نحو دولة مركزية قوية يرأسها «خادم»

> اليمن اليوم في مأزق لا تحسد عليه وأي مشروع للخروج من هذا المأزق يحتاج إلى دولة مركزية قوية سواء كانت في الجنوب أم الشمال أم حتى تحت راية الوحدة إذا قدر لهذه الوحدة أن تعيش، قوة هذه الدولة المركزية ونجاحها سيعتمد (باختصار) على العوامل التالية (في إطار ليبرالي):

* مدى قدرتها على إعادة تأسيس الولاء للدولة فوق أية ولاءات خارجية (إقليمه أو دولية).

* مدى قدرتها على اتخاذ قرارات بدون أية ضغوطات أو وصايات خارجية (إقليمية أو دولية).

* مدى قوى المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية.

* مدى تشجيعها لرؤوس الأموال المحلية والدولية للاستثمار في البلد وحمايتها بالقوانين الملزمة والعادلة.

* مدى قدرتها على سيطرتها على مواردها الطبيعية.

* مدى قدرتها على النهوض بمواردها البشرية ومشاركتها في نهضتها.

* مدى تبنيها ودعمها للمشروع التعليمي بكل مراحله.

سيقول البعض: أين الديمقراطية؟ وجوابي أن الديمقراطية بمفهومها التعددي عليها أن تنتظر حتى تحقق الليبرالية أهدافها أولا في ترسيخ نظام مركزي قوي مبني على قانون يحمي الملكية الخاصة ويكفل مساحة لا بأس بها من الحرية الشخصية والفكرية.

يجب أن يكون هم الدولة المركزية سواء كانت ممثلة في حزب واحد أو كتلة واحدة أو حتى فرد واحد هو إعادة بناء البلد اقتصاديًا أولًا ثم سياسيًا فيها بعد المشكلة بالطبع تكمن في مدى ثقة شعب اليمن بهذا الحزب أو هذه الكتلة أو هذا الشخص كقائد لهذا التوجه حتى يسير وراءه ويأتمر بأمره نحو مستقبل أفضل.

هذه الثقة لن تكتسب إلا إذا شعر المواطن أن الذين يحكمون هم فعلًا قادته وأن طاعتهم واجبة عليه، وفي صالحه، وهذا الشعور لن يتبلور إلا إذا أحس المواطن أن حاكمه هو خادم له، لهذا ينبغي على الحاكم أن يكون خادمًا أولًا إذا أراد أن يكون قائدًا.

هذا المفهوم انتبه إليه الباحث الأمريكي "روبرت جرينليف" الذي أسس له في بداية السبعينيات من القرن الماضي وخرج بمفهوم القيادة الخادمة أو الخادم كقائد، والذي يرتكز على الفكرة التالية: إذا أردت أن تقود فيجب عليك أن تخدم أولًا من تحاول أن تقودهم والأهم من ذلك أنهم يجب أن يشعروا بأنك خادمهم، وقد استوحى الكاتب هذه الفكرة أو الرؤية من رواية خيالية كتبها الكاتب الألماني "هيرمن هييس" في عام 1932 بعنوان "رحلة إلى الشرق" وبالذات من بطل هذه القصة "ليو" تتحدث هذه القصة الخيالية بأن إحدى المؤسسات الدينية أرسلت فريقًا في رحلة روحانية استكشافية إلى الشرق، وقد كانت هذه الرحلة شاقة ومملة ومع ذلك استطاع هذا الفريق أن يستمر في رحلته بسبب رجل بسيط بينهم كان اسمه ليو، كان ليو يقوم بخدمة أفراد هذا الفريق بتسليتهم بالغناء وتلبية احتياجاتهم الخاصة خلال هذه الرحلة بكل حيوية وبدون أي كلل، كان محببًا من جميع أفراد هذه الرحلة لخدماته وروحه المرحة وطلعته الجميلة، وفجأة عند أحد الوديان اختفى هذا الشخص الصغير ولم يعد له أثر عندها اضطرب فريق الرحلة ولم يعرفوا كيف يتصرفون حاولوا العثور على "ليو" ولكن دون جدوى، عندها تفرق هذا الفريق وتفكك وانتهت الرحلة بالفشل وبعد فترة من الزمن حاول واحد من هؤلاء الذين كانوا في الرحلة البحث عن "ليو" ووجده في نهاية المطاف في مركز المؤسسة الدينية التي تبنت الرحلة إلى الشرق.

ولكن بعد مشقة وجد أن ليو هو في واقع الأمر الرئيس أو الأب الروحي لهذه المؤسسة الدينية، ليو لم يكن خادمًا فقط وإنما كان أيضًا قائدًا كل هذا الوقت اكتسب شرف القيادة عن طريق خدمته لهذه المجموعة التي كان معها في رحلتها، لولا اختفاء ليو لما تفككت الرحلة وانتهت إلى ما انتهت إليه من الفشل، ومن هنا تبلور مفهوم الخادم القائد أو القائد الخادم، وإذا نظرت إلى التاريخ الحديث ستجد (بحسب آراء أصحاب هذا المفهوم ) أمثلة بارزة عن قادة من هذا النوع أمثال "غاندي" و"مارتن لوتركينج" وغيرهما، والقارئ للتاريخ الإسلامي سيعرف أن أول من جاء بهذا المصطلح هم العرب في قولهم: "خادم القوم سيدهم" والسيادة هنا تعني القيادة.

يا ترى هل يوجد في اليمن خادم قائد مثل ليو حتى يوجهها ويقودها إلى بر الأمان والنجاح؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى