الحوار الجنوبي بين التذاكي والفهلوة حتى إشعار آخر

> استهلال:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فلم تنفعهم القلل

واستنزلوا من أعالي عز معقلهم

فأسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا

تكرر على مسامعنا في الآونة الأخيرة بشكل لافت خبر البدء بتفعيل محور الحوار الجنوبي، وهي ليست المرة الأولى التي يتبادر فيها إلى أسماعنا إعلان كهذا وعن أمور كهذه، وعندما نتحرى عن ذلك تجدنا لا نمسك إلا قبض هواء، وأمر كهذا فهو هراء، وحرث في البحر، إذ إننا كجنوبيين بدرجة رئيسة يهمنا أمر الحوار الجنوبي الجنوبي سواء في الداخل أو في الخارج، فالحوار الذي نريده هو حوار العقلاء "الاذكياء" الذين يستشعرون أهمية أن نتخاطب بموضوعية تامة، وهي الموضوعية التي لا بد من أن نكون بها على قدر كبير من النزاهة والشفافية حتى نصل بحوارنا إلى نتائج إيجابية طالما انتظرها كافة الجنوبيين على اختلافاتهم وتبايناتهم مهما كانت مواقفهم وأيضا مواقعهم في المشهد السياسي الراهن، غير أن من يتابع هذا الشأن يتأكد له بالدليل القاطع أن شيئًا مما نسمع عنه لم يتحرك قيد أنملة إلى الأمام، وتنتهي الضجة الإعلامية بصنع خيبة كبيرة في صدور كل المخلصين للقضية الجنوبية.

هنا يمكنني القول إن هناك من يتعمد إلى وضعنا في خيبات متوالية ليزرع بدواخلنا اليأس والاستسلام لما هو يريد أن يوصلنا إليه فرادى وجماعات ظنا منه أن يمارس معنا ذكاءه، ولا يعلم أن الجنوبيين أذكى منه فيما يتعلق بقضيتهم الجنوبية، وتجدهم يضعون الصفة الحقيقة لحال كهذا وهو التذاكي والفهلوة ولا شيء غيرهما، وهما صفتان لم تتعب الجنوبيين وحسب، بل إنها أتعبت شعوبا كثيرة تماثل شعب الجنوب في ظروفه وأوضاعه، وكانت النتائج وخيمة، والأمثلة غير غائبة عنا في عالم اليوم الذي نحن جزء منه في كل متغيراته التي نشهدها ونعيشها حقيقة، وتنعكس على أحوالنا شئنا ذلك أو أبينا.

غير خافٍ على ذي حس وطني جنوبي أن نفسية أبناء الجنوب غدت رهينة ذلك التذاكي وتلك الفهلوة التي دأبت عليها جماعات بعينها سبق لي أن أشرت لها بوضوح في أكثر من مقال، وهي تلك الجماعات التي وجدت نفسها لغفلة منا أو لحسن نوايانا معها تتلاعب بنا وبقضايا مصيرية، ولا يهمها أن يخرج هذا الجنوب من هذه الحالة المزرية التي تعيث فيه فسادا، وتؤخر خلاصه وتحرره التام.

الخلاصة:
لن ينقذ الجنوب إلا أن نواجه أولئك المتذاكين وفهلوتهم ونحدد مواقفنا منهم سواء كانوا يسيرون في خط الانتقالي أو إخوتنا الذين تبتاع وتشتري فيهم مراكز النفوذ اليمنية التي يعرف هؤلاء قبل غيرهم أنها لا تريد لهذا الجنوب أي خير، ويا ليت الجميع يتعظ ويستفيد من دروس وعبر التاريخ البعيد والقريب.

الخاتمة:
ناداهمو صارخ من بعد ما دفنوا

أين الأسرة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت محجبة

وكان من دونها الاستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا

فأصبحوا بعد ذاك الأكل قد أكلوا(٢)

الهامش:
الاستهلال (1) والخاتمة (2) من قصيدة للشاعر الجاهلي وهب بن منبه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى