عدالة القضية

> لقد تعهدنا مدنيًا بأن نُرسي قواعد وأُسس البناء والتنمية في الجنوب إدراكًا من أن هذا الجنوب ككل، بحقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية فيها من التجانس والقبول بالآخر أياً كان، نشأت فيه أجناس وأعراق مختلفة بداياتها انقرضت وأصبح هناك من يتوارث هذه النشأة.
الارتباط بالجنوب له طابعه المتميز، فهو متمدن ومتعايش ومنفتح على الآخرين.. يساعد في التنمية والبناء ويحافظ عليهما، يتحرك من ذاته لتقديم سُبُل المساعدة للآخرين أينما كانوا وحلّوا.

لكل قضية أبعادها والقضية الجنوبية قضية عادلة لأنها تحمل من المبادئ والأهداف التي يسير عليها وينطلق منها شعب الجنوب لتحقيقها، وهي هنا تمثل بعدين:

الأول (البُعد الاقتصادي)
عرف الجنوب التجارة والتبادل التجاري منذ أزمنة بعيدة وتميز بموانئه البحرية (كمنفذ بحري) رسمي لاستقبال السفن التجارية من عدة دول شرقا وغربا، وكان من تلك الموانئ وأهمها ميناء عدن الذي حمل الصيت الذائع بين مختلف موانئ ومنافذ العالم البحرية.

اليوم ميناء عدن الرسمي يقع في المعلا ومنطقة كالتكس بالمنصورة ولكن بوتيرة منخفضة تكاد لا تذكر يتم خلالها فرض رسوم وضريبة على كل نقل تجاري إليها بشكل مضاعف مما يدفع التجار المحليين وغيرهم إلى التفكير في منافذ بحرية أخرى، ولا شك بأن الفساد المستشري في مفاصل هذه المنافذ وأعمال فرض الضرائب على أولئك التجار هي من الأسباب التي تجعل من جميع التجار يعوضون تلك الخسارة المالية لاستلام بضائعهم فتنعكس على المواطن في عدن خاصة والجنوب عامة، وأيضًا نتيجة ما يفرض على السفن التجارية من تصاريح دخول بسبب الحماية وأعمال التأمين والمراقبة للسفن بجميع أنواعها ما يكلف التجار آلاف الريالات السعودية والدولارات الأمريكية في ظل وضع اقتصادي منهار في الجنوب عامة، وهو ما يكلف مدينة عدن أعباء اقتصادية كبيرة.. وهي ليست مهيأة لاستقبال كل تلك الأفواج من النازحين والانقطاع في الخدمات الأساسية، كل ذلك يشكل عوامل طرد وليس جذب للعديد من الاستثمارات والعزوف عن منطقة حيوية وأساسًا في طرق التجارة العالمية، وانهيارا مخيفا في العملة المحلية أمام مختلف العملات العالمية.

الثاني (البُعد الأمني)
نعلم وندرك أنّ وجود أمن حقيقي في أي مكان هو من أهم العوامل التي تساعد على الاستقرار والنماء وتأمين المنافذ البحرية وأهم ما في ذلك حماية أمن وسلامة المواطن والممتلكات العامة والخاصة وصونها من أي عبث أو فوضى تطال تلك المؤسسات الحكومية وحتى الأراضي المملوكة للدولة أو لأشخاص توقفت أعمالهم بسبب الحرب والاغتيالات لعدد من كوادر أمن عدن ومن المدنيين من تلك الأعمال الإرهابية المقيتة، وهي تتكرر بشكل متفاوت في عدن وغيرها من محافظات الجنوب، يذهب ضحيتها في بعض الأحيان الأبرياء من الناس العاديين.

تلك الفوضى الأمنية نتيجة لتجذر الصراع بين الشرعية التي يقودها عبدربه منصور هادي كرئيس شرعي للبلاد معترف به من مجلس الأمن، وآخرون يمثلون قيادات أمنية وعسكرية وسياسية محسوبة على الحوثي أو تتخادم معه.

انشغال تلك الأطراف بالصراع السياسي والكسب والاستقواء أفرغ البعد الأمني من مضامينه التي يفترض عليه أن يتعهدها ويقوم بها، وأن تلك القوى المتخادمة والناس محصورة بين رجاء ودعاء وأمل في الأمن والأمان اللذين يتوجب على كل طرف منها أن يتحمل أمامهما مسؤولياته وتعهداته ويتصرف وفقًا للمسؤوليات التي عهدت إليه وفقًا لكل الأعراف والدساتير والقوانين التي تلزم الجميع بالحفاظ على حياة الناس وحرياتهم وممتلكاتهم وصون كرامتهم في أوقات السلم وأوقات الحرب، فلكلٍ قواعده القانونية الملزمة لمثل تلك الحالات، والإنسان هو محور الحياة والنماء والتقدم وهو من بيده إما خلق السعادة أو خنق الحياة وإبادة الإنسان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى