العمالقة إلى ما وراء الحدود..هكذا ستصاب قضية الجنوب بمقتل سياسي

> زيارة العميد تركي المالكي، الناطق باسم التحالف إلى شبوة وعقده مؤتمرًا صحفيًا بمعية محافظها عوض العولقي بعد ساعات من إعلان ألوية العمالقة انتهاء العمليات الحربية هناك وبعد ساعات أيضًا من لقاء متلفز مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، هي زيارة يلفها الغموض وتبعث التوجس لدى قطاع واسع من الجنوبيين.

توجس من النوايا التي تضمرها السعودية تجاه القوات الجنوبية هناك ومحاولة الزج بها في معركة خطيرة في جبهات الشمال المثيرة هي الأخرى للجدل والقتامة.
السعودية لا يؤمن جانبها أبداً، فهي ترفع بوجه الكل عصا غليظة وجزرة ضامرة، وسرعان ما تدير ظهرها لشركائها بعد أن تقضي منهم وطرها.

الخشية من هذه الزيارة أن تكون أتت كتعبير سعودي عن الامتعاض والرفض لأي مواقف جنوبية، عسكرية كانت أو سياسية رافضة للتوجه إلى القتال في الشمال، بعد ما سمعته الرياض يوم الإثنين من بيانات وتصريحات جنوبية تتمنع -ولو على استحياء- عن التوجه للقتال شمالًا، برغم من أن الزبيدي لم يعلن صراحة رفضه مثل فكرة كهذه، وربطها برغبة التحالف وبشرط مشاركة قوات الإصلاح الموجودة بحضرموت وشبوة بالمعارك بالشمال، إلا أن السعودية لا يروق لها أن تسمع من حلفائها مثل هذا التمنع والاشتراطات حتى ولو كانت خجولة، فانتفاخ الذات سمة وفلسفة ملازمة للسياسة السعودية منذ عقود.

ثمة مخاوف منطقية نراها من أي مشاركة عسكرية جنوبية بالعمق الشمالي، يمكن إيجازها بالآتي:

1 - تخطي الحد الجغرافي الذي كان يمثل حدود الخارطة السياسية بين دولتي اليمن إلى عام 90م أو بالأصح إلى عام 94م، عام الانقلاب على المشروع الوحدوي وبزوغ القضية الجنوبية كتعبير سياسي منطقي عن فشل تلك الوحدة وضرورة النظر بمستقبل العلاقة بين طرفيها وفق معطيات اليوم بعد أن طعنها أحد طرفيها بالخاصرة، نقول إن تخطي القوات الجنوبية للحدود وبالذات مع مأرب والبيضاء سيضفي ضبابية كثيفة على جوهر وماهية القضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز لدى الداخل والخارج، وسيبدو المجلس الانتقالي وسواه من القوى والشخصيات الجنوبية التي تناضل لنصرة تلك القضية وكأنهم قد تخلوا عنها وانضووا تحت معطف الحكومة اليمنية المسماة بالشرعية التي تناضل لاستعادة سُلطة سلبت منها في صنعاء عام 2014م، وليس فقدان الوطن ثم مصادرته كما تم عام 94م مع الجنوبيين، وبهذا الأمر أعني أن التوجه إلى القتال خلف الحدود من شأنه أن يصيب القضية الجنوبية بمقتل سياسي ويتخذ منه خصومها حجة وكلمة حق يراد بها دفن القضية والالتفاف عليها، وأي مشاركة عسكرية ستأخذ بعدًا سياسيًا قبل بذلك الجنوبيون أو رفضوا، فهي بالضرورة ستكون كذلك.

2 - سيكون المقاتل الجنوبي في بيئة جغرافية واجتماعية مثل مأرب والبيضاء وغيرها من محافظات الشمال، دخيلًا عليها ونكرة كبيئة رافضة له اجتماعيًا وقبليًا وسياسيًا وعسكريًا وفكريًا، وبالتالي سيكونون على موعد مع مجزرة لا تبقي ولا تذر في محيط ينظر لهم أصلًا بمنظور الحوثيين كعناصر داعشية إرهابية ومرتزقة إجراء، وحتى القوى الأخرى التي يفترض أنها بصف التحالف والشرعية، وبصف افجنوليين هناد مثل حزب الإصلاح ستنظر لهم كمجموعة انفصالية وسلفية وهابية وعملاء إماراتيين يستحقون الطعن من الأمام وليس فقط من الخلف.

إذا كان المقاتل الجنوبي وهو يقاتل في أرضه وبين ربعه يجأر بالشكوى مما يسميه بغدر الإصلاح وتآمره، فكيف سيكون حاله في الشمال بمعقل الإصلاح ومخزونه البشري القتالي الحقيقي؟

3 - الأمر الآخر الذي لن يكون أقل خطورة على المقاتل الجنوبي عن سواه مما ذكرنا من الاخطار آنفاً، هو عامل الجغرافيا الوعرة بالشمال والتضاريس المريعة التي يجهل مسالكها ودروبها المقاتل الجنوبي ويتقنها المقاتل الشمالي، والحوثيون تحديدًا ببراعة، مما سيجعلهم طريدة ولقمة سهلة الابتلاع والتنكيل، ولنا في تجربة الجيش المصرية المريرة هناك عبرة إن أردنا أن نعتبر من تجارب الغير، وهذا علاوة على أن مثل تضاريس صعبة كهذه كفيلة بأن تحيّد دور الطيران تمامًا وهو السلاح الذي يتكئ عليه الجنوبيون ويعوضهم عن نقص العدة والعدد والخبرة، فهذه الجغرافية المتشعبة والمتعرجة الجبال والوهاد هي التي يتفوق فيها الحوثيون ويصعب، إن لم نقل يستحيل، التغلب عليهم فيها، وبالتالي فالنتيجة في أي مواجهة هناك ستكون نتيجة محسومة سلفًا لأصحاب الأرض "الحوثيون" وحلفاؤهم، تمامًا كما كانت في الجنوب لمصلحة الجنوبيين، فالأرض تقاتل مع أهلها كما يُقال، والحديث عن نتيجة أي مواجهة جنوبية شمالية بالشمال ستكون فقط حول عدد القتلى والجرحى الجنوبيين والأسرى الجنوبيين، ما دون ذلك فهو نافلة بالتفاصيل ليس أكثر.

لماذا على الجنوبي أن يخوض معارك بالوكالة، ونيابة عن أصحاب الشأن وعن أصحاب الأرض؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى