإعلامي للبعض سواء في (المعارضة) أو لدى (الحاكم) باتت أشبه برجلين كل منهما يحمل في يده حجراً يرمي به الآخر في مواجهته فكلما انتهى من واحدة اتجه للأخرى.

البعض يقوم باصطناع طرق متعددة لنفسة متعمداً السير فيها آملاً من وراء ذلك تحقيق بعض (النجاحات) التي يتصورها هو لوحده فقط، ويأمل من الآخر الذي في مواجهته أن يصدقها، بل أن يستنفره في تحركاته، وبذلك العمل فهو يحصد ثمار نهج يعتقد سلامته والعكس صحيح، ومع كل هذا فهو لا يملك أي أداة (حقيقية) في الأصل ليواجه أدوات سلطوية يتفرد بها غريمه وخصمه لأنه يسيطر عليها كل السيطرة.

لقد أخذهم الغرور كل أخذ حتى أنهم تناسوا حقيقة المكونات التي اختلطوا بها وأسسوا كيانهم الذي من المفترض به أن يكون ذات توجه مجتمعي خدمي من خلال برامج حقيقية وفاعلة تحقق فيها ثمار هذه العملية الحيوية لرقي المجتمع لا خذلانه، أو الدخول به في مهاترات وتشنجات تصيبه بالشلل التام والعجز بدلاً من أن تؤدي به إلى النهوض أمام المجتمعات الأخرى.

لقد أغرق الذين قبلهم ومن معهم أنفسهم ومركبهم في أبحر متعددة قاموا بها على فترات وأرسوا للأسف الشديد، وما زالوا أسس هذا البنيان المتفتت والمتهالك، وخلقوا جيلاً يفعل ذات الشيء دون وعي منه أو حتى رؤية، وكما يقول المثل، "راحت السكرة وجاء إلى الفكرة"، لكن بالعكس ظلت تلك السكرة تتماشى، وظل الغمام فوقهم، لا يعبؤون بغيرهم أو بالحقوق المتعلقة بهم وبمصائرهم، حتى أن لغة خطاباتهم لم تتغير لديهم أو حتى تحدث تغييراً في أفعالهم، ولم تنتج فكراً أو رؤى حقيقية تنتج وتعطي ويلمسها الآخرون، وهم بذلك أعادوا إنتاج (خطاب الحماسة) الذائع الصيت، وهو أمر يقع على الجانبين، إنها حقاً (التجربة الخطأ) التي يرغبون على أساسها بإنتاج (مجتمع) بليد في أفعاله وأقواله، لا فكر له أو رؤية.

إن الحماسة في لغة الخطاب تكون مطلوبة في بعض الأحيان التي يتطلب فيها بث روح وإعطاء دفعة من خلالها للأمام لمن وهن، لكن لا تصلح أبداً لغة كهذه عندما تتعرض الحوق للهدر، وتتعرض الإنسانية للامتهان في بلد يفترض به أن يكون متحكماً بأفعاله وعواطفه، لا أن يطلق لها العنان رغبة منه في الحديث فقط، وهو، من دون أن يشعر أو يعلم، يساعد على تأسيس نهج غير سوي يقوم فقط على الهياج والانفعالية غير المدروسة، وبالتالي لا يستطيع بنفسه معالجة أوضاع كتلك إلا بطريقة واحدة ساعد هو أساساً في إبرازها أمام المجتمع الذي خضع لتلك التجربة، ذلك هو منطق العنف والقوة ولا خيار آخر غير ذلك للرضوخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى