السعودية تنجح في جر إدارة بايدن إلى بيت الطاعة

> الرياض "الأيام" العرب

> ​قالت أوساط سياسية خليجية مطلعة إن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الرياض هي خطوة من إدارة الرئيس بايدن تهدف إلى إذابة الجليد مع السعودية بعد ما عكسته التصريحات الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من برود في العلاقة بين الحليفين.

وأشارت الأوساط الخليجية إلى أن السعودية نجحت في أن تدفع إدارة بايدن إلى التراجع عن أسلوبها المتعالي خاصة في عدم الحديث إلى ولي العهد، وكذلك اتخاذ قرارات بشأن أمن الخليج دون حوار ثنائي معمق أو حتى مشاورات خاطفة يتم من خلالها إعلام المملكة بالخطوات الأميركية، وأن واشنطن صارت الآن تبحث عن كسب ودّ الرياض بكل الطرق، وهو دليل على نجاح السعوديين في جر إدارة بايدن إلى بيت الطاعة.

وترى هذه الأوساط أن الأميركيين أدركوا فعلا حجم التغيير الذي يجري في السعودية بعد رفضها مختلف الضغوط والوساطات من أجل إقناعها بضخ كميات كافية من النفط تساعد على خفض الأسعار في السوق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى رفضها الانضمام إلى تحالف أميركي – أوروبي يسعى للضغط على روسيا ويمهد لعقوبات على تصديرها للنفط والغاز في حال وجد بدائل من بينها قبول السعودية المساهمة بقوة في تعويض حصة روسيا من النفط في السوق.

وعلى العكس من مساعي واشنطن، فإن السعودية أكدت بشكل علني وفي أكثر من مرة التزامها باتفاق تحالف أوبك+، بما يعني أنها لن تتحرك للمساعدة في خفض أسعار النفط مثلما تريده واشنطن، كما أنها أظهرت أنها متمسكة بتحالفها النفطي مع روسيا، وهو تحالف قد يمتد إلى مجالات أخرى إذا استمر الأميركيون في أسلوبهم الذي ينطوي على التعالي، وهو ما يرفضه السعوديون بشكل تام.

وأظهرت مقابلة الأمير محمد بن سلمان مع مجلة ذي أتلانتيك في السابع من مارس أن التوتر مع إدارة بايدن بلغ حدا كبيرا، وذلك في حديثه عن أنه لا يهتم بما إذا كان بايدن “يسيء فهمه” بخصوص قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي. كما أرسل إشارة واضحة تفيد بأن بلاده لن تقبل ضغوطا أميركية بشأن مسائل داخلية في المملكة أو تدخلا لتحديد شكل علاقاتها الخارجية، حيث قال إن “ممارسة الضغوط لم تجد نفعا على مدى التاريخ، ولن تجدي نفعا”.

وفي رسالة تهديد مبطنة، ألمح ولي العهد السعودي إلى وجود “فرص كبيرة لخفض” المصالح الأميركية مع بلاده، معتبرا أن الأمر يرجع إلى بايدن “في التفكير في مصالح أميركا”، وهو ما يعني كذلك أن تخلّي واشنطن عن التزاماتها يعفي الرياض من أيّ التزام ويجعلها تتجه إلى شراكات جديدة.

ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة باتت على اقتناع بأن السعودية تتغير بشكل غير متوقع، وأنها لذلك ترسل بلينكن لأجل التهدئة بانتظار زيارة جو بايدن التي تقدر لوحدها على تبديد غضب السعودية لأنها ستخطو الخطوة الأهم في طريق استعادة العلاقة الثنائية لحرارتها، وهي عقد لقاء بايدن بالأمير محمد بن سلمان، الرجل القوي في السعودية حاضرا ومستقبلا.

وزاد الحرج في واشنطن بعد تسريبات إعلامية أميركية مفادها أن السعودية وجهت دعوة إلى رئيس الصين شي جين بينغ لزيارتها، وأنه سيحظى بحفاوة كبيرة في الرياض، وهو ما قد يعني أن بكين ستملأ الفراغ الذي تركه الأميركيون في المجال الدفاعي والاقتصادي، وأن السعودية قد تبادر لإظهار الرغبة في تمتين العلاقات من خلال الإعلان عن استثمارات كبرى في الصين.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، التي نشرت خبر الزيارة، عن مصدر سعودي قوله إن “ولي العهد وشي صديقان مقربان وكلاهما يدرك أن هناك إمكانات هائلة لعلاقات أقوى”، مضيفا أن “الأمر لا يقتصر على أنهم يشترون النفط منا ونحن نشتري الأسلحة منهم”.

ويعتقد المراقبون أن أمام بلينكن الذي يستعد لزيارة الرياض فرصة لأن يحمل خطابا واضحا يجيب على ما يطرحه السعوديون من شكوك، وخاصة ما تعلق بالعلاقة مع إيران وأسلوب البيت الأبيض في التصرف بشكل منفرد في مفاوضات الاتفاق النووي دون سماع آراء حلفائه الخليجيين بشأن هذا الاتفاق وبنوده ووجود ضمانات تخص تأمين أمنهم القومي.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن السعودية تريد أن تعرف بالضبط كيف تفكر إدارة بايدن في مسألة الملف النووي لتضع على ضوئه تصوّراتها المستقبلية إما بالاستمرار في التحالف مع واشنطن أو البحث عن حلفاء جدد، وبالتوازي مع ذلك العمل على وضع خطط لبرنامج نووي سعودي يكون قادرا على ضمان التوازن مع إيران.

ولا شك أن التسريبات بشأن تهيؤ واشنطن لرفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية ستحمل إشارة سلبية تزيد من الصعوبات أمام زيارة بلينكن إلى الرياض في وقت ينتظر فيه الخليجيون خطوات أميركية أكثر فاعلية لمواجهة الهجمات التي تنفذها ميليشيات موالية لإيران جرى تدريبها وتسليحها من قبل الحرس الثوري خلال السنوات الماضية.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية السعودية الجمعة إن الرياض تتطلع لاستقبال وزير الخارجية الأميركي في المستقبل القريب لتعزيز المناقشات "الإيجابية" المستمرة بين البلدين، مشيرا إلى أنه لم يتم تحديد موعد الزيارة حتى الآن.

وأضاف المسؤول في تصريحات لوكالة رويترز “تعمل السعودية والولايات المتحدة بشكل مثمر للغاية على جميع مستويات الحكومة لتعزيز المصالح المشتركة للأمن والاستقرار الاقتصادي”. وأضاف “المسؤولون السعوديون والأميركيون على اتصال دائم”.

وذكرت خمسة مصادر أميركية وإسرائيلية وفلسطينية الأربعاء لموقع “أكسيوس” أن وزير الخارجية الأميركي يخطط لزيارة السعودية والإمارات وإسرائيل والضفة الغربية في وقت لاحق من هذا الشهر.
وستكون هذه أول زيارة يقوم بها بلينكن كوزير للخارجية الأميركي إلى السعودية والإمارات.

إلى ذلك نفت وزارة الخارجية السعودية اليوم السبت، صحة التصريح المتداول إعلاميا والمنسوب لمصدر مسؤول في الوزارة بشأن زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، للمملكة في المستقبل القريب.

وأوضحت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية ”واس“ أنه لم يصدر عنها أي تصريح بهذا الشأن.

وكانت وكالة رويترز للأنباء، نقلت الجمعة، عن مسؤول بوزارة الخارجية السعودية قوله إن المملكة تتطلع إلى استقبال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في المستقبل القريب؛ لتعزيز المناقشات ”الإيجابية“ المستمرة.

وأكد المصدر السعودي بحسب رويترز، أنه لم يتم حتى الآن تحديد موعد لعقد اجتماع في الرياض.

ونقلت الوكالة على لسان المسؤول قوله: ”تعمل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بشكل بناء للغاية على جميع مستويات الحكومة؛ لتعزيز المصالح المشتركة للأمن والاستقرار الاقتصادي“.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى