زيارة بايدن للشرق الأوسط

> بعد صفقة القرن التي تهشمت لتحدث تصدعات و شروخًا في بنية النظام العربي غير المتماسك أصلًا لتمس ما تبقى من جوهره الذي تأسس بعد تحول اتفاق سايكس بيكو و وعد بلفور إلى خرائط على الأرض خلقت كيانات وبدلت كيانات ومضت قدمًا تحت عباءة استعمارية تلعب دور الراعي التاريخي يشاركها الراعي الأمريكي الذي آلت إليه مقاليد الأمور ليضمن من واقع إيمانه ودعمه خيالات المشروع التاريخي، مشروع الحلم المؤجل من النيل إلى الفرات مشروع الوطن القومي للشتات اليهودي بمفهومه، الصهيوني الإمبريالي وهو المشروع الذي تمرحل وفقًا لمسلسل الحروب و المواجهات العربية الإسرائيلية وبما يخدم ويعزز قوة الدولة الصهيونية وضمن رؤية ظلت حتى يومنا تزحف وتتلون وتخترق واقع البلدان العربية تحت شتى الحجج الواهية والراعي الأمريكي، وبما يعزز أظافره الخشنة أو الناعمة حسب درجات الاستجابة أو الرفض وكان آخر أشكال الغمز واللمز الأمريكي ما تم الترويج له أمريكيا عبر تاجر العقارات صهر ترامب بمشروع صفقة القرن وتاجها المشع بالذهب اللامع المتأتي مما بات يعرف بمشروع الرخاء الاقتصادي الساعي أصلًا لطمس الشق السياسي للقضية الوطنية الفلسطينية ليحشر شعب فلسطين ضمن كانتون بايس محاط ومحاصر داخل جيتو تلمودي، يصبح أصحاب الوطن المصادر مجرد دهماء تلتقط أنفاسها من رخاء اقتصادي مزعوم تخلقه صفقة قرن بائسة كاذبة عبر المسوق الهوليودي الصهيوني ومشروعاته الكذوب الممول من فايض الأموال العربية والخليجية تحديدًا، ولأجل ذلك الغرض عقدت مؤتمرات ولقاءات وتبادل زيارات ليخرج معها المسوق الفهلوي مستعرضًا آفاق رحبة لأكاذيبه بآفاقها الاقتصادية والتلموذية الكاذبة والهادفة أساسًا لمزيد من التطبيع وصولًا لمنتجع حلف الإبراهيمية الجديد المشؤوم، ومع ذلك يبدو بأن مخيلة شايلوك الجديد لم تفرغ ما بجعبتها من طموحات صهيونية، فقامت بطرح جديد سنابله تمتد لتحكم قبضتها على ما تبقى من شرق أوسط عليل وبعنوان جديد تحت مسمى ناتو شرق أوسطي جديد، حيث تبين له من خلال ما أثاره وظل يثيره من قلاقل وانقسامات تمس جغرافية كيانات سياسية بالمنطقة وتحديدًا عربية وبعد التأكد مما أحدثته وشوهته تدخلاته الفجة ثورات ما عرف بالربيع العبري من توترات وانهيارات عصفت بتماسك الجغرافية السياسية لعديد من دول المنطقة وتحديدًا العربية منها وضعف تحالفاتها قام بحرف البوصلة للصراع بالمنطقة تحت مسمى جديد مخترعًا وهمًا و عدوًا مستجدًا يتطلب إعادة تدوير الزوايا وحرف الأنظار لتتجه صوب هذا الخطر الداهم الذي بات يمثل خطرًا حقيقيًا على استقرار الشرق الأوسط برمته، راميًا ببندول كذبته نحو إيران وخطرها وخطر سلاحها النووي البالستي، ناسيًا متناسيًا دوره المؤازر لدولة الكيان الصهيوني ودورهما معًا في ما حدث من إرباك حقيقي أسهم بضعضعة وشق وتقسيم البنية السياسية للعديد من الدول العربية، سوريا مثالًا ولولا وجود جيش ومؤسسة عسكرة وطنية بمصر لجرى لها ما جرى لغيرها بل أفضع؛ لأنها كانت في قلب مخطط تدمير المنطقة عبر مشروع إخواني إسلاموي لعب دورًا مدمرًا في مشروع خلق الفتنة طائفيًا وفق منظور صهيوني أمريكي وهنا علينا النظر بحذر لما يعنيه ويمثله مشروع الحلف الجديد المدعوم أمريكيا لغايات صهيونية وهو ما يتطلب قراءة عربية تخلع من عينيها أي نظارات سوداء أو نظارات أمريكية خاصة وهذا المشروع الذي يروج له قبيل زيارة القرن زيارة بايدن للسعودية كل الموشرات تشير إلى وجود رفض كلي له، فلا العراق يقبل ولا الكويت وعمان كما الجيش المصري لا تقبل قيادته وتاريخه الانخراط في حلف تهيمن عليه إسرائيل ناهيك عن موقف الرفض الشعبي المصري وهنا وجب القول بضرورة دعم مبادرة العراق لتنجح في إحداث تسوية تاريخية للعلاقات السعودية الإيرانية مرورًا لإعادة تصحيح للعلاقات العربية الإيرانية ونرى بهذه المبادرة تلك بداية صحوة و يقظة عربية بانت تباشيرها مع صعود معادل للقوة التي يملك العرب مفاتيحها عناصر قوة كشفت عنها الحرب الأوكرانية، يضاف إلى ذلك ما حدث من حراك حاملًا العديد من المعاني التي ترافقت مع تبادل الزيارات، تحمل في طياتها ما ستكشف عنه الأيام وهل كانت زيارات لتسهيل زيارة بايدن أم استعدادًا لمعركتها المقبلة.

نحن بمرحلة جديدة تشمل عالم جديد نغادر معها ساحة القطبية التي ولت لندخل عالم تعدد الأقطاب، نعم هي نقلة لبيدق في مربع لعبة للكبار لم يحدثوها للتسلية ولكن لمنظور استراتيجي يقلب موازين القوى، تلك مسألة تتطلب من العقل العربي الحاكم سياسيًا والعقل المثقف المراقب قراءة ما يجرى بما يجيب عن سؤال مستقبلي بشأن مآلات الصراعات وتسوياتها المحتملة بالمنطقة.

ليست البراجماتية في أحلك صورها ولا الانتهازية الأمريكية الأوروبية في أبشع صورها إلا تعبيرًا عن هوس وقلق يدفعان بايدن والغرب للهث وراء مكامن المصلحة الأمريكية الأوروبية حتى لدى أعداء الأمس مع التركيز على العدو التاريخي القادم ممثلًا بالصين وعبر ما كشفت عنه الحرب الأوكرانية من انتهازية تضحى وتستبدل دونما حياء فقد شكل هاجس النفط والغاز وتحول عقوبات الغرب لروسيا سلاحًا تعزز روسيا بوجه أوروبا وأمريكا وهنا كانت الاستدارة مرة تجاه فنزويلا ومرة تجاه إيران ومرة تجاه حلفاء بالشرق الأوسط، تعاملت معهم أمريكا بصلف ودونية وها هو بايدن يشد الرحال صوب السعودية مرغمًا تحت وطاة أزمة نفطية خانقة ولدت تضخمًا غير مسبوق، ها هو يلهث محاولًا إسقاط عدو وهمي آخر يسمي أوبك بلس نسجه الكرملين الروسي منهيًا فترة كان الغرب يؤشر مجرد إشارة فتنهال أسعار وكميات النفط كما يريد البنتاجون، تغيرت اللعبة باتت إيران وفنزويلا والصين وروسيا ودول البريكس هاجسا في عقل البيت الأبيض وها هو بايدن يشد الرحال ملوحًا راجيًا مرة ومهددًا مرة أخرى إما بالعقوبات حتى كاد قاموسها على النفاذ ومن تفرض عليهم العقوبات بات بموقع أقوى وهنا ستكون زيارة بايدن معلقة على مثلث أحلام بعقل الراعي الأمريكي الأوروبي هم يرومون ما يلي

- زيادة الضغط على إيران لكن مصلحتهم لا تمنعهم من إعادة التفاوض حول النووي الإيراني وبانتهازية مفضوحة، المهم أن يعاود النفط والغاز الإيراني تدفقه لمد الأسواق الأمريكية الأوروبية العطشة.

- الحفاظ على كيانهم الذي صنعته إسرائيل ستبقى تدور مشروعية حمايتها تحت أي عنوان أو مسمى، ومن هنا سيرافق الزيارة إعادة لملمة ما تقاطر من مواقف رافضة أو سلبية أو عدم تجاوب مطلقًا لما يسمى بحلف ناتو شرق أوسطي جديد ليستبدل وفق الرؤية الأمريكية بتفاهمات يجري التوافق والاتفاق عليها بما يضمن أمران.

أن تصبح إسرائيل داخل أي شكل يتم التوافق عليه.

توجيه الأنظار ناحية إيران باعتبارها الخطر المحدق والمهدد لأمن الشرق الأوسط والخليج تحديدًا، ولو أن مثل هذه القارة استقبلت برفض دول عربية كمصر والعراق والكويت وسلطنة عمان والمفاجأة أتت من رفض إماراتي حمل الكثير من المفاجأت

هنا نصل للغاية التي دعتنا لكتابة هذا المقال كيف سيلتقط العرب ما يجري وكيف سيتعاملون مع الزيارة على ضوء مؤشرات إيجابية تكرمت خلال فترة ما قبل زيارة بايدن المشوومة.

كل الزيارات المكوكية التي شهدتها المنطقة وتحديدًا لمصر لا شك تحمل معها مضامين وأبعد استراتيجية تغطي متطلبات التعامل مع ما طرحه على الساحة من مفاجأت

بينت الحرب الأوكرانية أن الإقليم العربي يملك كل الإمكانات التي تخلق منه قوة لا يستهان بها وسيعمل لها ألف حساب إذا أحسن العرب استخدام ما لديهم وبما يبعدهم عمن يسوق لهم الأعداء ويصنع لهم الأصدقاء وعبر هذه القراءة تأتي التطورات المتعلقة بالدخول العملي لإعادة تصحيح العلاقات العربية الإيرانية بدءًا من إعادة القراءة الصحيحة للعلاقات السعودية الإيرانية كدول جوار لهما مصالح تتكامل ولا تستخدم لمزيد من خدمة أهداف أخرى، ومن نعول نحن كيمنين على هكذا توجه للبدء بمسلسل وضع معالجات لحل سياسي شامل للحرب في بلادنا وبما يخلق أجواء تحقق على الأرض استقرارًا لمن يهمهم جميعًا أمن واستقرار الخليج والبحر الأحمر ومضيق باب المندب على ألا نغفل عن ذكر حقيقة لا ينبغي إلغاؤها أو تجاوزها أو إضعافها وأقصد بذلك بأن أي حل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية واستعادة اللوحة المستقرة لأوضاع الدول العربية التي جرى العبث بها بدءا بسوريا ولبنان وصولا لكل الأرض العربية فالعالم يعاد تشكله والمفترض ألا يضيع العرب أمرًا تتيح مناخاته الشراكة في صنع عناوينه المقبلة التي تتضمن مصلحة العرب بالدرجة الأولى، قد نكن نحلم لكنه حلما ليس في المنام فهو ضمن واقع يحدث ونحن نعيشه فما نحن فاعلون ..؟ تلك هي المسألة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى