​موقف ماكرون: دعم قوي لقيس سعيد ولمفاوضات تونس مع صندوق النقد

> باريس«الأيام» العرب اللندنية:

> وصف الاستفتاء بالمرحلة المهمة إشارة فرنسية واضحة إلى القطع مع الماضي وفوضى دستور 2014، وإلى دعم نظام سياسي جديد يكون فيه القرار بيد جهة واحدة.

 وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء الاستفتاء الذي أفضى إلى تبني دستور جديد بأنه “مرحلة مهمة”، في خطوة قال مراقبون تونسيون إنها تعبّر عن دعم فرنسي واضح لمسار الانتقال السياسي الجديد في تونس.

وقال المراقبون إن موقف فرنسا الداعم للاستفتاء، الذي يعد خطوة ضمن خطوات المرحلة الانتقالية، بمثابة اعتراف رسمي بوقوف فرنسا إلى جانب قيس سعيد، وهو ما من شأنه أن يبدد رهان البعض من المعارضين في تونس على ضغوط الخارج، وخاصة فرنسا الشريك القوي للبلاد، والتي تعتبر استقرار الوضع في تونس جزءا من أمنها القومي.

وأشار المراقبون إلى أن موقفا واضحا مثل الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي يعني آليا أنّ هناك من يثق في تونس ويدعم حصولها على مساعدات وقروض خارجية سواء من الاتحاد الأوروبي أو من صندوق النقد الدولي أو من البنك الدولي، وهي خطوة مهمة تحتاجها تونس الآن في ظل الهجمات السياسية المحلية والخارجية التي تهدف إلى التشكيك في انتقالها السياسي وتحذير الشركاء الأجانب من المضي قدما في تقديم الدعم إلى البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية في ختام محادثة هاتفية بين الرئيسيْن إيمانويل ماكرون وقيس سعيد أن “رئيس الجمهورية ذكر أن إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور في 25 يوليو خطوة مهمة في عملية الانتقال السياسي الجارية”.

وأضافت الرئاسة أنه “أكد على ضرورة استكمال الإصلاحات الجارية في المؤسسات، في إطار حوار شامل مع احترام سيادة تونس”.

وترى أوساط سياسية تونسية أن وصف الاستفتاء بالمرحلة المهمة إشارة فرنسية واضحة إلى القطع مع الماضي وفوضى دستور 2014، وإلى دعم نظام سياسي جديد يكون فيه القرار بيد جهة واحدة تكون قادرة على اتخاذ القرارات في الوقت اللازم وضمان استقرار البلاد وفتح الطريق أمام الإصلاحات المطلوبة داخليا وخارجيا، وقادرة على الإيفاء بتعهدات تونس الخارجية، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق لحصولها على ما تريده من قروض ومساعدات مختلفة.

وتعتقد هذه الأوساط أن رسالة ماكرون موجهة أيضا إلى أحزاب وشخصيات تونسية معروفة بقربها من فرنسا، ومفاد هذه الرسالة أن التحالفات القديمة لا معنى لها، وأن أي تحالفات لا بد أن تراعي التغييرات الحاصلة في البلاد، وأن الاحتماء بحركة النهضة والتحالف معها لم يعودا مفيديْن، وأن موازين القوى قد تغيرت لفائدة الرئيس سعيد.

وتلفت هذه الأوساط إلى أن الحوار الشامل الذي دعا إليه ماكرون ستكون المعطيات السابقة أرضية له، أي لا جدوى من أي حوار لا يكون قيس سعيد محوره ولا ينعقد في سياق التغييرات التي أحدثها، ومن بينها الدستور الجديد الذي سيؤسس للقانون الانتخابي الذي ستتم وفقه الانتخابات القادمة، وهي إشارة واضحة إلى بعض الأطراف التي مازالت تتحدث عن “حوار وطني” لإسقاط ما تسميه “الانقلاب” وتحلم بالعودة إلى مناخ ما قبل 25 يوليو 2021.

ولا شك في أن الموقف الواضح الذي أعلنه الرئيس الفرنسي سيجعل مختلف هذه الأطراف تراجع مواقفها وتبحث لها عن دور في المنظومة الجديدة بعيدا عن الشعارات القديمة أو الرغبة في وضع اليد على المؤسسات الجديدة.

رسالة ماكرون إلى أحزاب وشخصيات معروفة بقربها من فرنسا: أي تحالفات لا بد أن تراعي التغييرات الحاصلة بعد الاستفتاء

وكان قيس سعيد نجح، من خلال الاستفتاء الذي أجراه في 25 يوليو الماضي، في الحصول على دعم شعبي لافت أفضى إلى تبني الدستور الجديد بغالبية ساحقة نسبتها 94.6 في المئة من المشاركين في التصويت وفقا للنتائج الأولية. ويتوقع إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر القادم.

وقال محللون سياسيون إن موقف فرنسا سيكون القاطرة التي ستقود المواقف الغربية وتخرجها من دائرة الحذر والتردد؛ إذ حذرت الولايات المتحدة من خطورة ألّا يضمن الدستور حقوق التونسيين وحرياتهم ضمانا كافيا، وإنْ لم ترفض الاستفتاء ولم تدعم دعوة المعارضين إلى المقاطعة، وجاء بعض تلك المواقف وكأنه تسجيل حضور أكثر منه اعتراضا أو لفت نظر.

ودعا الاتحاد الأوروبي السلطات إلى “الحفاظ” على الحريات الأساسية وأصر على الحاجة إلى “توافق واسع” بين القوى السياسية والمجتمع المدني من أجل “تطبيق جميع الإصلاحات السياسية والاقتصادية المهمة” في المستقبل.

كما أكد الرئيس الفرنسي أن تونس يمكن أن “تعتمد على دعم فرنسا” في مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض شرط تنفيذ برنامج الإصلاحات.

وقال أيضا إن “فرنسا مستعدة للعمل مع تونس لتلبية الحاجات الغذائية” للبلاد في مواجهة النقص الذي سببته الحرب في أوكرانيا، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم مع روسيا.

ويمنح الدستور الجديد صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية وقد جاء معبرا عن توجه شعبي واسع يدعم التخلص من النظام البرلماني المعمول به منذ عام 2014.

وينصّ الدستور على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويمكن أن يقيله إن شاء، دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.

كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية “أولوية النظر” من قبل نواب البرلمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى