​الصراع في اليمن يحول ظاهرة التسول إلى مهنة

> عدن«الأيام» عبدالله الناحية:

>
تعج الأسواق الشعبية والشوارع الرئيسة والدوارات وحتى أمام محلات الصرافة والمطاعم في العاصمة عدن بـ (المتسولين) من النساء والأطفال، وتختلف من مكان إلى آخر من حيث العدد والطرق المتبعة للتسول ويأتي انتشار ظاهرة التسول عقب صراع مسلح يدخل عامه الثامن بين الفرقاء اليمنيين وحلفائهم الدوليين أدخل البلاد في دوامة اقتصادية وسياسية وأمنية يبدو الخروج منها شائك ووخيم.

وتحت أشعة الشمس الحارقة والأجواء شديدة الحر والرطوبة نجد نساء يتجاوزن في أعمارهن العقد الخامس والسادس وهن يمارسن هذه (المهنة) إن صح التعبير.


أرادت "الأيام" عبر مراسلها أن تتحقق من هذه الظاهرة والتي أصبحت تشكل مصدر إزعاج لمعظم سكان عدن وزائريها.

التقينا إحدى الأمهات والتي بدا أنها قد تجاوزت العقد السادس من عمرها وعرفتنا بكنيتها دون اسمها (أم نصر) فقالت "عشت في هذه المدينة طوال حياتي في عزة نفس، إلا أنني فقدت والد أبنائي، وأولادي كذلك، وليس لدي أحد يعطيني، بدايةً اضطررت إلى الخروج إلى هذا المكان القريب من دوَّار القاهرة بين مديريتي الشيخ عثمان، والمنصورة، ويومًا عن يوم أصبحت أعتاد التسول هنا.

 وغير بعيد عنها تحدثت (أم إبراهيم) عن أوضاعها الصعبة والتي أجبرتها على تسول الناس، إذ أنها تعاني من مرض مزمن، وزوجها مقعد متسائلة من سيصرف عليها إن هي بقت في منزلها؟
ذهبنا إلى أشهر مساجد مديرية الشيخ عثمان (مسجد النور) كانت هناك (أم ساجد) روت لنا بعض من قصتها، فقالت "إنني أسكن في مديرية دار سعد، وليس لدي من يُـعيل أسرتي، والذين تجاوز عددهم 11 فردًا من الأولاد والبنات، وأشارت إلى أنها أُجْـبِـرت على النزوح من محافظة أبين بسبب شظف العيش هناك، فوجدت نفسها في عدن أمام مشكلات أكثر وأهمها غلاء أسعار الطعام والشراب، مما زاد من أعباء الحياة عليها.


من جهتهم قال مصلون في مسجد النور "إن المتسولين أصبحوا يشكلون مصدر إزعاج لهم عقب كل صلاة، وزاد آخرون أنه لا يكاد أن تجد مسجد إلا وتسمع فيه من يشكو من سوء حاله لكي يتعاطف معه المواطنون.

وما بين آراء الناشطين الاجتماعيين، والعاملين في الحقل الإنساني تعددت وجهات النظر ووجدنا آراء مختلفة لهم حول ازدياد عدد المتسولين في مدينة عدن بشكل خاص على الرغم من أن الظاهرة منتشرة في البلاد بشكل عام.

إذ قال الناشط الاجتماعي محمود بازرعة وهو يعمل في إحدى المنظمات المجتمعية "لا يوجد تكافل اجتماعي موجه من الغني إلى الفقير، فنجد في العاصمة عدن الفقير ينام وأطفاله يتضوَّرون جوعاً بينما يُطعم الغني كلبه من أفخر أنواع اللحوم؛ بل ومن ماركات عالمية خاصة بالكلاب، مضيفًا أنه لا تتوفر رعاية كافية للطبقة الفقيرة - وما أكثرها - من المجالس المحلية في المديريات والمجلس المحلي في العاصمة عدن زد على ذلك لم تقم الجهات الحكومية المعنية بمكافحة ظاهرة التسول.

ومن وجهة نظر بازرعة أن القضاء على هذه الظاهرة لا تكون عن طريق إصدار القوانين المجحفة بحقّ الناس والذين يمدون أيديهم بغية لقمة العيش لسد رمقهم بل بتوفير مصدر دخل كريم لهم.

لافتًا إلى أنه من أهم أضرار هذه الظاهرة تسرُّب الطلاب من المدارس وهو أمرٌ لا يُستهان به لما من شأنه جعل الشارع مأوى للأطفال المتسولين فيخالطون أصدقاء السوء ويتجهون إلى الانحراف، مردفًا أن استعراض الناس الميسورة أحوالهم لثرواتهم بشكل مبالغ به يدفع البعض للحصول على المال بأي شكل لمجاراة نمط الحياة الجديد وغلاء الأسعار المرتفع.


الناشطة (ظبية علي أحمد، تعمل في إحدى المؤسسات الخيرية العاملة في عدن ورئيسة مبادرة اجتماعية قالت "إن ظاهرة التسول ليست وليدة الوقت الحاضر وبنفس الوقت فإنها تبرز كواحدة من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تتزايد بصورة ملحوظة وبطرق وأساليب مبتكرة تحت عناوين العوز والحاجة والمرض، حيث أن التسول يعتبر نوع من السؤال بطريقة استعطاف الآخرين وفيها من أشكال الإهانة والذل ما فيها، وربما تكون هناك أسباب ملحة للجوء إلى التسول كالفقر أو العجز الجسدي أو استغلال الأطفال ليصبحوا أكثر عرضة للانتهاك.

وعن الحل قالت الناشطة ظبية "إنه لابد من وضع ضوابط جديدة لمكافحة ظاهرة التسول بالتعاون مع الجهات الأمنية في جميع المحافظات تزامناً مع حملات توعية لتبيين مخاطر استمراريتها.

 الإعلامية والمهتمة بالشأن المجتمعي جودة علي أشارت إلى أن ظاهرة التسول أصبحت شائعة لدى الكبير والصغير، معتبرةً أنها من أبشع العادات السّلبيّة التي تسود المجتمع والتي تظهره بمظهر الذّل بين بقية المجتمعات، ويجب أن تُكافح هذه الظّاهرة بشكلٍ سريع وبكل ما تمتلكه الحكومة من إمكانيات، مستطردة أن البداية تكمن من تفقد الأسر المتفككة، مستطردة أن سبب نشوء هذه الثّقافة الفاسدة وانتشارها بين الأفراد هو غياب الجمعيات والمؤسسات الاجتماعيّة التي كان يجب عليها أن تعتني بالأسرة وتقدم لها المحاضرات العلميّة والأخلاقية من أجل توعيتهم من آثار تلك العادات السّلبية عليهم وعلى المجتمع في آنٍ واحد.

وحثت القائمين على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بالإضافة إلى ناشطي وسائل التّواصل الاجتماعي إلى العمل على التشهير بهذه الظاهرة السّيئة وإلقاء الضّوء على نتائجها، وتحذير المواطنين من إعطاء المتسولين النقود لعدم الوقوع في فخ دعم هذه الظّاهرة الخبيثة في المجتمع.

وناشدت الإعلامية جودة الدّولة على حث الأغنياء من أجل إخراج زكاة أموالهم وتوزيعها على الفقراء توزيعًا عادلًا، وتوفير فرص عمل، لتلبية احتياجات الفقراء الضّروريّة، وكذا توفير مقاعد دراسة للأطفال من أجل تنشئتهم تنشئةً سويّةً لرفع المستوى الاجتماعي والثّقافي للمجتمع، وفي مقابل ذلك إنزال العقاب الشّديد على كلِّ من تسوِّل له نفسه اتّخاذ التّسول مهنةً له.

 القانون اليمني فرض عقوبات بالحبس والأشغال لمن يمتهن التسول

 إلى ذلك قالت الحقوقية (فائزة الويناني) أن هناك عواقب وخيمة لمن يمتهنون التسول في القانون اليمني حيث تنص المادة 203 بمعاقبة المتسوِّل بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر إذا كان معتادًا لممارسة التسول في أي مكان، شريطة أن يكون لديه ما يُـمكِّـنه من العيش دون مد يده في الشارع، أو بإمكانه الحصول على وسائل مشروعة للعيش، وتكون العقوبة بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة إذا رافق الفعل تهديد أو  ادعاء عاهة أو اصطحاب طفل  صغير من غير فروعه، ويجوز للمحكمة بدلًا عن الحكم على المتسول بالعقوبة المقررة أن تأمر بتكليفه بعمل إلزامي مدته لا تزيد عن سنة إذا كان قادرًا على العمل أو تقرر إيداعه إلى ملجئ أو دار للعجزة أو مؤسسة خيرية معترف بها متى ما كان عاجزًا عن العمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى