​من معارك المسلمين

> معارك الشيخ جراح

حي الشيخ جراح من الأحياء العربية في القدس، وكان الصهاينة يعتمدون على الخط المار بالحي لإيصال إمدادات الأسلحة إلى يهود القدس والمستعمرات شمالها؛ وبسبب هذا الموقع؛ شهد حي الشيخ جراح الكثير من المعارك بين العرب والقوات الصهيونية.

بسبب تعرض القوافل الصهيونية للهجوم أقام البريطانيون موقعًا يسيطر على الشيخ جراح.  وفي 13/4/1948 فجَّر عناصر من جيش الجهاد المقدس ألغامًا تحت قافلة صهيونية؛ فدمروا سيارتين وفتلوا 38 صهيونيًا انتقامًا لمصرع قائدهم (عبد القادر الحسيني) قبل أسبوع؛ فتحرك البريطانيون لمساعدة القافلة؛ فسمع المجاهدون في أنحاء القدس، فتوافدوا إلى حي الشيخ جراح ليخوضوا معركة ضد الصهاينة والبريطانيين معًا.

شعر الصهاينة بقوة الهجوم، فطلبوا الاستسلام وإلقاء السلاح، فوافق المجاهدون على ذلك وأرسلوا مندوبًا لإبلاغهم بالشروط، لكن الصهاينة قتلوا المندوب العربي فتجدد القتال بعنف أكبر، واستمر حتى ساعات المساء، وقتل من الصهاينة 120 صهيونيًا، وخسر الجيش البريطاني ستة جنود بين قتيل وجريح، ولم ينج من القافلة إلا 8 أشخاص بينما خسر المجاهدون 12 شهيدًا. 

وفي 18/4 استولى المجاهدون على مستشفى (أوغستا فكتوريا) في جبل المكبر وقرية العيسوية، قرب الجامعة العبرية والمدينة القديمة؛ فطلب القائد الصهيوني الدعم، فحركت عصابات (الهاغاناة) لواء (هاريل)، وانطلقت قافلة من 350 سيارة إلى القدس بقيادة ديفيد بن غوريون، ووقعت القافلة في كمين عربي، لكنها استطاعت المرور بعد عدة ساعات من قدوم نجدة كبيرة لها.

في 24/4 هاجم الصهاينة حي الشيخ جراح، ووقعت معركة استمرت طوال الليل، وتراجع المهاجمون نتيجة شجاعة المدافعين.

استمرت معارك الشيخ جراح حتى بعد انسحاب القوات البريطانية من القدس في 13/5/1948، أهمها المعركة التي جرت يوم 19/5/1948 والتي استطاع المجاهدون فيها مع بقية من جيش الإنقاذ منع القدس من السقوط الكامل في يد الصهاينة.

حاولت القوات الإسرائيلية بعد ذلك اختراق حي الشيخ جراح والاستيلاء عليه؛ لكن محاولاتها فشلت، ما اضطرها لشق طرق بديلة بعيدًا عنه، ولازالت معارك الدفاع عن الشيخ جراح مستمرة حتى اليوم.

معركة حيفا:

إن وجود مصفاة للنفط في حيفا عام 1947 جعلها من أكبر الموانئ في البحر المتوسط بعد الإسكندرية، هذا طبعًا عدا عن وقوعها على عقده طرق حديدية وبرية؛ فكان هذا سببًا جعلها محل اهتمام السلطات البريطانية؛ فخططت لإجلاء قواتها عبر ميناء حيفا.

بالنسبة للصهاينة لم تكن المدينة تقل أهمية؛ لكونها تربط خطوط مستعمراتهم، ولأنهم يطعمون في جلب المهاجرين عبر مينائها؛ أما العرب فكانوا ببساطة يعتبرون حيفا جزءًا من وطنهم التاريخي،له أهميته الاقتصادية.

كان في حيفا قوة عسكرية مدربة من "الهاغاناة" و”الأرغون"  تبلغ 5000 رجل، ضمن تشكيلات نظامية مجهزة ومسلحة، لها قيادات مدربة، فيما افتقر العرب إلى السلاح والعتاد. أضف إلى ذلك أن العرب كانوا يقطنون أسفل سفح الكرمل، أما الصهاينة فقد كانوا يقطنون أعلاه (هادار الكرمل) ويطوقون الأحياء العربية بعدد من المستعمرات.

تألفت لجنة وطنية مرجعها السياسي (الهيئة العربية العليا)، بعد تلقيها وعودًا بالدعم من اللجنة العسكرية في دمشق، التي كان يرأسها رشيد الحاج إبراهيم؛ وقد كلف الملازم محمد حمد الحنيطي بقيادة الحرس الوطني وتنظيم الدفاع عن المدينة.

بدأت الاشتباكات فور صدور قرار التقسيم، وازداد توتر الموقف بعد أن فجر الصهاينة قنبلة في الجانب الغربي من المدينة في 30/12/1947، فقتل 6 عمال عرب وجرح 41، وهم من عمال مصفاة النفط فانقض العمال العرب في المصفاة على الصهاينة العاملين فيها و قتلوا 41 منهم. 

وفجر العرب عربة بريد في القطاع الصهيوني بتاريخ 14/1/1948؛ فأصيب 45 صهيونيًا؛ ولكن المعارك التي دارت بعد ذلك أدت إلى استشهاد الملازم محمد الحنيطي في كمين صهيوني، وهو عائد بالسلاح من لبنان في  18/3/1948، وتولى أمين عز الدين القيادة مكانه.

 في أواخر مارس 1948 قضي العرب على قافلة صهيونية بالكامل.  وفي 21/4/1948 أبلغ الحاكم البريطاني المسؤولين العرب قراره إخلاء حيفا؛ وكان قد أبلغ الصهاينة بذلك يوم 17/4، وكان هذا إشارة للصهاينة لبدء خطتهم للاستيلاء على حيفا والمعروفة باسم (سباراييم) أو (المقص).

فجر يوم 22/4 اندفعت سرية صهيونية واستولت على بيت النجادة الذي يشرف على وادي رشمية، لكن العرب حاصروها طوال اليوم، وقتلوا كثيرًا من أفرادها، ولم تستطع التعزيزات الصهيونية أن تفك الحصار عنها، لكن هذه العملية جذبت الكثير من المناضلين نحوها؛ ما أدى إلى تسهيل عمل لواءين آخرين من الصهاينة؛ فما أن جاء 23/4 حتى كان الحي العربي مقسم إلى 3 أقسام حسب الخطة الإسرائيلية.

طلب الجنرال البريطاني (ستوكويل) من الطرفين عقد هدنة، ونقل للعرب عشرة مطالب صهيونية، من ضمنها: أن يسلموا أسلحتهم خلال 3 ساعات، ويزيلوا الحواجز عن الطرق، ويسلموا  إدارة المدينة للصهاينة؛ لتقوم بمنع التجول والتفتيش بحثًا عن أسلحة.

بالطبع قرر العرب رفض الشروط؛ لاقتناعهم بأنهم سيتعرضون للذبح إذا قاموا بتسليم أسلحتهم؛  وفي نفس الوقت قام الصهاينة بقلب المساجد التي استولوا عليها إلى اسطبلات، ونزعوا شواهد القبور الرخامية لاستعمالها في البناء.  ولكي يشيعوا الرعب في المدينة؛ ألقو جثث الشهداء على الأرصفة، ما أدى إلى مغادرة حوالي 70 ألف عربي للمدينة فسقطت حيفا في أيدي الصهاينة ما كان له أكبر الأثر في سير الحرب بكاملها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى