اقطع الشك باليقين

> إذا ما ضعنا في الحسبان العوامل والظروف التي قد يمر بها بعض الوزراء والمسؤولون الحكوميون من الشمال اليمني الذين يقيمون في عدن جنوبا، ففي الوقت الذي يعملون في مسار سياسي يناصب جماعة الحوثيين العداء، لا يمكن أن نتجاهل أن هذه النخبة السياسية لديها العديد من المصالح الاقتصادية والارتباطات الاجتماعية التي تقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

الأمر الذي يدفع الكثير من المراقبين إلى الاعتقاد بأن ثمة ضغوط قد تمارسها الجماعة اليمنية على هؤلاء، لسنا على المام كافي بتأثيرها النفسي على أدائهم الحكومي الذي يتسم بالضعف والفشل.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، أثارت ردود وزير الاتصالات وتقنية المعلومات نجيب العوج على الاستفسارات والتساؤلات التي وجهت له في جلسة الاستماع التي أقامها مؤخرا مجلس النواب اليمني في العاصمة عدن لأعضاء الحكومة، أثارت ضجة إعلامية كبيرة، حيث برر العوج فشل وزارته في نقل مركز ومؤسسات الاتصال والتحكم من صنعاء إلى عدن، بأن ثمة بيئة غير آمنة تشهدها الأخيرة لا تسمح بإتمام عملية النقل، ليس ذلك فحسب بل إن إجابة الوزير اليمني تقطع الطريق على مسألة توفير البدائل وفتح المجال لإقامة شركات اتصال جديدة تنطلق من عدن إلى باقي المحافظات الجنوبية، خارج سيطرة الحوثيين العسكرية. فالحديث عن بيئة غير آمنة يغلق الباب تماما أمام المستثمرين الجدد.

من جانب آخر، مطلع مارس الماضي هاجمت المليشيات المسلحة التابعة للجماعة الحوثية، أخوان وأقارب وزير الاتصالات اليمني نجيب العوج في محافظة إب وأودعتهم السجون والمعتقلات، وإلى جانب ذلك استولت على بعض الأملاك والأراضي التابعة لعائلة العوج.

الأمر الذي يشير إلى أن ثمة ضغوطًا حوثية مورست على الأخير، أتت في سياق أمني واقتصادي عنيف من شأنه أن يضعنا أمام مفارقة عجيبة، إذ تبدو البيئة غير الآمنة التي ذكرها الوزير اليمني أكثر اتصالا بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وبطريقة مست العوج بشكل مباشر وصريح.

من جانب آخر، ذلك يمنح المراقب المحلي والخارجي دافعا آخر للتصريح الذي ورد على لسان الوزير اليمني، على الأرجح يشير إلى خضوع الأخير لضغوط وإملاءات الجماعة اليمنية، إثر ذلك أفشل عملية نقل شبكات الاتصال والتحكم إلى عدن. فالعملية التي كانت ستكلف الحوثيين كثيرًا على الصعيد الاقتصادي والامني، تلوح من ورائها الكلفة الأمنية والاقتصادية التي كانت ستطال ابن محافظة إب في الشمال اليمني.

فيما إذا كانت المساومة الحوثية قد حدثت فعلا، يؤكد ذلك ما ذكرناه سابقًا "العوامل والظروف التي قد يمر بها بعض الوزراء والمسؤولون الحكوميون من الشمال اليمني الذين يقيمون في عدن جنوبا".

لذلك تجدر الإشارة إلى أن ثمة عوامل موضوعية، تسقط عن هؤلاء شروط العمل السياسي السليم الذي يقوم على أسس علمية مجردة. حيث لا مجال يتسع للجوانب الأخلاقية وبالتالي تفهم هكذا وضعية من شأنها الإخلال بالعمل السياسي وقدسيته في أي لحظة وحين.

الأمر الذي يعكس أهمية أن توكل جوانب السلطة التنفيذية ومؤسساتها السيادية لقيادات جنوبية فاعلة، تتصدر المسار السياسي بصورة تقطع الشك من أن ثمة ضغوطات حوثية قد تلغي بظلالها على صعيد المرحلة الجديدة التي تشهدها الأزمة اليمنية.

وفق استراتيجية، اقطع الشك باليقين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى