ثقب الأوزون

> نترك التفاصيل التي يختبئ فيها الشيطان عادة كما يقال ونركز على الأجماع الدولي والعربي الذي حظيت به نتائج مشاورات الرياض وما أفضت إليه من تسجيل مرحلة يمنية جديدة بنقل صلاحيات الرئيس هادي إلى مجلس الثمانية الرئاسي.

هذا الإجماع كفيل لكل ذي عقل في اليمن أن يؤيده ويتحسس طريق السير على هداه للوصول إلى حل شامل للحرب المضنية بعد أن سدت -كل مرة- أفاق الحل السياسي وأصبحت الحرب ذات السبعة أعوام كثقب الأوزان أو حسب قول روبير مونتاني Montagne: (تستنزف الحياة من نقطة ما) وإن كان هو يعني تركيبة المجتمع القبلية.

لم يأتِ هذا الاتفاق فجأة وبالإرادة اليمنية الخالصة حتى لا نلوي عنق الحقيقة ولكن باتفاق الفاعلين الكبار وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم اللاعبين الإقليميين وخاصة التحالف العربي، لأن ما كان مؤجلا وليس بذي قيمة رغم امتداد الحرب لسبع عجاف من السنين وما نجم عنها من مآس جسيمة أصبح له أهمية الإغلاق لهذا الملف نظرا لتبعات التطورات الدولية الأخيرة.

فحرب الروس والأوكران -وخلف أوكرانيا الغرب برمته- قد ألقت بظلالها على الوضع العالمي برمته حيث لا المدافع وحدها سيدة الأمر في الميدان وإنما هناك الغاز والنفط والقمح والروبل والدولار واليوان وأشياء أخرى.

فالغاز الإيراني الممتدة شرايينه من قبل إلى تركيا قنطرة العبور إلى أوروبا والواقع تحت الحصار قد يكون سلاح أمريكا لخنق مصدر قوة روسيا من الطاقة.

فالموقف الأوروبي قد بدأ يتصدع ويتململ من التصعيد الأمريكي ضد روسيا رغم وقوع أوروبا تحت ضغط غير مسبوق أمريكيا، بسبب ما سيعانيه الاقتصاد الأوروبي من تبعات إيقاف الغاز الروسي على بلدانها.

أمريكا المتوارية خلف المحيطات تستطيع أن تقدم حلفاءها الأوربيين ككبش فداء في معركتها لهزيمة روسيا وإخراجها من نادي الكبار عالميا، كما هي قد قدمت أوكرانيا لمحرقة روسيا مع استعداد أمريكا لمساعدة أوكرانيا لتستمر الحرب حتى أخر جندي أوكراني.

إن أمريكا تجيد أكل الثوم بأفواه الغير، لكن ما يهمنا في اليمن أن نتمثل القول (إذا هبت رياحك فاغتنمها)، وأقصد في نطاق حكم وسيطرة المجلس الرئاسي بأحداث نقلة في حياة المواطنين الذين مستهم الحرب وأصابتهم في عيشهم وأمنهم وبرؤية وطنية صادقة، ونأمل هذه المرة أن يصل دعم الأشقاء عبر (خطة مارشال) التي تحدث عنها اللواء المالكي ذات مرة أو بالتصريحات التي رافقت مشاورات الرياض عن إدماج اليمن في مصاف مجلس التعاون الخليجي وهو ما كان بحاجته اليمن دوما ولفائدة الطرفين، فدول الخليج بحاجة إلى ثقل اليمن الجيو ديموغرافي ولحيوية الإنسان اليمني الذي ساهم بهذا القدر أو ذاك في النهضة الخليجية وسيكون رافدًا في وجه التحديات والتهديدات التي تواجه الأشقاء في المنطقة.

يجب دعم الاتجاهات الجديدة في السياسة اليمنية الذي يشارك فيها ممثلو الجنوب بقدر من التساوي النسبي، وعلى هؤلاء ألا يفوتوا فرصة إعادة الاعتبار للمحافظات الجنوبية المحررة التي كانت ميدانيا تحت سيطرتهم -وأقصد المجلس الانتقالي الجنوبي- بعد التحرير، ولكننا لم نتقدم كثيرًا على طريق حل أزمات المواطنين وإعادة الاعتبار لعدن كحاضرة مدنية ومدينية يشار الهيا بالبنان وإحلال الأمن والسكينة العامة ولجم غول العبث بالأراضي والسطو على الممتلكات العامة والخاصة وبناء مؤسسة للأمن والجيش بعقيدة وطنية جنوبية شاملة وبغرفة عمليات واحدة وحل مشاكل جيش الجنوب السابق وإعادة اعتباره ودمج القادر منه على العمل في قوام المؤسسة الجديدة.

كان بمقدورنا أن نفعل ذلك، والتعويل الآن أن نستفيد من درس الإخفاق السابق، والعمل ضمن الممكنات السياسية المتاحة من نتائج مشاورات الرياض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى