جرائم صامتة في اليمن.. هل يحرسها القانون أو عادات القبيلة؟

> تقرير/ أسامة عفيف :

> تعتبر القضايا المدونة تحت ما يسمى بـ ”جرائم الشرف” في اليمن من أكثر الجرائم انتشارًا، وذلك لعدم معاقبة الفاعلين على جرائمهم، فضلًا عن وجود نصوص قانونية تفتح المجال لوقوعها ولا تقتص للضحية، إذ أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لسنة 1994، يقف إلى جانب الجناة بدلًا من إنصاف الضحايا، إضافة إلى وجود الأعراف والمعتقدات المترسخة في صميم المجتمع اليمني التي تدعم الفكرة وتقويها. وتُعد جرائم الشرف، جرائم صامتة في اليمن منذ عقود، وذلك من خلال تنفيذها بشكل غير علني، والقِصص القليلة التي خرجت للعلن معظمها مبررة بأن الفتاة دنّست شرف العائلة بتمردها.

مقصلة القانون
بدلًا من معاقبة مرتكبي الجرائم تحت مبرر الشرف، فإن القانون اليمني يدعم هذه الجرائم استنادًا لنص قانون الجرائم والعقوبات، المادة 59 من ذات القانون تقول: “لا يُقتص من الأصل بفرعه، وإنما يُحكم بالدية أو الإرش على حسب الأحوال”، وهذا ما يسمح للأقرباء باستغلال سلطتهم دون عقاب، ويعزز هذا القانون نظرة المجتمع للمرأة في اليمن، حيث يُعتقد على نطاق واسع أنها عار، وتتحمل اللوم وحدها في أية قضية.

فيما تنص المادة 232 من قانون الجرائم: “إذا قتل الزوج زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسهما بالزنا، أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة، فلا قصاص في ذلك، وإنما يعزر الزوج بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة، ويسري ذات الحكم على من فاجأ إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا”. نستنتج من هذه المادة القانونية دلالة واضحة على تماهي القانون اليمني مع المجرم كما لا يفرض عقوبة صارمة عليه.

الدكتور محمد عبد العزيز عميد كلية الحقوق بجامعة تعز يقول إن جرائم الشرف تُعد ثغرة معيبة في القانون اليمني حيث أنه يساعد في انتشارها، كما أن القانون اليمني لا يعرف استخدام مصطلح جرائم الشرف بهذا المفهوم، ولا يفرّق بين هذه الجرائم وغيرها من الجرائم الأخرى.
في حديثه لـ” منصتي 30” يقول: “يُستثنى التخفيف الخاص بعقوبة القتل في حال مفاجأة الزوجة أو أحد المحارم بالزنا إلى الحبس بما لا يزيد عن سنة، ومنطلق ذلك هو مراعاة الحالة النفسية والذهنية التي يصل إليها الشخص نتيجة الصدمة والغضب الذي ينتابه، وليس لأنها ماسة بالشرف”.
ولم تتشكل حتى الآن بوادر ضغط على المشرعين في اليمن من أجل إلغاء كثير من النصوص والقوانين الجائرة بحق المرأة، وخلق نصوص قانونية لحمايتها وحفظ حقوقها بدون تجزئة.

العادات تهزِم القانون
ورد في نصوص قانون الجرائم والعقوبات اليمني، أن “دية المرأة نصف دية الرجل، وإرشها مثل إرش الرجل إلى قدر ثلث دية الرجل وينصف ما زاد، ويعتمد في تحديد نوع الإصابة”، وهذا ما يقلل من إنسانية المرأة، ويجعلها عرضة للانتهاكات، مع أن المرجع الأول للدستور اليمني يقول إنه لا يوجد تحديد بين جنس المقتول والقاتل، ويعود هذا التمييز إلى تفكير القوى التقليدية في البلاد، خصوصًا فيما يخص قضايا المرأة.

يقول الدكتور محمود البكاري أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز إن في اليمن منظومة من القوانين العرفية غير المكتوبة هي التي تحكم العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع بما في ذلك الحفاظ على الشرف أو التخلص من العار.
ويُبرر البكاري بشأن عدم وجود قانون يدين مرتكبي جرائم الشرف بالقول: “من الطبيعي ألا يتعارض القانون مع خصوصية الأعراف والعادات وخاصة الخصوصيات الاجتماعية التي لا يتساهل المجتمع فيها أبدًا”.

عفاف أحمد من جانبها تقول إن العرف ليس مصدرًا للقانون إلا في حالة عدم وجود تشريع إلهي أو دستوري، وجرائم الشرف لا علاقة لها بالقانون أو الدين وما يحدث هو عبارة عن تشريعات وضعها الرجال لأنفسهم ولم يجدوا رادعًا يوقفهم عنها، تضيف في حديثها فتقول: ”أنا كطالبة شريعة وقانون لا أؤمن بمثل هذه القوانين التي لا تمت للعدالة بصلة، حتى التشريع الإلهي يبرأ منها، إذ أن التجريم واحد والردع لهما".

الناشطة النسوية داليا علوان في حديثها تقول إن: “الأب حينما يقتل ابنته يخبر المجتمع أنه بريء من خطأ ابنته، ويبارك الآخرون هذه الخطوة، إذ أنه بقتل ابنته يحمي بناتهم من أي خطأ محتمل، والقتل هو النهاية الأكيدة لكل سلوك مرفوض والذي تحدده العادات وتخضع له القوانين".

"منصتي30"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى