أطماع الإخوان في اليمن تصطدم باستراتيجية المجلس الرئاسي

> حسن خليل:

> في تقرير جديد عن الأوضاع في اليمن، كشف مركز مداري للدراسات والأبحاث الاستراتيجية في مأرب، وعن الدور المريب الذي قام به حزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، إبَّان حكم الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.

التقرير رصد بالوثائق خطط التمكين واختراق الإخوان لمؤسسات الدولة، الأمر الذي مكَّن الجماعة من بسط سيطرتها على قطاعات عريضة، وفرض إرادتها على المؤسسات السيادية، والهيمنة على قطاعات واسعة في المؤسسات الخدمية، وذلك باستغلال قرارات الرئيس هادي، وافتعال التعقيدات السياسية، ووجود فراغ هائل في السلطة تمكَّن من خلاله الإخوان من إزاحة خصومهم.

كانت خطة السلام التي اقترحت في جدة تتوقع أن يتوصل المجلس الانتقالي الجنوبي، وإدارة الرئيس الهادي، بعد أن قاتلا معًا ضد تهديد المتمردين الحوثيين، الذين تمولهم إيران، إلى اتفاق لإدارة الأراضي الجنوبية، لكنّ تدخلات الإخوان، ومحاولتهم توجيه الشرعية تجاه تحقيق مطامعهم أزعجت بشدة قادة الجنوب، الأمر الذي تسبب مِرارًا في إعادة تنشيط جبهة قتال انخرط فيها حليفان نظريان: من ناحية المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن ناحية أخرى قوات هادي المسلحة، نتيجة الهجمات التي حاول من خلالها حزب الإصلاح إطالة أمد القتال.
  • تمديد الهدنة يقوض خطط الإخوان
بحسب مارييك ترانسفيلد، في تقريره الذي نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإنّ الهدنة الأخيرة في اليمن يمكن أن تؤدي إلى مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار طويل الأمد، لكنَّ هذا سيتطلب تنازلات أكبر من قبل الحوثيين، ومشاركة دبلوماسية مستدامة من القوى الإقليمية، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وكذلك إيران.

جدير بالذكر أنّه بعد يوم من إعلان التحالف العربي الذي تقوده السعودية وقف إطلاق النار من جانب واحد في حرب اليمن المستمرة منذ أعوام، في 31 (مارس) الماضي، دعا الحوثيون التحالف إلى رفع الحظر المفروض على اليمن، وكان من المقرر أن تنتهي الهدنة التي استمرت شهرين في نهاية (مايو) الماضي، قبل أن يعلن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج أنَّ أطراف النزاع استجابت بشكل إيجابي لاقتراح تمديد الهدنة لشهرين إضافيين.

ومع ذلك، فإنَّ الوضع في اليمن ما زال هشَّاً، وما يزال هناك خطر من أن تنهار الهدنة في أي وقت، خاصة أن الحوثي يبدو أنه غير مستعد للرد بالمثل على التنازلات التي قدمها خصومه.
  • المجلس الرئاسي يبدأ حقبة جديدة
ازداد الزخم السياسي وراء الهدنة مع إعلان الحكومة السعودية في 10 (أبريل) الماضي استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتشكيل مجلس رئاسي من (8) أعضاء، الأمر الذي ربما يشكل ضربة قوية لميليشيات الإخوان، خاصة أن رشاد العليمي - وزير الداخلية السابق في حكومة صالح- الذي يترأس المجلس الجديد، يبدو حذرًا من التعاطي مع حزب الإصلاح، وقد وعد بإحلال السلام في البلاد من خلال عمليةً أكثر شمولًا، تعبِّر في مضمونها عن نهج جديد، واستراتيجية قد تؤدِّي بالفعل إلى إحباط مخططات الجماعة.

أحد العناصر الرئيسة لهذا النهج الجديد، بحسب تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هو محاولة توحيد التحالف طويل الانقسام المناهض للحوثيين، على المستوى العسكري والاستراتيجي. ويمنح تشكيل المجلس الرئاسي دورًا أكثر بروزًا في حكومة البلاد، المعترف بها دوليًا لشخصيات من الحزب الحاكم السابق، المؤتمر الشعبي العام، الذي يحتفظ بعلاقات جيدة بالقوى العربية الإقليمية، وعلى رأسها الإمارات، التي كان لديها عدة تحفُّظات على دعم الحكومة التي يقودها هادي، لأن الأخيرة تورطت بشدَّة مع حزب الإصلاح الإخواني، ممَّا تسبب في حدوث انقسام عميق في التحالف العربي.
  • تهميش الإخوان
قد تستمر الخلافات بعض الشيء داخل الحكومة، لا سيَّما بين أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذي يهيمن عليه الشمال، والمجموعات الجنوبية المرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتصدى بشكل حازم لمخططات الإخوان، ومع ذلك، فمن المرجَّح أن يتم تهميش حزب الإصلاح، الأمر الذي يعني بالكلية انحياز الإمارات إلى المملكة العربية السعودية، من خلال إلقاء ثقلها وراء الحكومة اليمنية، الأمر الذي قد يسمح بمقاربة أكثر واقعية وفاعلية لإنهاء التدخل العسكري الخليجي.

في ظل هذه التطورات، وبعد هجمات الحوثيين عبر الحدود على البُنية التحتية الحيوية لصناعة النفط في السعودية والإمارات في وقت سابق، قدَّم التحالف العربي الآن سلسلة من الخطوات للحوثيين، تندرج تحت بند النوايا الحسنة في إطار الهدنة، وقام التحالف العربي بالعديد من إجراءات بناء الثقة الرئيسية، التي يمكن أن تضع الأساس لوقف إطلاق النار على الصعيد العام، وتشمل هذه الإجراءات السماح للعديد من ناقلات النفط بالرسو في ميناء الحديدة، ممَّا سمح بوصول إمدادات الطاقة التي تشتد الحاجة إليها بدخول الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي 6 (مايو) الماضي أطلقت الحكومة السعودية سراح (163) سجينًا حوثيًا ، بعد (10) أيام استجاب التحالف لمطلب حوثي آخر هو إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية.

لكن ذلك لا يعني التنازل بقدر ما يُعبِّر عن استراتيجية جديدة تضع السلام ووقف إطلاق النار ضمن أولوياتها، الأمر الذي يكشف غطاء الحماية الأخير عن ميليشيات الإصلاح الإخوانية التي تغذَّت طيلة الأعوام الماضية على الحرب، وعملت كظهير خلفي للانقلابيين من أجل اقتسام السلطة، وربما تؤدِّي المتغيرات الإقليمية الأخيرة إلى تراجع الدور القطري الداعم لحزب الإصلاح، وكذلك تقلُّص الدور التركي بشكل نهائي، الأمر الذي يُنذر بأزمة سياسية سوف يواجه الإخوان تبعاتها في اليمن، بعد أن استفادوا كثيرًا في ظل حكم الرئيس هادي من حالة عدم الحسم، وفتح المجال أمامهم، لكن المجلس الرئاسي الجديد على علم مسبق بكل خطط الإخوان، وسوف تؤدي السياسات الجديدة إلى تراجع حاد، مع رفع الغطاء الإقليمي لدور ميليشيات الجماعة في مأرب وتعز وغيرها من مناطق نفوذها العسكري.

*كاتب مصري - حفريات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى