إسرائيل تلاعب الأردن في قضايا حساسة

> "الأيام" عمان

> ​تلاعب إسرائيل الأردن سياسيا في قضايا حساسة جدا مثل موضوع المياه وخاصة المستوطنات في وقت يواجه فيه الأردن مشاكل داخلية كبرى، مالية ودستورية وسياسية داخل الأسرة الهاشمية، بالإضافة إلى ضغط الفلسطينيين والإخوان.

وقالت أوساط سياسية أردنية إن الموقف الأردني القوي الذي صدر الجمعة في ما يخص المستوطنات يظهر الانزعاج الشديد لعمّان من تحرك إسرائيل دون مراعاة لمواقف الأردن ومصالحه وحساسية موقفه الشعبي في موضوع القدس بالذات.

وتساءلت هذه الأوساط عن هدف إسرائيل من هذه الضغوط على العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل غيره في هذه المرحلة بالذات، حيث تعيش المملكة على وقع جدل داخلي واسع على أكثر من مستوى، وتحتاج إلى الدعم من الأصدقاء بدلا من الضغوط.

واعتبر الأردن الجمعة أن مصادقة إسرائيل على بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية الجديدة بمدينة القدس المحتلة “خرق فاضح للقانون الدولي وتقويض لأسس السلام”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية هيثم أبوالفول في بيان إن المملكة تدين مصادقة السلطات الإسرائيلية على بناء 3557 وحدة استيطانية جديدة في فلسطين، وتعتبرها “خرقا فاضحا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية”.

وشدد أبوالفول على أن سياسة الاستيطان “لا شرعية ولا قانونية ومرفوضة ومدانة”. وأضاف أن الخطوة الإسرائيلية “أحادية وتمثل انتهاكا للقانون الدولي وتقويضا لأسس السلام وفرص تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية”.

وأشارت الأوساط الأردنية إلى أن ورود التصريح على لسان الناطق باسم الخارجية بدلا من وزير الخارجية يظهر أن الهدف هو إبعاد الأمر بأقصى ما يمكن عن الملك والحلقة المحيطة به نظرا لتزامن هذا الإعلان مع زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى عمّان، لافتة إلى أن إطلاق التصريح من جهة ثانوية يؤدي هدفه في إظهار انزعاج الأردن من سياسات إسرائيل وفي نفس الوقت يترك الباب مفتوحا أمام استمرار تطوير العلاقات الثنائية مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

وقال بيان حكومي إسرائيلي إن لقاء غانتس بالعاهل الأردني “ركز على موضوعات الأمن والسياسة”، وهو ما يحمل إشارة إلى القطع مع سياسة الحكومة السابقة القائمة على تهميش الأردن وإعادة الاستفادة من دوره الحيوي خاصة في الموضوع الفلسطيني.

وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاء واضحا في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (2009 – 2021)، إلى درجة دفعت العاهل الأردني إلى وصفها خلال جلسة حوارية في الولايات المتحدة بأنها “في أسوأ حالاتها”.

ويقول مراقبون إن الأردن يراهن على عودة الدفء إلى العلاقة مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة من أجل المضي قدما في بناء الثقة على أكثر من واجهة، وخاصة في موضوع القدس الذي لا يستطيع العاهل الأردني أن يقدم فيه أيّ تنازلات كما لا يمكن أن يسكت عن التصعيد الإسرائيلي فيه لوجود ضغوط داخلية كبيرة عليه خاصة من جماعة الإخوان المسلمين.

ويعتبر المراقبون أن الملك عبدالله يريد أن تكون العلاقة مع إسرائيل داعمة لمساعيه في إعادة ترتيب البيت الأردني من خلال الدفع نحو إصلاحات سياسية ترضي المعارضة وتساعد على تبديد كل صور التوتر التي شهدتها المملكة في الأشهر الماضية، بما في ذلك داخل الأسرة الهاشمية الحاكمة على خلفية قضية الأمير حمزة الذي يحوز على حضور لافت بين الأوساط الأردنية وخاصة لدى العشائر.

وسعى الملك عبدالله في أكثر من مرة للتأكيد على أن الأسرة متماسكة في وجه “الفتنة”. ويعتقد المراقبون أن الإعلان الجمعة عن تعيين الأمير راشد بن الحسن مستشارا للعاهل الأردني خطوة ضمن هذا المسار.

ويحذر هؤلاء من أن قرار الترفيع في عدد المستوطنات في القدس سيضع الملك عبدالله والدائرة المحيط به في إحراج شديد بسبب رهانها على إسرائيل في حل قضية المياه ودفاعها عن الاتفاق المائي بين الطرفين كخطوة طويلة المدى لحل الأزمة وهو ما من شأنه أن يعطي ورقة قوية بيد جماعة الإخوان المسلمين للاستمرار في إحراج السلطات.

ووقّع الأردن في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي في دبي إعلان نوايا مع إسرائيل برعاية أميركية للتعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه.

وكان عدد من النواب الإسلاميين في البرلمان الأردني قد اعتبروا الاتفاق “خيانة” وبمثابة “اعتداء على أمن الأردن”، فيما تتمسك به الحكومة باعتباره أحد الحلول العاجلة لتفادي الفقر المائي الذي يتربص بالأردنيين.

وقال النائب الإسلامي صالح العرموطي إن إعلان النوايا هو “ارتهان واعتداء على أمن الأردن وسيادته”. وأضاف أن إسرائيل “عدو”، معتبرا أن “الحكومة لم تحترم إرادة الشعب وأطلب حجب الثقة عنها”.

وينص اتفاق النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما ستعمل الدولة العبرية على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من الجفاف.

وفي حال تطبيقه ستوفّر محطة الطاقة الشمسية 200 ميغاوات من الكهرباء لإسرائيل، فيما ستزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

وقالت وزارة المياه الأردنية، عقب التوقيع، إنه من الممكن أن تحصل المملكة من خلال إعلان النوايا على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

وبينت في الوقت ذاته أن “توقيع الإعلان ليس اتفاقاً لا من الناحية الفنية ولا القانونية؛ وأن المشروع لن ينفذ دون حصول الأردن على هذه الكمية من المياه سنويا”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى