الحجاب يحسم الانتخابات الفرنسية

> باريس "الأيام"

> وصف مراقبون فرنسيون توظيف الحجاب كورقة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بأنها عنوان آخر للشعبوية في السياسة بالغرب، حيث تراجعت القضايا السياسية والاقتصادية المصيرية، بل وحتى الضرائب، لصالح قضايا هامشية مثل الحجاب.

وقال المراقبون إن المرشّحيْن إيمانويل ماكرون ومارين لوبان لديهما ما يكفي من القضايا التي يمكن أن تقرّب كليهما من الناخب الفرنسي، وكذلك بالنسبة إلى المهاجرين الذين لديهم مشاكل كثيرة يمكن تقديم وعود بشأنها وكسب أصواتهم من خلالها بدل موضوع الحجاب الذي لا يقدم أيّ حلول، وعلى العكس فهو يزيد من فرص الاحتقان المجتمعي بين اليمين الفرنسي والمتطرفين الإسلاميين.

واحتدم الجدل بين ماكرون ومنافسته في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لوبان بعد تعهدها بمنع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فيما يقول ماكرون إن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة أمر لا يخصه، وهو توجه يبدو نشازا لمساره في الحرب على التيارات الإسلامية في فرنسا دفاعا عمّا يقول إنه هوية فرنسا العلمانية.

ويحذر المراقبون من تأثيرات المناورة بموضوع الحجاب، معتبرين أن ماكرون يريد كسب ثقة الجالية المسلمة والحصول على أصواتها لكن هذا مؤشر على أن المقابل قد يكون سكوته على أنشطة الجماعات الإسلامية ذات النفوذ القوي داخل الجالية، والتراجع عن قراراته السابقة.

وأقرت فرنسا العام الماضي قانونا أطلقت عليه اسم “قانون تعزيز احترام قيم الجمهورية”، ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات التابعة للإسلاميين. كما يفرض قيودا على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، ويحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

وفرنسا إحدى أكبر الدول الأوروبية من حيث حجم الجالية المسلمة، إذ بلغ عدد أفرادها نحو 5.7 مليون حتى منتصف 2016، وهو ما يشكل 8.8 في المئة من مجموع السكان.

ويهدف القانون إلى مكافحة الأفكار المتطرفة على جميع المستويات فهو يشدد شروط التعليم في المنزل، ويشدد القواعد للجمعيات التي تسعى للحصول على إعانات من الدولة، ويمنح السلطات سلطات جديدة لإغلاق أماكن العبادة التي يُنظر إليها على أنها تتغاضى عن الأفكار البغيضة أو العنيفة.

وتنظر الحكومة إلى تعليم الأطفال في المنزل على أنه مصدر محتمل للانفصالية الإسلامية التي تقول إنها تقوّض القيم الفرنسية.

ويقدّم ماكرون نفسه على أنه مدافع عن الحريات الدينية، مشددا على أن حظر الحجاب سيعني دستوريا منع جميع الرموز الدينية بما في ذلك القلنسوة اليهودية والصليب.

وخلال زيارة الى مدينة ستراسبورغ بشرق فرنسا الثلاثاء الماضي ضمن جولة للقاء الناخبين، سأل ماكرون سيدة محجبة إن كانت تضع الحجاب قسرا أم بقرار منها.

وأجابت المرأة “إنه خياري بشكل تام”، بينما تباهت بالتعريف عن نفسها بأنها نسوية.

ورد ماكرون عليها في إشارة واضحة إلى خطة لوبان “هذا أفضل رد على الهراء الذي كنت أسمعه”.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك الخميس خلال زيارة إلى مدينة لوهافر الساحلية الشمالية قائلا “لا توجد دولة واحدة في العالم تحظر الحجاب في الأماكن العامة. هل تريدون أن تكونوا أول من يفعل ذلك؟”.

ويدرك ماكرون بشكل واضح أهمية أصوات الناخبين المسلمين في فرنسا، وأصدر “مسجد باريس الكبير” و”تجمّع مسلمي فرنسا” دعوة للناخبين الجمعة للتصويت لماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات.

وقال عميد “مسجد باريس الكبير” شمس الدين حفيظ في بيان “تدعو قوى حاقدة اليوم إلى نفي المسلمين.. فلنصوت لإيمانويل ماكرون”.

من جانبها، تسعى مرشحة اليمين مارين لوبان إلى إلحاق الهزيمة بماكرون وإحداث أكبر خرق في تاريخ السياسة الفرنسية الحديثة في الجولة الثانية للانتخابات في الرابع والعشرين من أبريل الجاري، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى اشتداد المنافسة بينهما.

ويقول محللون إن أحد أسباب تقدم لوبان هو نجاحها في رسم صورة أكثر اعتدالا لها وتقديم نفسها على أنها المرشحة الأكثر قدرة على التعامل مع مشاكل من بينها ارتفاع الأسعار.

لكن لوبان المعادية للهجرة تتمسك بتشددها حيال الحجاب، وتقول إنه في حال انتخابها فإنها ستفرض غرامة على النساء اللواتي يضعنه في الأماكن العامة.

وقالت لوبان إن وضع الحجاب في الأماكن العامة في فرنسا يجب أن يعد مخالفة تستوجب أن تفرض الشرطة غرامة عليها تماما مثل مخالفة المرور.

وتتصاعد حساسية هذا الجدل باعتبار أن المرشحين يصوران نفسيهما على أنهما من حراس العلمانية الفرنسية ومبدأ فصل الدين عن الدولة.

وقالت لوبان لتلفزيون “بي أف أم” في مقابلة الجمعة “الحجاب فرضه الإسلاميون”، واصفة إياه بأنه “زي موحد”.

والجمعة دخلت لوبان في سجال مع امرأة مسلمة تضع الحجاب خلال زيارة إلى بلدة بيرتوي في جنوب فرنسا.

وقالت المرشحة إنه في “بعض المناطق” في فرنسا يتم “عزل” النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب وتتم “محاكمتهن”.

وردت المرأة وهي تضحك وتشكك بصحة تصريحات لوبان قائلة “هذا ليس صحيحا. هذا ليس صحيحا”، مضيفة أن والدها حارب من أجل فرنسا في الجيش لمدة 15 عاما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى