القاضي بامطرف: المحاكمة الغيابية لباكريت وأعوانه لا تُجدي نفعا في محاربة الفساد

> غيل باوزير "الأيام" خاص:

> علق القاضي أحمد عمر بامطرف نائب رئيس المحكمة العليا أمس السبت على قرار رئيس الوزراء بإحالة محافظ المهرة السابق راجح باكريت الى نيابة الأموال العامة تمهيدا لمحاكمته بتهمة نهب المال العام.

وكانت "الأيام" نشرت الأسبوع الماضي تقريرا لجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تضمن توجيه اتهامات لباكريت بنهب المال العام والاستيلاء على مبلغ 70 مليار ريال من ميزانية المحافظة خلال تولي منصبه في العامين الماضيين.

وفي تصريحه الذي خص به"الأيام" أعتبر بامطرف أن القرار:"لا يُشكل خطوةً هامة على طريق محاربة الفساد، لأن القرار صدر بعد هروب المحافظ وأعوانه خارج الجمهورية، لذلك سيتم التحقيق معه ومحاكمته غيابيا".

وأضاف:"المعلوم قانونا أن المحاكمة الغيابية ليست كالمحاكمة الحضورية التي يَمثل فيها المتهمون أمام القضاء، ويجري استجوابهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بالعقوبة المقررة قانونا، وإلزامهم بإعادة الأموال المنهوبة، حيث أن ملاحقة المجرمين حال ارتكاب الجرائم أولا بأول، والقبض عليهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم حضوريا، وتنفيذ العقوبات المحكوم بها ضدهم، تؤدي إلى تحقيق الردع لِكل من تُسوِلُ له نفسه من المجرمين الآخرين ارتكاب مثل هذه الجرائم قبل وقوعها، بينما المحاكمة الغيابية لا تُحقق الردع، لأن المتهم لا يَمثل أمام المحكمة، ولا يدافع عن نفسه ولا يعلم المواطنون تفاصيل الجريمة وأدلتها ومدى صحتها، ولا تُطبق في حق المتهم العقوبة المحكوم بها، ولا يُسترد المال المنهوب من المجرم، وإذا عاد المحكوم عليه غيابيا الى البلاد بعد حِين، يتم إلغاء الحكم الذي صدر في غيابه، وتتم محاكمته من جديد بعد أن تكون الحقائق قد عفى عليها الزمن، والأدلة قد طُمِست، وبعد مرور المدة القانونية، يسقط الحق في محاكمته ومعاقبته بالتقادم الزمني".

وتابع القاضي بامطرف قائلا:"ما من شك في أن الغالبية العظمى من الناس تعلم أن الفاسدين الناهبين للأموال العامة في كافة مفاصل وأجهزة السلطة من أعلاها إلى أدناها يعيثون فسادا في البلاد، حيث تفشت الظواهر الإجرامية بمختلف أنواعها، كاختلاس ونهب الأموال العامة، وتحقيق الإثراء غير المشروع، وجرائم التسبب في التدهور اليومي المستمر للعملة الوطنية، والانهيار الاقتصادي، مما يؤدي إلى الارتفاع الجنوني لأسعار جميع المواد الاستهلاكية، بهدف تجويع الناس وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يُطاق".

وأكد القاضي بامطرف أن كل هذه الجرائم "تزداد تفشيا يوما عن يوم في ظل عجز الحكومة وأجهزتها الرقابية كالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، عن القيام بواجباتها، بالإضافة إلى حالة الشلل الذي تعاني منه السلطة القضائية، إذ اقتصر العمل في المحاكم الابتدائية والاستئنافية، والنيابات العامة على يومين في الأسبوع فقط، وتوقفت المحكمة العليا كليا عن ممارسة مهامها عشرة أشهر حتى الآن، نظرا لإغلاق مقرها، وهذا الوضع المتردي تعاني منه السلطة القضائية منذ ما يقرب من عام، بسبب صدور قرار تعيين النائب العام بالمخالفة للدستور لانتهاكه استقلال القضاء، ولم تتخذ لا القيادة السياسية ولا الحكومة أية حلول ومعالجات حتى الآن وكأن هذا الوضع الكارثي الشاذ لا يعنيهما في شيء وهو ما يؤكد عدم المصداقية في محاربة الفساد والإصرار على الإبقاء على المعاناة المريرة التي يعانيها المواطنون من الأوضاع المأساوية في البلاد".

ورأى نائب رئيس المحكمة العليا إن قرار إحالة محافظ محافظة المهرة الهارب خارج الجمهورية إلى نيابة الأموال للتحقيق معه وتقديمه للمحاكمة لم يكن الهدف منه سوى ذر الرماد في العيون؛ للتغطية على ما تشهده البلاد من تفشي جرائم نهب الأموال العامة، وتدهور العملة الوطنية وتجويع المواطنين وتردي الخدمات في حياتهم، التي توجب على الحكومة إن كانت صادقة في محاربة الفساد إحالة المتسببين عن هذه الجرائم إلى المحاسبة والمحاكمة، ويتوجب عليها أولا وضع الحلول والمعالجات للأوضاع المتردية، التي تعانيها السلطة القضائية، وفي مقدمتها مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة العليا، وتفعيل أجهزة الرقابة كالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى