إلى الانتقالي.. كلامٌ جاف خالٍ مِن بهارات النفاق والمجاملة: أنت المسؤول عن هذا الوضع

> لاشكَّ لدينا أبدًا بأن المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه كل القوى والشخصيات الجنوبية المؤمنة حقًا بعدالة القضية الجنوبية وتنتصر لها بكل السُـبل وفي جميع المحافل منذ سنوات قد حققت مكاسبًا لهذه القضية، مكاسب سياسية لا بأس بها، وأحرزت انتصارات جيدة على مختلف المجالات الأخرى - باستثناء الاقتصادي والمعيشي – على الرغم من صعوبة التحديات وتعقيدات الوضع الداخلي والخ ارجي، وما يحيق بها من مؤامرات، ولكن يظل ما تحقق دون المستوى المأمول، خصوصا على الصعيد الاقتصادي والخدمي والمعيشي، وعلى صعيد محاربة الفساد بكل أنواع الفساد وصوره.

فالوضع الاقتصادي والخدمي ما زالا ينحدران نحو هوةٍ سحيقة لا قرار لها، ولا يحرك الانتقالي ساكنا حيالهما. أو حتى نكون أكثر إنصافا نقول إنه قد قام ببعض الشيء من الجهد لكنه لم يقم بما يكفي من خطوات لمعالجة هذا الوضع لأسباب خاصة به وبسبب الأصفاد التي تكبله بها علاقته بـ التحالف وبالسلطة المسمّاة بالشرعية. فتذرعه بعدم امتلاكه للمؤسسات المالية والإيرادية والنفطية يعالج بها وضع الخدمات، ليس حُجّـة كافية له، بل أحيانا تكون عليه. فعلى الرغم من تفهمنا أن موضوع البنك المركزي وتصدير النفط ليس بيده وأن ثمة قوى إقليمية ودولية هي من تتحكم بذلك، لكن بوسع المجلس وبعيدا عن التذرع بكوابح اتفاق الرياض الذي يرقد في غرفة العناية السياسية المركزة بالرياض منذ اليوم الأول لولادته أن يضع يده على الموارد التي في مناطق سيطرته في عدن وسائر المحافظات الأخرى لتحسين الخدمات وتوفير مرتبات الموظفين وبالذات الأمنيين والعسكريين، والالتفات لقوائم الفقر المتفاقمة ومعالجتها عبر صناديق محلية بالتوازي مع جهود الشؤون الاجتماعية والمنظمات الإغاثية، بعد أن تخلى الطرف الآخر (الشرعية، وبرضا وصمت من التحالف) عن التزاماته، وطفق منذ بداية هذه الحرب على نهب ثروات الجنوب، بل وجعل من موضوع الخدمات ورقة ابتزاز ومساومة سياسية بوجه القضية الجنوبية وليس فقط بوجه الانتقالي، فيما يكتفى هذا الأخير بالتنديد والشجب، بعد أن تخلى عن قرار الإدارة الذاتية ليرفد (الانتقالي) بها البنك المركزي بموارد المحافظات التي يديرها بينما موارد محافظات أخرى مثل مأرب وتعز تذهب لحسابات بنكية لأحزاب وقوى وشخصيات نافذة حزبية وعسكرية معروفة بالاسم. فالمواطن الذي يسحقه الجوع في عدن وسائر محافظات الجنوب لا يعرف سوى الانتقالي، ولا يعرف ما يدور في دهاليز السياسيين شيئا، وليس مُلاما هذا الضحية أبدًا إن جأرَ بالشكوى وتملّــكته فورة ثورة الغضب، واستبدّتْ به مشاعر الفاقة، فالبطون الخاوية لا تعرف التفكير، نقول هذا لندقُّ ناقوس خطر ثورة جياع بدأت تتشكل ملامحها بوجه الانتقالي الجنوبي.

فالوضع المعيشي في نظر المواطن العادي والنخبوي بعموم الجنوب هو عنوان معيار نجاح أو فشل الانتقالي، بعد أن بات أفق التسوية السياسية لقضية الجنوب ومستقبله السياسي بل والأزمة اليمنية برمتها مسدودا على المدى المنظور، ومؤجل الحل إلى أجلٍ غير معلوم بيد القوى الإقليمية والقوى العظمى المؤثرة. وعطفا على ما تقدم يكون حريًّا بالانتقالي الجنوبي أن يدرك أن ثمّة معركة يجب أن يخوض غمارها بكل جهده وطاقاته ويتحرر من تروسه السياسية الصدئة، ونعني هنا المعركة على الجبهة الاقتصادية والمعيشية والخدمية ومحاربة الفساد، فهي معركة لا تقل أهمية عن معاركه العسكرية والسياسية التي لا شك أنه يبلي فيهما بلاءً حسنا.

بمعيشة المواطن ووضعه الاقتصادي والاجتماعي قد بلغت مبلغًا مرعبًا من السوء والانهيار، وأصبح دور الانتقالي حيالها مقتصرًّا على التنديد وتحميل الآخر المسئولية، بل إن بعض من قياداته لم تكتفِ فقط بسلبية موقفها مما يحدث، بل صارت شريكة أصيلة بتفاقمه وازدهاره، وأضحت عوضا عن أن تتصدى لهذه الآفة جزءًا منها وتمارسها جهارًا نهارًا في مؤسساتها ووزاراتها أو في أحسن حال تكتفي بالصمت تجاهها.

فضلا عن الأفعال الشنيعة والمخجلة التي تمارسها بعض القيادات العسكرية والأمنية المحسوبة على القضية الجنوبية وتأتمر بأوامر المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد أن صارت جهات جباية بالنقاط والطرقات ومداخل المحافظات، وأطقم عسكرية للبسط على أراضٍ خاصة وعامة، بل وتمارس نهب وسرقة مرتبات أفرادها، ولن تكون فضيحة يوم الأحد الماضي آخر الفضائح، حين احتربت جهتان أمنيتان على مرتبات الجنود في عدن، في واحدة من أكثر المهازل الأمنية فضائحية، وصار الصمت تجاه من قام بها دون عقاب أو رادع شراكة بهذا الخزي.

فالترهل وحالة اللامبالاة صارت هي السمة التي تتصف بها بعض قيادات المجلس الانتقالي وهي إما تجوب عواصم العالم في رحلات مكوكية، وإما مستكينة لا حراك لها بالداخل، أو باتت جزءًا من الفساد تمارسه ماليًا وإداريا وجعلت من نفسها مظلة يستظل تحتها فاسدون، وبالذات تلك القيادات التي تشغل مناصب بالحكومة وفي بعض المؤسسات الأخرى.. فما يثار اليوم في بعض الوزارات المحسوبة على الانتقالي مثل وزارة النقل بحاجة لموقف صريح ومكاشفة من قيادة الانتقالي التي لا تزال تحتفظ بسمعة طيبة بالشارع الجنوبي، موقف لسبر أغوار ما يجري بتلك الوزارة وغيرها من الوزارات والمؤسسات وكشف حقيقة مزاعم الفساد فيها، وإلا فأن الانتقالي يجازف بما تبقى لديه من شعبية جماهيرية بدأت تتآكل كل يوم على وقع هذه الأخطاء السياسية والإدارية والأمنية المتصاعدة.

نقول هذا من منطلق حرصنا وقلقنا الشديدين على بلاد وأناس يجلدها الفقر بقسوة، وينشب بظهرها الفساد والمفسدون أنيابهم دون رحمة، وتبطش سواطير الفوضى وخناجر الهمجية بقسوة تارة باسم القضية وتارة بطلقة البندقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى