تحديات تواجه تحوّل الخليج إلى مركز عالمي للسياحة

> أبوظبي "الأيام"

> ​اعتبر خبراء السياحة أن نقص العمالة الماهرة سيشكل أكبر العقبات أمام تجسيد دول الخليج العربي خططها بجعل القطاع أكثر ازدهارا خلال السنوات المقبلة أملا في زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

ووضعت حكومات الخليج هدفا يتمثل في تحويل المنطقة إلى مركز عالمي سياحي وفي سبيل ذلك اعتمدت استراتيجيات تتواءم مع طبيعة إمكانيات كل بلد وأطلقت مشاريع ضخمة بمليارات الدولارات.

وخلال العقد الأخير نجحت المنطقة في أن تقهر درجة الحرارة المرتفعة وأن تتحول خلال الأشهر الحارة إلى أماكن جاذبة للسياحة الداخلية والخارجية، بعد أن كان يهجرها سكانها في مواسم الصيف السابقة هربا من شمسها القاسية.

ورصدت الحكومات الخليجية أموالا ضخمة في موازناتها وقدمت حوافز للمستثمرين الأجانب من أجل ضخ أموالهم لتطوير السياحة كما فتحت الباب أمام الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإعطاء دفعة أكبر للقطاع.

وبينما تتقدم دول المنطقة على سلم السياحة العالمية لناحية المشاريع والوجهات، فإنها بحاجة إلى إيلاء اهتمام مماثل للجوانب “الناعمة” لتنمية هذه الصناعة.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى سيريل لينكولن نائب الرئيس التنفيذي في بنك المشرق الإماراتي قوله إن “القطاع يحتاج إلى كوادر بشرية ماهرة وزيادة زخم التكنولوجيا وتعزيز الاستدامة”.

ويرى أن التحدي الآن ليس غياب الفرص، لكن نقص القوى العاملة والمهارات الفنية، حيث تسببت جائحة كورونا في بطالة واسعة عبر قطاع السفر والسياحة، ليس في المنطقة فحسب، لكن على مستوى العالم.

وأوضح لينكولن، الذي يتولى أيضا منصب الرئيس العالمي للتمويل والاستشارات العقارية بالبنك أنه مع تعافي الصناعة، هناك مؤشرات واضحة على الطلب المكبوت على الموارد البشرية، لكن قد لا يختار الجميع العودة إلى العمل بالقطاع.

وتشهد دول الخليج الست، لاسيما السعودية والإمارات، مشاريع قيد التخطيط والإنجاز في قطاع الضيافة والترفيه باستثمارات تفوق 143 مليار دولار. وبحسب بيانات جمعتها شركة ميد بروجكتس فإن من بين تلك الاستثمارات مشاريع بقيمة 28 مليار دولار لا تزال تحت الإنشاء.

ومن أبرز المشاريع الجاري تطويرها بالمنطقة، المجمع الملكي للفنون ضمن حديقة الملك سلمان في الرياض، ومدينة ملاهي تقوم بتشييدها شركة سيكس فلاغس الأميركية على مشارف العاصمة ومشروعي الدرعية والبحر الأحمر.

أما في أبوظبي فهناك مشروع متحف غوغنهايم في أبوظبي، فضلا عن الفنادق الفاخرة التابعة لمجموعة كتارا للضيافة في قطر، والتي تتطلّب جميعها قوى بشرية متخصصة.

وتقوم الحكومة الكويتية بدورها بإعادة تطوير قرابة 11 مشروعا أساسيا في قطاعات الضيافة والترفيه، وهي تسعى إلى الاستفادة من الطفرة المالية التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على أسعار النفط الخام لتنفيذ “رؤيتها 2035” والتي تمضي ببطء.

وترتكز المشاريع السياحية في سلطنة عُمان على المرحلة الثانية من مشروع يتي السياحي ومشروع مسندم الذي يتضمّن إنشاء مركز للمغامرات ومرسى سياحي وفندق.

وثمة مشروع لتطوير شاطئ بصة السياحي في ولاية خصب بمحافظة مسندم وتطوير مشروع الشرق بولاية بركاء بمحافظة جنوب الباطنة الذي يحتوى على مرافق ترفيهية ومناطق سكنية وفندقين.

وتمثل الفنادق والمنتجعات حوالي نصف المشاريع قيد الإنشاء في الوقت الراهن بالخليج، إذ يبلغ إجمالي حجم الاستثمارات فيها 13 مليار دولار، 45 في المئة منها تحوزت عليها السوق السعودية لوحدها استنادا إلى ميد بروجكتس.

وتُقدر شركة كوليرز للخدمات العقارية أن تحتاج دول الخليج أكثر من 90 ألفا من العمالة الماهرة في قطاع الضيافة بحلول 2026، منهم حوالي 86 ألفا في السعودية والإمارات لوحدهما.

ويعتبر لينكولن أن قطاع السياحة أكثر من مجرد مشاريع، فهو قائم على البشر بشكل أساسي، وتدريب المواهب والاحتفاظ بها يمثلان نفس القدر من الأهمية.

وأكد أن الأمر لا يقف عند تلك النقطة فهو يعد دافعا لإيجاد التوازن بين القوى العاملة المحلية والوافدة في القطاع من خلال إنشاء معاهد التدريب والبرامج الجامعية ذات الصلة.

وتتوقع الأوساط السياحية أن تحتضن السوق الخليجية أكثر من مئة ألف غرفة فندقية جديدة في غضون السنوات الأربع المقبلة ما يرفع الطاقة الاستيعابية الإجمالية إلى أكثر من مليون وحدة في المنطقة كلها.

ووفقا لشركة أس.تي.آر لأبحاث السوق، فإن حوالي 80 ألف غرفة فندقية يجري بناؤها حاليا في السعودية، ما يمثل 3.2 في المئة من إجمالي الوحدات التي يتم تشييدها حول العالم والبالغ عددها 2.5 مليون غرفة.

وتستهدف السعودية استقطاب 100 مليون زيارة سنويا بنهاية العقد الحالي، ورفع مساهمة القطاع بالناتج المحلي من ثلاثة في المئة حاليا إلى 10 في المئة، مع توفير مليون وظيفة سياحية.

أما الإمارات فتتنافس أكبر إماراتين في البلاد على تنمية القطاع، فبينما تسعى أبوظبي إلى مضاعفة عدد السياح إلى 23 مليونا سنويا في 2030، تستهدف دبي استقبال 25 مليون زائر في 2025.

وتواجه قطر منافسة شديدة من المنافسين الإقليميين، وخاصة السعودية والإمارات، اللتين توفران أسواقا أكبر وأكثر رسوخا وتنوعا أكبر للسياح. وتسعى الدوحة إلى زيادة مساهمة السياحة في اقتصاد البلاد حتى يصل إلى عشرة في المئة عبر جذب 6 ملايين سائح سنويا بنهاية هذا العقد.

وتبدو البحرين، وهي أصغر اقتصادات المنطقة متفائلة حيث تتسلح باستراتيجية منبثقة من “رؤية 2036” تقوم على إنفاق أكثر من 10 مليارات دولار على البنية التحتية السياحية.

وتستهدف المنامة من وراء ذلك رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.4 في المئة، من خلال استقطاب قرابة 14.1 مليون زائر. ووضعت عُمان هدفا وهو الوصول بإيرادات السياحة إلى 23 مليار دولار سنويا بعد عقدين من الآن، بزيادة عدد الزوار إلى 11.7 مليون سائح، 40 في المئة منهم من الزوار الوافدين من الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى