"الأيام" أول وسيلة إعلامية تزورها.. مكتبة بلحج عمرها أكثر من قرن مهددة بالتلف والاندثار

> الحوطة «الأيام» هشام عطيري:

> ​"الأيام" أول وسيلة إعلامية تزورها..
في الجامع الكبير.. مخطوطات نادرة وثمينة تحكي تاريخ الأمة

في مبنى صغير تحت منارة المسجد الكبير بمحافظة لحج، إرث قيم حُفظ لوقت ليس بالقليل وبحاجة إلى الحفظ ليبقى تراثًا ومرجعا وشاهدا على زمن وحقبة وثقافة ضياعها خسارة عظيمة تضاف إلى قائمة خسارة هذه الأمة.

مسجد الجامع الكبير الذي يعد أحد أقدم المساجد في مدينة الحوطة، يتميز بطابع بناء فريد من نوعه منذ زمن السلطنة العبدلية وكان الوحيد الذي تقام فيه خطبة وصلاة الجمعة حينها، وفيه مكتبة فريدة ذات قيمة تاريخية تزيد من قيمة هذا المسجد.

المكتبة تحوي العديد من الوثائق والمخطوطات التاريخية وأمهات الكتبة الأصلية التي لا توجد سوى في هذا المسجد الجامع منذ زمن الفقيه العلامة أحمد بن قاسم عبدالله النخلاني، ومن بعده أولاده الذين حافظوا على هذه الوثائق والمخطوطات التاريخية التي يهددها التلف وبحاجة لمختصين للحفاظ عليها.


"الأيام" تعد الأولى بدخول المكتبة والاطلاع على ما بها من وثائق ومخطوطات ثمينة لا تقدر بثمن تحكي تاريخ الأمة.

يقول جمال الفقيه، مدير أوقاف مديرية الحوطة، إن هذه المخطوطات توجد في المسجد الكبير منذ زمن طويل، "من أيام الفقيه العلامة أحمد بن قاسم عبدالله النخلاني رحمة الله عليه ومن بعده أولاده العلامة محمد بن الفقيه أحمد والقاضي علي بن الفقيه أحمد الذي حافظ على هذه الوثائق التاريخية أكثر من حدقات عينيه وكان شديد الاهتمام بها حتى توفاه الله في العام 2017 وهي مازالت موجودة في مكتبة منارة الجامع".


ويؤكد مدير أوقاف المنطقة أن الحفاظ على تلك الوثائق والمخطوطات ضرورة ملحة اليوم لأنها معرضة للاندثار نتيجة لمرور مئات السنين عليها ووجودها في هذه المنارة، وتكمن الأهمية التاريخية لهذه المخطوطات أنها تحمل الملكية الخاصة بأراضي الأوقاف إضافة إلى العديد من أمهات الكتب والنسخ الأصلية من المؤلفات وغيرها من المخطوطات، وهو ما  يتطلب مراكز متخصصة ومهتمة بالحفاظ على المخطوطات الأثرية والتاريخية.


وناشد الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الأوقاف ومكتب الأوقاف في المحافظة الاهتمام بهذه المخطوطات، "كانت قد تشكلت لجنة خاصة من الأوقاف لنقل هذه المخطوطات من السجلات القديمة إلى سجلات جديدة عبر أشخاص متخصصين في الخط والحفاظ على المخطوطات الأثرية التي تحمل في طياتها الكثير من وثائق أراضي الوقف من الاندثار والضياع".

مستشار محافظ لحج لشؤون الأوقاف الشيخ خالد الفقيه، قال إن مسجد الجامع الكبير من المساجد التاريخية وهو معلم من معالم لحج لما له من تاريخ، حيث مر على بنائه أكثر من قرن.


"توجد في هذا المسجد الكثير من المخطوطات والوثائق التاريخية والحقوقية التي تثبت بالذات حق مكتب الاوقاف التي اوقفها رجال صالحون في فترات ماضية لصالح اعمال الخير في المساجد والمقابر، وكثير من القضايا إضافة إلى وثائق تاريخية موجودة في مكتبة مسجد الجامع التي مع مرور الزمن تعرضت لبعض التلف وتأثرت بعوامل التعرية"، قال الفقيه.


واستدرك: "لكن هذه الوثائق محفوظة ومصونة في المسجد، إذ كانت توجد لدى الفقيه العلامة أحمد بن قاسم عبدالله مفتي الديار الحجية ومنها انتقلت إلى ولده القاضي العلامة علي بن أحمد قاسم عبدالله، حاليا موجودة لدى ذريته وأبنائه، نعم محفوظة لكن بحاجة إلى ترميم وإصلاح".

وأضاف، "الورق الذي كتبت عليه تلك الوثائق تعرض للتآكل ليس بسبب الأرضة ولكن بسبب نوعية الورق البردي وهو نوع خاص يكتب بالريشة والقلم عرض للتمزق بمرور الوقت".


وأوضح أن والده القاضي علي بن أحمد عمل قبل حوالي عشر سنوات على إعادة كتابة تلك المخطوطات، لكن لم يسعفه الحظ وانتقل إلى رحمة الله قبل الانتهاء من هذا العمل، مشيرا إلى وجود  صور جيدة وممتازة عند كثير من الإخوة في مكتب الأوقاف وعقارات الأوقاف.

وقال المستشار الفقيه: "الوثائق محفوظة لكن لا يمكن الاطلاع عليها كاملة لأنها قد تتعرض بين الأيدي للتلف وهي وثائق تاريخية مصونة لا يمكن المجازفة بصلاحيتها وسلامتها".


وكشف م. محمود الدعيس، مسؤول الحصر في مكتب الأوقاف بلحج، أن الوثائق والمخطوطات ونوعية الأوراق تعود لزمن السلطنة العبدلية، "هذه الفترة تتميز بنوعية الخط المسند والأحبار القديمة التي تم تجديدها في فترة السلطنة عندما بدأت بتشكيل المحاكم، ومن ضمنها مجلدات الأوقاف وعددها 6 ثلاثة منها الأكثر تضررًا، وهي عبارة عن قطع لا يوجد فيها شكل الوثيقة، وهو ما استدعى تشكيل لجان متخصصة ولجمعها ونقلها في سجلات جديدة".

وأشار إلى أن وزارة الأوقاف تبنت مشروعًا لحصر أراضي وممتلكات الأوقاف نوعان كانا من ضمنها من الحصر الميداني والحصر الوثائقي ومن ضمن الوثائق 6 مجلدات تم نقلها إلى الجامع الكبير على أساس تجديدها وتشكل لجان للقيام بالنقل اليدوي لها.

ويؤكد محمد منير، باحث في تاريخ مسجد الجامع الكبير، أن مكتبة الجامع الكبير مكتبة أثرية تحوي على الكثير من أمهات الكتب وسلسلة من عدة مجلدات نادرة وطبعات أصلية، ومنها المخطوطة باليد ومنها عن بعض العلماء أمثال العالم السالمي صاحب منطقة عبر لسلوم والعلامة الفقيه أحمد بن قاسم النخلاني الذي أعاد كتب الخطب البرية وعدة كتب أخرى.


وأشار منير إلى أن السلطان عبد الكريم فضل أصدر قرارًا للفقيه علي بن أحمد النخلاني بتخصيص فرع لأمور الأوقاف في مسجد الجامع الكبير تم تسجيلها في هذا الموقع على يد الفقيه العلامة النخلاني والأصول لا تزال محفوظة.

وطالب الباحث منير بإعادة تأهيل مكتبة الجامع نتيجة لما تعرضت له من عوامل تعرية تستدعى العمل بصورة عاجلة لحفظ تلك الوثائق وأرشفتها بطريقة حديثة ومتطورة تضمن بقاء التاريخ المدون بين جنبات تلك المكتبة العريقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى