إهمال الدولة لإدارة المكافحة وغياب الرقابة يوسع بؤر الإتجار..أحكام قضائية ومداهمات وتوعية

> المكلا «الأيام» خاص:

> تحركات جادة للحد من انتشار المخدرات في حضرموت

انتشار مخيف لآفة المخدرات بأنواعها تشهده محافظة حضرموت ساحلا وواديا، بل غزت كل حارة وحي وتوغلت في أوساط الشباب من الجنسين كالنار في الهشيم، مما ينذر بكارثة قد لا تحمد عقباها مستقبلا.

جهود حثيثة تبذلها إدارة مكافحة المخدرات للحد من خطر الانتشار رغم شحة الإمكانيات، تساندها جهود مجتمعية للتوعية بخطر هذه الآفة ولعل وعسى أن ينتفض المجتمع لمكافحتها جنبا إلى جنب، إلا أن لا بوادر في الأفق للحد من ذلك، بل إنها تزداد يوما بعد يوم وتنشر انتشارا مخيفا.

خلايا ترويج

العقيد عبدالله أحمد لحمدي، نائب مدير الإدارة العامة لإدارة مكافحة المخدرات بالجمهورية مدير إدارة المكافحة بأمن شرطة ساحل حضرموت، كشف عن انتشار مخيف  لخلايا كبيرة جدا تعمل على ترويج وضخ كميات من المخدرات بمختلف أصنافها المتعددة في ساحل ووادي حضرموت.

وقال العقيد لحمدي، لـ "الأيام": "إننا اليوم أمام تحديات كبيرة وخطيرة جدا وأشد خطورة من مواجهة الإرهاب وجماعاته"، لافتا إلى أن سبب هذا الانتشار المخيف هو غياب الدولة من أعلى سلطة إلى أدناها التي لا تعطى إدارة المخدرات أهمية في من خلال دعمها بكل ما تحتاجه من إمكانيات بشتى المجالات.

وقال لحمدي، إن إدارته تعاني من أبسط مقومات الدعم وهي الميزانية التشغيلية التي من خلالها يستطيع الأفراد القيام بنشاطاتهم التوعوية والضبطية، وأضاف أن ما تعانيه إدارة المخدرات مع زيادة ضبط المتعاطين والمروجين والمهربين لهذه الآفة خلال الفترة الحالية هو تواجد الكم الهائل في مصلحة السجون بالمكلا من محتجزين وصل عددهم إلى 84 محتجزا على ذمة إجراءات التحقيقات الخاصة بهم.

وأوضح: "الأصل أن السجن الخاص بمكافحة المخدرات يتسع فقط إلى 40 محتجزا، وهؤلاء يتطلب رعايتهم وتوفير كل ما يمكن توفيره من أكل وشرب وصحة وغير ذلك في الاحتجاز، فنحن ننظر للمتعاطي كضحية ونكافح المروجين بقوة".

وأبدى لحمدي تقديره جهود أفراد ومساندي إدارة مكافحة المخدرات بأمن شرطة ساحل حضرموت من الأجهزة الأمنية والعسكرية والوحدات وكذا الشباب الخيرين في بعض من الأحياء الشعبية بالمكلا، داعيا المجتمع إلى تحمل المسؤولية بدرجة كبيرة في عدم التستر والسكوت على مرتكبي هذه الجرائم البشعة بين أوساط الشباب في كل حارة أو مدينة أو محافظة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الوضع الخطير الذي يحيط بالشباب من كافة النواحي.

التوعية والمداهمة

شباب حي السلام بمدينة المكلا أطلقوا حملة توعوية بخطر هذه الآفة، وبّين مسؤول الحملة المجتمعية الشاب علي باعقيل، أبرز أهداف وبرامج الحملة التي تنفذ على مستوى الأحياء في ساحل ووادي حضرموت وخارجها، وذلك للتوعية بمخاطر المخدرات والحد منها مستشهدا بقصص واقعية.

وكانت الأجهزة الأمنية بمدينة الشحر قد داهمت بأمر من النيابة العامة منزلا سكنيا في أحد أحياء المدينة، ووجد بداخله قطعة من الحشيش وكمية صغيرة من الشبو وأدوات تقليدية تستخدم في عملية تقطيع هذه المواد المخدرة، ما يؤكد تداولها وتعاطيها من قبل شباب المدينة.

وأثناء المداهمة تبين أن صاحب المنزل رجل ثلاثيني يسكن بمفرده ويتعاطى الحشيش والشبو ويقوم بترويجه بين أوساط الشباب، وبعد التحقيقات الأولية اعترف بكل ما نسب إليه بعد مواجهته بالأدلة والقرائن والمضبوطات التي عثر عليها في منزله، وتم إيداعه الحجز واتخاذ الإجراءات القانونية ليتم بعد ذلك تحويله إلى وحدة مكافحة المخدرات بالمكلا.

وعثرت الأجهزة الأمنية ومكافحة المخدرات على مركز طبي يتم داخله بيع المواد المخدرة والشبو، وكذلك يقوم بإجهاض النساء الحوامل.

وتواصل الأجهزة الأمنية وإدارة مكافحة المخدرات جهودها المضنية، حيث تمكنت في الفترات الماضية من ضبط الكثير من الجرائم ومعرفة ملابساتها بعد أن سُجلت ضد مجهول.

وإزاء ذلك تهيب الأجهزة الأمنية بكافة المواطنين وعقال الحارات بسرعة الإبلاغ لدى أقرب مركز أمني أو دورية عن أي ظواهر مخلة بالأمن والاستقرار والسكينة العامة، مشددة بمحاربة متعاطي الحشيش وكشف أوكارهم والإبلاغ الفوري عنهم.


وادي حضرموت والمخدر الصناعي

وفي وادي حضرموت تتغير المعادلة، إذ تنتشر هذه الآفة أمام مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية على الرغم من مساعي إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت بين الحين والآخر للتوعية بخطر هذه الآفة، إلا أنها تستفحل وتنتشر في عدد من المواقع دون حسيب أو رقيب مما ينذر بكارثة تهدد الشباب والمجتمع.

شاب من إحدى مناطق وادي حضرموت يتعاطى الحشيش والشبو ويعيش مع والدته فقط وقام ببيع ما تمتلكه لشراء هذه الآفة وتعاطيها.

الشاب المتعاطي عندما لم يجد ما يبيعه يقوم بطرد والدته من المنزل، وذلك لأن تصرفاته لم تعد متزنة نتيجة ما يتعاطى من سموم مخدرة.

ويناشد مواطنو وادي حضرموت السلطات التدخل ووضع حد لهذه الآفة، معتبرين أن ما يحصل أمر خطير محذرين من مغبة انتشارها التي تسببت بحوادث قتل وسرقات وأتلفت عقول الشباب فلم يسلم منها إلا من رحم ربي، ما يبرر خوفهم من ضياع أبنائهم بسببها.

 سالم حيدر، مواطن يرى أن هذه الآفة أصبحت تشكل خطرا على مستقبل الشباب وتهدد المجتمع، "بعد التدخين والقات أتت هذه الآفة الخطيرة التي انتشرت بين أوساط الشباب، الآن نضع أيدينا على قلوبنا تخوفا من مصير أولادنا المجهول".

أما عمر علي فقد تطرق إلى عوامل الانتشار التي أسهمت في ضياع الشباب، وقال: "التسرب من الدراسة والبطالة وضياع العدالة ناهيك عن ظروف الأسر المعيشية التي جعلت رب الأسرة منهمكا في الجري لتأمين قوت يومه وعدم مراقبة الأبناء، يجب أن تقوم الحكومة والمجتمع بشكل عام بوضع حد لهذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا ومحاسبة متعاطيها ومرويجها".

وقال علي أحمد، القاطن في أحد أحياء الشحر: "أصبحت مناطقنا أوكارا للمخدرات، فبعد السجارة والقات اللذين يعدان أهون الشرين أتت الطامة الكبرى المخدرات والشبو، والغريب في ذلك أن السلطات المحلية والأمنية خصوصا في وادي حضرموت لا تحرك ساكنا".

ويرى الشيخ عبدالله عوض، داعية وإمام مسجد، أن الأمر خطير ويعد من المحرمات والمحظورات شرعا، إذ يذهب المال والعقل وقد يؤدي إلى ارتكاب الجرائم.

وقال، "مخاوف كثيرة ومخاطر تحوم حول الشباب اليوم، أصبحوا في الأوكار يتعاطون كل مادة مخدرة في ظل غياب الرقابة من الأهل وغياب العقاب من الحكومة، نحن نقوم بدورنا في التوعية والنصح بمخاطر تلك الظواهر ولكن يا فصيح لمن تصيح فقد ابتلى الشباب، نسأل الله العافية والسلامة وأن يردهم إلى جادة الصواب".

اختصاصي أمراض مخ وأعصاب د. محمد صلاح، أفاد بأن الشبو هو مخدر اصطناعي ويطلق عليه أيضا الكريستال ميث ويعتبر من المنشطات شديدة الإدمان، فجرعة واحدة من الشبو تكفي لجعل متعاطيها غارقا في حالة من الهلوسة السمعية وأيضا البصرية شديدة المستوى منفصلا تماما عن الواقع، ولك أن تندهش من أن مفعول الجرعة الواحدة قد يمتد مع المتعاطي لمدة شهر كامل، حسب قوله.

القضاء ورسائل العدالة

وفي ما يتعلق بالجانب القضائي في جلسة علنية الأسبوع قبل الماضي، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بساحل حضرموت أحكاما قضائية ضد عدد من مرتكبي الجرائم الجسيمة ذات الخطورة الاجتماعية البالغة وهي جرائم الإتجار والترويج للمخدرات والاختطاف والقتل والحرابة، وقضت بالإعدام حدا وقصاصا وتعزيرا بتهمة الإتجار والترويج للمخدرات (الشبو + الحشيش) لمتهمين اثنين، وقضت بالإعدام حدا وقصاصا بتهمة الاختطاف والقتل لعدد من المتهمين وقضت بالإعدام والسجن 25 سنة حدا وقصاصا وتعزيرا لآخرين.

وفي ذلك صرح القاضي رائد لرضي، رئيس النيابة الجزائية المتخصصة حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى، بأن "الحكم على المدانين بالإعدام وتحديدا في قضايا الإتجار بالمخدرات وفقا لنص المادة (34)من قانون مكافحة الإتجار بالمخدرات رقم 3 لعام 93 هي خطوة إيجابية للحد من استفحال هذه الظاهرة القاتلة التي بدأت تنتشر بين أوساط شبابنا وبدأت تؤثر سلبا على النسيج الاجتماعي المعروف إرثا بمحافظته على الأخلاق والدين والقيم ونطلب من جميع أبناء الوطن أن يكونوا عونا لرجال الأمن بالمساهمة في القضاء على الجريمة أين ما كانت وأين ما وجدت".

مساعد المدير العام لشؤون الأمن بأمن ساحل حضرموت العقيد عبدالله عوض الدقيل، أشاد بأحكام المحكمة الجزائية المتخصصة بساحل حضرموت، وإصدارها حكم الإعدام الأخيرة بحق 16 متهما، بينهم كبار مروجي المخدرات.

وقال الدقيل: "هذه الأحكام تحقق الأثر التربوي في تغيير سلوك الفرد في المجتمع، وتوصل رسالة العدالة الاجتماعية، وهذه الخطوات تعد إنجازا بحد ذاته وانتصارا لما لها من تأثير إيجابي في المجتمع، إضافة إلى أنها تخفف العبء على الأجهزة الأمنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى