سكانها يمتازون بالكرم والعطاء السخي.. "بني حشيش" فاتِنَة صنعاء ومَسكَن العنب والزبيب

> «الأيام» منال المدامي:

>
الرحلة من صنعاء إلى مديرية بني حشيش ليست بالأمر المتعب جدًا كما كنت أعتقد. في العطلة الصيفية من هذا العام ذهبت مع عائلتي في رحلة ترفيهية إلى المديرية وأكثر ما يلفت الانتباه هنا مزارع العنب بأنواعه التي تغطي أكبر جزء من مساحة المديرية كأنها لوحة فنية لم يكن لليد البشرية دخل في رسمها الجميل.


بني حشيش إحدى مديريات محافظة صنعاء تبعد عنها حوالي 25 كليو متر مساحتها ما يقارب 378 كم ويبلغ عدد سكانها أكثر من 493 ألف نسمة، وتعتبر من أهم المديريات التي تطوق العاصمة اليمنية صنعاء.

تبهرني صباحاتها الجميلة مع شروق الشمس فتبدو أشعة الشمس كخيوط من ذهب خاصة بعد ليلة حافلة بالمطر لتشكل لوحة إبداعية من صنع الخالق، فغالبًا ما يستيقظ أبناء المنطقة في الصباح الباكر من كل يوم فتراهم منهمكين بالاعتناء بمزارعهم وأصوات أهازيجهم تعلو المكان، منظر جميل يدعوك للتأمل وراحة عقلك لتسبح في الخيال مع تلك الأهازيج الجميلة.


والمشي بين طرقات المنطقة التي يغطيها العشب الأخضر يدفعك للغوص أكثر ومعرفتها عن قرب.

تمتلك المديرية معالم أثرية وتاريخية ومن أهم تلك المعالم حصن ذي مرمر الشاهق الذي يعتبر مركزًا مهمًا للمديرية للدفاع عنها أوقات الحروب، حيث يعتبر من عهد الدعاة الفاطميين، فهناك يوجد ضريح السلطان علي بن حاتم، وكذلك بعض من الفاطميين وأيضًا نجد فيه المساجد وحفرًا عميقة تمتلئ بمياه الأمطار، حيث كانت تلك الحفر لتخزين عتاد الملوك الذين سكنوا الحصن رغم وعورة الطريق للوصول إليه، إلا أن فيه ما يبهر ناظريك فهناك حفر عميقة في الصخر فتحاتها صغيرة لم يستطع أحد قبل اليوم الدخول إليها فقد حاول الكثير ظنًا منهم أن هناك كنوزًا للملوك القدماء، لكن دون جدوى.


محمد أحمد أحد أبناء المنطقة يحدثنا عن محاولاته الدخول إلى إحدى تلك الحفر قائلًا: بمجرد وقوفك أمام الحفرة والدخول من فتحتها قليلا حتى ينتابك الخوف الشديد وكلما اقتربت أكثر كان المكان أكثر ضيقًا فنعود أدراجنا خائبين. ليس الحصن هو السر الوحيد في المديرية، فهناك مسافات قليلة لتصل إلى قرية شبام (الغراس) العريقة التي وجدت فيها مقابر لمومياوات قديمة مما يدل على أن اليمنيين القدماء استخدموا التحنيط لموتاهم في كل شبر لتلك المنطقة، تلقى حكاية عجيبة تبهرني أكثر في أن اختياري للرحلة إليها كان موفقًا.

والمناخ في بني حشيش حار صيفا بارد شتاء والأمطار موسمية، حيث تهطل قطرات المطر بغزارة فتحتضن أوراق العنب حتى تبزغ أشعة الشمس فتبدو قطرات المطر كلؤلؤة مكنونة يلمع فوق أوارق العنب.


أما أهم ما يتميز به سكان المنطقة هو الكرم والعطاء السخي لكل من طلب العون أو الحاجة منهم.

نمر بالقرب من إحدى مزارع العنب الجميلة فنجد رجلًا يقارب الخمسين عامًا وبيده عنقود عنب أصفر يخيل لك من بعيد أنه تحفة من الذهب الخالص يلمع، فابتسم لنا وهو يلوح لنا للاقتراب منه، عرفنا بنفسك: الحاج علي، استيقظ كل يوم، وآتي إلى هنا لحماية المزرعة من الطيور وغيرهم.

قلنا: هل تعرف الكثير عن أنواع العنب هنا؟

أجاب: نعم نقوم بزراعة الكثير من الأنواع، فهناك العنب (العاصمي، الرازقي، البياض، العيون، الأسود، العرقي)، ونقوم أيضًا بصنع الزبيب من العنب فلدينا أجود أنواع الزبيب يتم تجفيف العنب بأنواعه (الأسود، البياض، والرازقي) لمدة معينة من الزمن فيصبح بعد ذلك بالشكل الذي ترونه في الأسواق ويكون سعره أغلى من سعر العنب عند البيع.

وتمتلك المديرية عددًا من الأسواق أهمها سوق الثلاثاء الذي يقع في منطقه بيت السيد بالمديرية، حيث يعتبر وجه أكثر أبناء المنطقة في يوم الثلاثاء من كل أسبوع.

كان ذلك الأسبوع أسبوعًا حافلًا بالمغامرة ومرَّ الوقت كسرعة البرق، فنعود إلى المنزل وقلوبنا معلقة هناك، فجمال الطبيعة الخلابة لا يضاهيها أي شيء وعبق التاريخ الأصيل تجسد هناك، بلاد لها من طيب سكانها نصيب وعطاؤهم غير محدود فتكافئهم بخيراتها التي لا تحصى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى