​مفاوضات اللحظات الأخيرة في مسقط وعدن تنقذ الهدنة باليمن

> عدن «الأيام» العرب

>
نجحت مفاوضات اللحظات الأخيرة التي احتضنتها العاصمة العمانية مسقط والعاصمة اليمنية المؤقتة عدن في إقناع الفرقاء في اليمن بتمديد الهدنة لشهرين إضافيين، في خطوة جعلت اليمنيين المستنزفين من الحرب يتنفسون الصعداء.

وكثف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس جرودنبرغ خلال الساعات التي سبقت انتهاء الهدنة من مسقط جهوده في إقناع المتمردين الحوثيين بأهمية تمديدها وبالتخلي عن تحفظاتهم بشأن فتح الطرقات في محافظة تعز.

تزامن ذلك مع إجراء المبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ وسفراء من الاتحاد الأوروبي محادثات مع قيادة المجلس الرئاسي في عدن لحثها على إبداء المزيد من المرونة، والقبول بتمديد الهدنة، باعتبارها فرصة نادرة لتحقيق السلام.
وتقول أوساط سياسية إن عمان لعبت دورًا رئيسًا في دفع الحوثيين للتعاطي بإيجابية مع الجهود الدولية المبذولة لتمديد الهدنة.

وتوجت التحركات الأممية – الغربية بدعم عماني بإعلان جروندبرغ أمس الأول عن موافقة السلطة اليمنية والحوثيين على تمديد الهدنة التي من المفترض انتهاؤها أمس الأول.

وقال جروندبرغ في بيان "أود أن أعلن استجابة أطراف النزاع بشكل إيجابي مع اقتراح الأمم المتحدة لتجديد الهدنة السارية في اليمن لشهرين إضافيين، تدخل الهدنة المجددة حيِّز التنفيذ عند انتهاء الهدنة الحالية"، أي بنهاية أمس الأول الخميس.

وكادت أن تتسبب الشروط والشروط المضادة لأطراف الصراع في إجهاض فرصة تمديد الهدنة، حيث تريد السلطة من الحوثيين رفع حصارهم عن تعز في جنوب غرب البلاد، فيما يربط المتمردون الخطوة بدفع الحكومة لرواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتهم.
ويحاول الحوثيون من خلال هذه المقايضة تحقيق المزيد من المكاسب حيث أنه من المفروض أن يتولوا هم دفع الرواتب من خلال الإيرادات التي يتحصلون عليها بعد فتح التحالف العربي المجال أمام موانئ الحديدة التي يسيطرون عليها.

وتقول الأوساط السياسية إن عدم التوصل لاتفاق حتى الآن بشأن فتح الطرقات من وإلى تعز من شأنه أن يبقي خطر انهيار الهدنة قائمًا.
وأوضح جروندبرغ في بيانه "لا بدّ من اتخاذ خطوات إضافية لكي تحقّق الهدنة إمكاناتها بالكامل، لاسيما في ما يتعلق بفتح الطرق وتشغيل الرحلات التجارية، وستتطلب مثل هذه الخطوات قيادة ورؤية لليمن كله".

وتابع "سأستمر بالعمل مع الأطراف لتنفيذ وترسيخ عناصر الهدنة كاملة، والتوجه نحو حل سياسي مستدام لهذا النزاع يلبي تطلعات ومطالب اليمنيين المشروعة رجالًا ونساء".

ورحب الرئيس الأميركي جو بايدن بتمديد الهدنة، وحض أطراف النزاع على جعلها "دائمة". وقال بايدن في بيان إن "الشهرين الأخيرين في اليمن كانا من الفترات الأكثر هدوءًا منذ بدء هذه الحرب الفظيعة قبل سبعة أعوام، وذلك بفضل الهدنة التي أعلنت في أبريل".
وأضاف بايدن في بيانه"لقد تم إنقاذ الآلاف من الأرواح مع تراجع المعارك، ومن المهم العمل على جعلها (الهدنة) دائمة".

وأثنى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف على الخطوة، قائلًا إن الهدنة "ستثمر في استمرار تهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية والوصول إلى سلام شامل يحقق الأمن والاستقرار في ربوع اليمن".

ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال البلاد وغربها، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، وتسبّبت الحرب بمقتل مئات الآلاف من الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.
وفي الثاني من أبريل الماضي دخلت الهدنة حيز التنفيذ بوساطة من الأمم المتحدة، وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، ما مثّل بارقة أمل نادرة في الصراع بعد حرب مدمرة.

وكان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من صنعاء أسبوعيًا، لكن خلافات حول مصادر جوازات السفر قلّصت أعداد هذه الرحلات، والأربعاء نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية العشرات من المسافرين من صنعاء إلى القاهرة في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016.
وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة، والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمّان في الأردن، ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين.

وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون اتهامات بخرق وقف النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل وخصوصًا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير.

ودعت منظمات إغاثية عاملة في اليمن أطراف النزاع الثلاثاء إلى تمديد الهدنة، قائلة "في الشهر الأول من الهدنة فقط، انخفض عدد القتلى أو الجرحى في اليمن بأكثر من خمسين في المائة، ونظرًا للدخول المنتظم لسفن الوقود إلى ميناء الحديدة لم يعد الناس يقفون في طوابير".
وتعليقًا على تمديد الهدنة، قالت منظمة "المجلس النروجي للاجئين" في بيان "إنّ القرار يظهر التزامًا جادًا من جميع الأطراف بإنهاء معاناة الملايين من اليمنيين". لقد أظهر الشهران الماضيان أن الحلول السلمية للصراع هي خيار حقيقي".

وتابعت "نأمل أن يسمح تمديد الهدنة بالمزيد من التقدم في إعادة فتح الطرق التي تربط المدن والمناطق، والسماح للمزيد من النازحين بالعودة إلى ديارهم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص الذين أصبحوا بعيدًا عن متناولها بسبب القتال".
وقال الشاب نبيل القانص في صنعاء "سئم اليمنيون من هذه الحرب وضاقوا ذرعًا بالوضع الحالي، على جميع الأطراف العمل الجاد لوقف الحرب وإنهاء الحصار، وعلى الأمم المتحدة أن تمارس الضغط على أي طرف عنيد".

وفي المقابل أبدى مكين العوجري في تعز عدم رضاه عما حققته الهدنة قائلا "أريد أن أذهب لزيارة عائلتي وأقاربي وأصدقائي، لكن مشكلة الحصار منعتنا من الوصول إلى عائلاتنا، كنا نأمل أن ترفع الهدنة الحصار وتفتح الطرق الرئيسة، لكن فشل هذه المفاوضات خيب آمالنا".
ويهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج الآلاف وبينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير، ويعتمد نحو 80 في المائة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للاستمرار.

واعتبر جروندبرغ في بيانه أنه من خلال الموافقة على تنفيذ الهدنة وتجديدها، قدّم الأطراف "بصيص أمل لليمنيين بأنه من الممكن إنهاء هذا النزاع المدمّر".
وقال "أعتمد على التعاون المستمر للأطراف بنيّة حسنة، لبناء الثقة، واستغلال الزخم المتاح لتوفير مستقبل يعمّ فيه السلام في اليمن".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى