قمة جدة ونهاية الحرب في اليمن

> د.علي أحمد الديلمي*

> يأتي انعقاد قمة جدة تأكيدًا على دور المملكة وثقلها ومكانتها العربية والإسلامية والدولية واستشعارًا لثقلها الاقتصادي العالمي وانطلاقًا من مسؤوليتها الإقليمية والدولية المترتبة على ذلك ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة.

وفي ظل هذا الواقع العربي المتأزم يمكن فهم الخصائص المستقلة لصعود الدور السياسي السعودي في المنطقة المتزامن مع أوضاع شديدة التعقيد لكنه يتدخل فيما يبدو بصورة ورؤية واضحة في الملفات الراهنة بشقيْها القديم المزمن ويملك القدرة على تقدير الموقف للدور السياسي الجديد الذي يفرضه الواقع العربي.

كما أن الرياض تلعب دور الضابط والمراقب والحارس لاستقرار دول المنطقة وبخاصة دول الخليج العربي وأيضا صلابة الدور السعودي واستقرار السعودية السياسي أصبح من أولويات الأمن الوطني لدول عربية عديدة وهذه حقائق لا يمكن تغافلها في ظل تراجع دور كثير من الدول العربية الكبري وجامعة الدول العربية وخلال افتتاح قمة جدة أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أن السعودية “دعمت جميع الجهود الرامية للوصول لحل سياسي يمني – يمني ودعم جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن.

قمة جدة للأمن والتنمية في السعودية بمشاركة الدول الخليجية ومصر والأردن والعراق بالإضافة إلى الولايات المتحدة تعقد في وقت يشهد العالم تحديات كبيرة وما يهمنا هو موضوع دعم السلام في اليمن حيث أكدت السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وجميع الدول المشاركة على أهمية دعم الهدنة في اليمن والاستمرار في بذل الجهود للوصول الى حل سياسي شامل يحقق الأمن والسلام الشامل.

إن السلام يحتاج إلى إرادة قوية من جميع الأطراف لأن ما تمر به المنطقة تهديد كبير على كل دول المنطقة وتبقى أهمية أحلال السلام والإسراع في الحل السياسي الشامل في اليمن مصلحة حيوية للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي واليمن والعالم ولا يمكن التأخر في العمل من أجله لأن الصراع الإقليمي والدولي في حالة تصاعد لا يمكن التنبؤ بما سيؤول إليه، وفي نفس الوقت يجب علي كل الأطراف اليمنية في التفكير بشكل مختلف عن السابق لأن العواقب ستكون وخيمة علي جميع الأطراف في ظل مستجدات الأوضاع الدولية واختلاف وسائل الدعم والحماس في استمرار الحروب مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والبيئية والصراعات الدولية من أجل النفوذ والهيمنة.

إن أي مبادرة أو جهود تبذل للسلام في اليمن لابد أن ترتكز على الحل السياسي الشامل وما يهمنا في هذه الفترة الحرجة والصعبة من تاريخ اليمن هو معالجة نتائج الصراعات السياسية والحرب المستمرة للعام الثامن والعنف الذي تعانيه الحياة السياسية في اليمن والانقسام المجتمعي والفرز الطائفي والمناطقي والحزبي والتي ظهرت بشكل أكبر مع استمرار الحرب وغياب سلطة الدولة الشاملة.

ولكن بشكل مبسط وواضح أن أي مبادرة للسلام تعني التفاهم والتواصل بين الأطراف المختلفة والتوفيق فيما بينها ويكون الهدف منها عودة العلاقة السياسية بين جميع الأطراف وتشجيعها علي التفاهم والتسامح والعفو وأهمية العيش المشترك من خلال معالجة جروح وأثار الماضي وتحقيق العدالة المطلوبة للجميع وتجريم الطائفية والتمييز العرقي والمذهبي والمناطقي وبما يضمن التحول السليم في بناء الدولة المدنية المرتكزة علي الثوابت الوطنية المتوافق عليها من الجميع وفقا للدستور وفي سبيل ذلك فإن التفاهم مع الجميع هي البداية الصحيحة.

السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي اليوم بحاجه إلى أدوات سياسية جديدة للتعامل مع اليمن من أجل تحقيق سلام شامل ووقف الحرب في اليمن بما يضمن تأمين الأمن في جميع المنطقة وعلاقاتهم المستقبلية مع اليمن وكل مكوناته السياسية القديمة والجديدة.

يبقي ما هو الأهم الآن بالنسبة للسعودية ودول الخليج مما يدور في المنطقة وحجم المخاطر التي تهدد الجميع وفي سبيل مواجهة هذه التهديدات عليها أن تعمل علي دعم الحل السياسي في اليمن لأن مساعدة اليمنيين على التوصل إلى حل والبدء في الإصلاح والتطوير والتغيير الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية كل هذه الأمور سوف تؤدي إلي التعامل الواقعي مع ما يحدث في الساحة اليمنية وإزالة كل أسباب التوتر السياسي والأمني وبدء الحوار السياسي مع كل المكونات السياسية اليمنية بما فيها أنصار الله إضافة إلى ضرورة المساندة السياسية والدعم الاقتصادي للوضع في اليمن وهو ما يُشكل مرحلة جديدة للتغلب على آثار الحرب والخروج منها بما يكفل الحفاظ على أمن اليمن والمنطقة بشكل كامل وألا تظل المنطقة رهينة للصراعات الإقليمية الدولية التي استهلكت معظم مواردها.

ولا توجد سياسة واحدة من المرجح أن تجلب السلام إلى اليمن في النهاية الأمر متروك لليمنيين وليس لأحد غيرهم اليمن اليوم مجتمع منقسم للغاية

ومن غير الواضح أن بلادنا كدولة موحدة ستبقي وقد يكون من الحكمة أن يضع اليمنيين جميع أهدافهم في هذه الفترة على تشجيع السلام بين أجزاء اليمن وليس على أي مسألة أخرى.

اليوم هناك رغبة إقليمية ودولية لتحقيق سلام شامل في اليمن وفي ضوء رغبة كل طرف بمسلمات لا يمكن التراجع عنها فإن السلام في اليمن والمعاناة التي يعيشها اليمنيون تحتاج إلى أفكار ووسائل جديدة للمفاوضات تلتقي فيها كل الأطراف دون شروط مسبقة ويكون هدفها الأول وقف الحرب وإنهاء الحصار وتطبيع الأوضاع المعيشية للناس قادم الأيام كفيلة بكشف كل شيء ومن لم يقدم تنازلات اليوم لشعبه ووطنه سيفرض عليه ذلك غدًا ورغمًا عنه السلام هدف ومطلب الشعب اليمني وكل القوى الداعية للسلام في العالم.

*سفير بوزارة الخارجية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى