خيوط الحياكة طوق النجاة من الفقر والبطالة في تهامة

> محيي الدين الشوتري:

> ​مهنة الكبار والصغار بحثًا عن العيش..
ينهمك الخياط عمر حسين (80 عامًا) من سكان مدينة الحديدة غرب اليمن 15 ساعة يوميًا في نسج وإصلاح خيوط "المداعة"، وهي المهنة التي يقتات منها منذ 60 عامًا لتوفير مصدر دخل لأسرته.
لكن الحاج الثمانيني يقول إن حركة البيع تشهد تراجعًا عمَّا كانت عليه في السابق؛ بسبب عملية الاستيراد لهذا المنتج من الهند مما أسهم في تراجع عملية الشراء من محله.

عشق المهنة على الرغم من متاعبها، هو ما دعا الحائك صالح حسن (48 عامًا) للاستمرار في مهنة الحياكة التي يحترفها منذ 30 عامًا، وبحسبه فهذه المهنة هي مصدر رزقه الوحيد للإنفاق على أسرته التي تقطن في ذمار شمال اليمن، حيث يتحصل يوميًا على دخل بمعدل 7 دولارات، ليقوم بتجميع ما يكسبه نهاية الأسبوع لتحويله لأسرته شمال البلاد.

ليست مهنة حياكة المداعة باليسيرة عند صالح حسن؛ إذ يقول إن مصاعب هذه المهنة في الآونة الأخيرة كانت في ارتفاع أسعار الجلود التي يتم استخدامها في الحياكة، وضعف التسويق الذي فاقم من تردي العمل وقلة الإقبال على الشراء.
وارتفعت نسبة البطالة في اليمن إلى 65 %، وتجاوزت نسبة الفقر 80 %، وفق الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، وقتل 10 آلاف و900 عامل، فيما جرح 19 ألفًا و498 عاملًا، فضلًا عن تسريح آلاف العمال وفق نقابة عمال اليمن.

الصغار يزاحمون الكبار
ولا يقتصر عمل الحياكة في تهامة على الكبار فقط، فالبطالة والفقر دفعا كثيرًا من الأطفال لترك مقاعد الدراسة والالتحاق بمراكز حياكة المعاوز (حياكة قطع البسط) من أجل لقمة العيش، فمنذ عامين يعمل بشار هاني الحطامي (10 أعوام) برفقة شقيقه في معمل لحياكة المعاوز؛ فوالده مقعد بسبب المرض ولا يستطيع العمل، ليضطر مع شقيقه الآخر للعمل في هذه المهنة لعدم وجود مصدر دخل للأسرة.
ويقول إنه يداوم في عمل المحل في الساعة 7 صباحًا وحتى الظهيرة ثم يذهب للمدرسة، ثم يعود مرة أخرى في فترة المساء للعمل في المحل، ويصف العمل بالشاق والمرهق فهو يكسب بحدود 10 دولارات في اليوم من أجل توفير احتياجات أسرته التي تستأجر منزلًا بما يعادل 40 دولارًا في الشهر.

عمالة الأطفال
وبحسب منظمة سياج لحماية الطفولة فإن معدلات ارتفاع عمالة الأطفال في اليمن ارتفعت 3 أضعاف عمَّا كانت عليه قبل الحرب، ويرجع أحمد القرشي رئيس المنظمة  هذا الارتفاع للتردي الاقتصادي في البلد الناجم عن الحرب ومقتل وإصابة الآباء، فضلًا عن فقدان مصادر الدخل وانهيار العملة، وتزايد معدلات النزوح لما يزيد على 4 ملايين نازح.

وهذه العوامل جميعها تقف خلف انخراط ملايين الأطفال في سوق العمل مبكرًا بما في ذلك أسوأ أشكال عمالة الأطفال والتجنيد والاشتراك في النزاع المسلح.
ويكد الطفل عبد الرحمن (11 عامًا) في الصف الرابع 8 ساعات يوميًا للعمل في معمل الحياكة بتهامة، ليتمكن بعد يومين بمعدل 16 ساعة من إنجاز معوز واحد فقط، حيث يكسب يوميًا مقدار دولارين، يساعد بهما أسرته المكونة من 4 أشقاء، ويعمل على تنظيم وقته بين العمل في المعمل والدراسة ليساعد أهله بتوفير مصاريف المعيشة بسبب الغلاء وانعدام العمل لدى الأسرة.

وتقول منظمة العمل الدولية إن عدد الأطفال العاملين في اليمن يفوق 400 ألف طفل، ينتمون للفئة العمرية من 10- 14 عامًا، فيما 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومين من أبسط حقوقهم، وهو ما يثير حالة من الطوارئ تستوجب تحركًا دوليًّا للمساعدة على الحد من هذه الظاهرة.
وتظهر تفاصيل الأرقام انتشارًا مرتفعًا للعمل في صفوف الأطفال الأصغر سنًا بما نسبته 11 % بين 5-11 عامًا، وبنسبة 28 % للأطفال بين 12-14 عامًا، ونسبة 39.1 % للأطفال بين 15-17 عامًا.
كما أظهر المسح أن أكثر من نصف الأطفال العمال يؤدون عملًا خطيرًا، فيما الغالبية الساحقة 95.6 % تعمل في مهن خطيرة.

"الجزيرة نت"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى