​إمدادات الحبوب تعاني أزمات مزمنة عالميا

> «الأيام» العرب :

>
بعد أن تصاعدت المخاوف من احتمال دخول اقتصادات الكثير من الدول، خاصة منها الأفريقية، في مجاعة جرّاء الأزمة التي تعصف بإمدادات الحبوب منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية عاد الهدوء نسبيا إلى أسواق الغذاء العالمية، لكنه هدوء لا يلغي ضرورة الوقوف على أزمات الإمدادات التي صارت مزمنة ولا يمكن حلها جذريا.

وتحذر تقارير منذ أشهر من أن الانخفاض في عمليات التصدير من الأراضي الأوكرانية سيؤثر على أسعار الحبوب، وستظهر في البلدان التي يتم تصدير الحبوب إليها تهديدات بالمجاعة، أي أنه يمكننا توقع اضطرابات عالمية تصل إلى حد النزاعات خلال العام المقبل.

وتطمح أوكرانيا إلى تصدير 3.5 مليون طن من الحبوب، التي تتصدرها الذرة والقمح، إلى السوق العالمية خلال الفترة المقبلة، مع بدء موسم الحصاد الصيفي في البلاد.

لكن فينسنت شتامر، الخبير لدى معهد "كيل " الألماني للاقتصاد العالمي، أكد وجود صعوبات تعرقل شحن ملايين الأطنان من الحبوب المحتجزة في الموانئ الأوكرانية في الوقت المناسب مع بدء موسم الحصاد الجديد.

زيادة غلات المحاصيل عالميا لم تكن قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية، مما يهدد أهداف الأمن الغذائي.

كما أن زراعة الحبوب عالميا، وخاصة القمح، تشهد مجموعة من المخاطر طويلة الأمد، والتي قد تؤثر سلبا على سوق الحبوب العالمية، وستدفع بها صعودا، حتى مع فرضية انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية.

وروسيا هي أكبر مصدّر للقمح عالميا بمتوسط سنوي قدره 44 مليون طن، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة في تصدير القمح بمتوسط سنوي يتجاوز 18 مليون طن.

وتراجعت أسعار القمح عالميا من متوسط 550 دولارا للطن في مايو الماضي إلى متوسط 300 دولار حاليا، وهي الأسعار ذاتها تقريبا عشية الحرب في شرق أوروبا.

وتعتبر أسعار الطاقة في العالم من أبرز المدخلات في تسعير القمح عالميا، إذ تشهد الأسعار حاليا ارتفاعات كبيرة تدنو من 100 دولار لبرميل برنت.

وتتوفر حاليا أسباب ارتفاع الطلب على النفط إلى مستويات مارس الماضي، أي 130 دولارا، بسبب زيادة الطلب العالمي ومحاولة الغرب تهميش نفط روسيا التي هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بمتوسط يومي قدره 10.7 مليون برميل.

وعانى المزارعون في الأشهر الماضية من ارتفاع تكلفة الحصاد بسبب تشغيل المعدات والماكينات اللازمة للحصاد والنقل من المزارع إلى مرافق التخزين، إلى جانب كلفة نقل المحصول في البواخر إلى الأسواق المستهلكة.

ففي عمليات الحصاد يحتاج المزارعون إلى الوقود، كذلك الأمر في عمليات نقل المحصول إلى مرافق التخزين، فضلا عن كلفة الوقود المرتفعة التي يتطلبها نقل القمح إلى الأسواق، وهي تكاليف يتحملها المستهلك النهائي.

وتظهر بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن الأسمدة تمنح مزارع القمح زيادة في الإنتاج وحماية من التلف بنسبة تتراوح بين 20 و30 % من حجم الإنتاج الطبيعي.

المزارعون عانوا في الأشهر الماضية من ارتفاع تكلفة الحصاد المزارعون عانوا في الأشهر الماضية من ارتفاع تكلفة الحصاد
وفي مارس الماضي ارتفعت أسعار المواد الخام التي تشكل سوق الأسمدة، مثل الأمونيا والنيتروجين والنترات والفوسفات والبوتاس والكبريتات، بنسبة 35 % ، وفق بيانات هيئة السلع البريطانية.

وتعد روسيا وأوكرانيا من بين أهم منتجي السلع الزراعية في العالم كالأسمدة والمواد الخام اللازمة لتصنيعها.

وفي 2021 كانت روسيا أكبر مصدر للأسمدة النيتروجينية في العالم، وثاني أكبر مورد لكل من الأسمدة البوتاسية والفوسفورية، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وتستحوذ على 14 في المئة من مجمل صادرات الأسمدة عالميا.

علاوة على ذلك يعتبر الغاز أحد المدخلات الرئيسية لإنتاج الأسمدة، في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الغاز الطبيعي عالميا أعلى مستوياتها منذ عام 2008، ما أدخل دول أوروبا في أزمة آخذة في التصاعد.

ومنذ بداية عام 2020 ارتفعت أسعار الأسمدة النيتروجينية أربعة أضعاف، بينما ارتفعت أسعار الفوسفات والبوتاس بمقدار ثلاثة أضعاف.

وقبل التهديد بخفض الإمدادات من روسيا وبيلاروسيا كانت أسعار الأسمدة تواجه بالفعل ضغوطا متصاعدة بسبب اضطرابات سلاسل التوريد العالمية وحظر الصادرات الصينية وإضراب السكك الحديدية الكندية.

وفي حين أن معظم تركيز المناقشات حول ارتفاع الأسعار في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا قد هيمنت عليه الطاقة، من المتوقع أن تتسبب صدمة إمدادات الأسمدة والقمح والحبوب الأخرى إلى احتداد مشكلة حجم إنتاج الغذاء.

روسيا وأوكرانيا تعدان من بين أهم منتجي السلع الزراعية في العالم كالأسمدة والمواد الخام اللازمة لتصنيعها.

ويتطلب إنتاج الأغذية والأسمدة نسبة عالية من الطاقة بسبب الميكنة والتصنيع والنقل، وفي المدة الأخيرة تعيش كندا، وهي أحد كبار منتجي القمح في العالم، حالة جفاف غير مسبوقة، يتوقع أن تخفض الإنتاج بنسبة 30 % ، بحسب بيانات حكومية.

وزراعة القمح في العالم تعتبر زراعة بعلية بنسبة تزيد عن 99 % ، لذا فإن تطرف الطقس في فصل الصيف وتطرفه من حيث البرودة في فصل الشتاء، وتداخل الفصول، كل ذلك سيفقد زراعة الحبوب - وخاصة القمح- انتظامها.

لكن في المقابل شكلت تغيرات المناخ هذا العام دفعة إضافية لروسيا التي سجلت انتعاشا في إنتاج القمح شمال البلاد، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وأورد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي أن الزراعة في جنوب أفريقيا على سبيل المثال هي القطاع الأكثر تضررا بسبب تغير المناخ، حيث أن 95 % من المساحة المزروعة بعلية.

وعلى الرغم من زيادة غلات المحاصيل عالميا بسبب الزيادات في المساحات المروية واستخدام أصناف البذور المحسنة، إلا أنها لم تكن قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية لعدد السكان، مما يهدد أهداف الأمن الغذائي العالمي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى