تجديد الهدنة يعكس تغير أولويات السعودية والحوثيين

> «الأيام» ستراتفور:

> من الممكن أن تتحول الحرب في اليمن إلى "صراع مجمد" بعد المدّ الجديد لوقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة، مما يقلل من احتمال هجمات الحوثيين على السعودية والإمارات.

في 2 يونيو قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن إن الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، والحوثيين، وافقوا على تمديد وقف إطلاق النار في ظل معاييره الحالية لمدة شهرين آخرين.

وبدأت الهدنة في 2 أبريل، ومن المقرر الآن أن تنتهي صلاحيتها في 1 أغسطس، وبهذا تمثل أطول وقف إطلاق نار تشهده اليمن منذ 6 سنوات، تتضمن الاتفاقية السماح بعبور المساعدات الإنسانية والوقود من خلال الحديدة، وعبور بعض الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء بالإضافة إلى محادثات لإعادة فتح الطرق حول تعز المحاصرة.

تم ربط وقف إطلاق النار الحالي في البداية بعطلة رمضان، التي انتهت في أوائل مايو، لكن السماح البطيء بالرحلات الجوية إلى صنعاء، إلى جانب الاقتتال المستمر حول تعز ومأرب، أثارا شكوكًا حول ما إذا كانت الفصائل اليمنية المتحاربة ستتحرك لتوسيع الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة.

أدت عدم الثقة المتبادلة وطموحات الحوثيين لاستخدام القوة العسكرية لتعزيز سيطرتهم على الشمال اليمني، لتخريب عمليات وقف إطلاق النار السابقة، وعلى مدار الحرب في اليمن التي استمرت 7 سنوات تقريبًا، حدثت العديد من عمليات وقف إطلاق النار المحلية وتبادل السجناء.

أشارت الإمارات والسعودية إلى أنهما تريدان الانسحاب من اليمن، حيث دفعت المقاومة العسكرية الحوثية القوية الرياض وأبوظبي لإعادة صياغة أهداف تدخلهم في الصراع المدني.

وفي عام 2019، سحبت الإمارات بعض قواتها، فيما أشارت السعودية إلى أنها منفتحة على وقف عام لإطلاق النار في عام 2021. والبلدان كلاهما شريكان رئيسان للحكومة اليمنية، والتي تمت إعادة تنظيمها في أبريل بوساطة سعودية لتقليل سلطة الرئيس "عبد ربه منصور هادي".

ويبدو أن إعادة التنظيم هذه سهلت تنفيذ وقف إطلاق النار، حيث منحت الفصائل المناهضة لـ"هادي" في الحكومة - مثل المجلس الانتقالي الجنوبي - المزيد من السلطة في مقابل وقف القتال.

على الرغم من الانتهاكات البسيطة، من المرجح استمرار وقف إطلاق النار الذي تم تمديده؛ بسبب الحاجة المتبادلة بين أطراف اليمن المتحاربين للحفاظ على فتح شريان المساعدات الإنسانية.

وبعد أن كان اليمن بالفعل في أزمة طعام ووقود عميقة، تلقى ضربة شديدة بسبب صدمات السلع الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وهكذا، أدى الوضع الرهيب في البلد الذي مزقته الحرب لتعزيز حافز فصائل اليمن لإيقاف قتالهم من أجل المساعدة في جلب المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها.

وفي حين حاول الحوثيون السيطرة على محافظة مأرب الغنية بالطاقة بهجوم عسكري منذ فبراير 2021، فإن زيادة الدعم الجوي السعودي والدعم الإماراتي لقوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" عرقلت تقدمهم، مما جعل الجبهة مشلولة وقلل من حافز الحوثيين للاستمرار القتال في مواجهة ارتفاع أسعار الطعام والوقود.

بالإضافة إلى ذلك، هددت صدمات السلع الأساسية المرتبطة بحرب أوكرانيا الدعم العام للحوثيين في الشمال، حيث تحكم الجماعة معتمدة على الدعم القبلي وبقايا "حزب المؤتمر الشعبي العام"، وهو الحزب الحاكم اليمني السابق، وكل من قبائل الشمال وقادة "المؤتمر الشعبي العام" لهم تاريخ في تبديل الانحيازات في الحرب الأهلية.

وفي حين لا يوجد أمن غذائي لدى 65 % من سكان اليمن، فإن كلا من جانبي الحرب يعتمدان بشكل كبير على واردات الأغذية التي زادت تكلفتها هذا العام، كما أن البلاد معرضة لصدمات أسعار الوقود لأن الصراع تسبب في تعطيل قدراتها على التكرير، بالإضافة إلى أن احتياطيات الطاقة المحلية في اليمن ليست كبيرة بما يكفي لتغطية جميع واردات الوقود.

كما يأتي الكثير من واردات الغذاء والوقود في البلاد عبر ميناء الحديدة على البحر الأحمر ومطار صنعاء، وكلاهما تمت عرقلته من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.

ربما تُعزى سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2015 بشكل جزئي إلى خضوع القبائل في العاصمة وحولها، هذه القبائل لا تتماشى أيديولوجيًا أو دينيًا مع حركة الحوثيين، ولكنها تقدم دعمها للمتمردين في مقابل الخدمات العامة.

كلما طالت فترة وقف إطلاق النار، زاد احتمال تجميد جوانب صراع اليمن، بما في ذلك هجمات الحوثيين على دول الخليج، والهجمات الكبيرة حول تعز ومأرب، والحملة الجوية السعودية والحصار ضد الحوثيين.

ومع ذلك، فإن مثل هذا الإبطاء في القتال سيظل هشًا ويمكن أن ينهار بسهولة، إذا حدث ترسيخ لممرات عبور أفضل للمساعدات الإنسانية ولم تكن هناك وسيلة واضحة لكي يكتسب أي من الجانبين ميزة عسكرية، فقد يقرر كلا الجانبين تمديد وقف إطلاق النار في الموعد النهائي في أغسطس.

وفي حين يرجح أن تحدث انتهاكات بسيطة، لا سيما حول تعز ومأرب، يمكن لوقف إطلاق النار الممتد تجميد العمليات القتالية الرئيسة لجميع الأطراف، مما يترك الخطوط الأمامية مشلولة ويجعل القتال محصورًا على المناوشات بدلاً من الهجمات عبر الحدود أو تصعيدات عسكرية كبيرة في اليمن.

ومع ذلك، يمكن أن يُستأنف القتال على نطاق واسع إذا رأى أي من الجانبين ثغرة عسكرية يريد الاستفادة منها بهجوم جديد، كما يمكن أن يؤدي الانهيار المحتمل للمحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران إلى ضغط إيران على حلفائهم الحوثيين، لاستئناف عملياتهم ضد السعودية والإمارات.

لا يزال الحوثيون والائتلاف المدعوم من السعودية بعيدين عن مفاوضات السلام، التي تتوقف على دور الحوثيين في حكومة يمنية مستقبلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك تفككًا داخل الائتلاف بفعل الاختلافات الداخلية، مع ضغط أحد فصائلها (المجلس الانتقالي الجنوبي) إما للحكم الذاتي أو حتى الاستقلالية لجنوب اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى