"الشرطة المجتمعية" تثير جدلًا واسعًا في السودان

> ​أعاد قرار وزارة الداخلية السوداني بتفعيل الشرطة المجتمعية الجدل بشأن قانون النظام العام ما بين الرفض والقبول، إذ يرى المؤيدون أنه يساهم بضبط المجتمع السوداني، الذي يعتقدون أنه ”انفلت خلال الآونة الأخيرة“، فيما يشير الرافضون إلى أنه يقيد الحريات، التي تعد أحد شعارات ثورة ديسمبر 2019.

وخلال أغسطس  الجاري، أصدر وزير الداخلية المكلف المدير العام للشرطة السودانية، الفريق أول عنان حامد محمد عمر، قرارًا قضى بتكوين ”الشرطة المجتمعية“، ما اعتبره الكثيرون عودة لقانون ”النظام العام“ تحت مسمى جديد، لكن الشرطة السودانية أصدرت بعد قرار مديرها العام بيانًا توضيحيًا قالت فيه إن ”إنشاء إدارة الشرطة المجتمعية يهدف لنشر ثقافة المسؤولية الأمنية بين أفراد المجتمع والعمل المنعي والوقائي“.

وأشار البيان إلى أن الشرطة المجتمعية ستعمل على مكافحة الجرائم التي تفرزها الحروب والنزاعات التي تتطلب عملًا اجتماعيًا وتوعويًا لمعالجتها.

وتداول ناشطون بكثافة عودة شرطة النظام العام في عهد حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، معتبرين أنها ”محاولة لقمع المواطنين، وكبت الحريات الشخصية“.

ورأى قانونيون أن الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الانتقالية ألغت قانون النظام العام، وأن عودته خطوة غير دستورية، وعودة لكبت الحريات تحت مسمى ”الشرطة المجتمعية“، فيما اتفق آخرون مع قرار الشرطة لكبح الشارع السوداني، وما أسموه بالظواهر السالبة في غياب النظام العام.

رأي البشير

وقبل أيام من سقوط حكمه أقرَّ عمر البشير، في مؤتمر صحفي، بأن قانون النظام العام المثير للجدل، والوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، أثارا الغضب في صفوف الشباب الذين خرجوا في تظاهرات تطالبه بالتنحي عن السلطة.

واجبات شرطية

وأشار القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، الخبير القانوني نبيل أديب، إلى أن قانون النظام العام منذ صدوره وحتى إلغائه لم يؤدِ أي أغراض، وتساءل: ماذا تعني الشرطة المجتمعية؟.

وقال أديب لـ“إرم نيوز“ إن ”واجبات الشرطة الأساسية حفظ الأمن، وتنفيذ القانون الجنائي، لكن ليس لها علاقة بأخلاق الناس، وهو أمر معنية به الأسر“.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بشكل لافت، تصريحًا للمتحدث الرسمي باسم الشرطة السودانية عبدالله البدري، أعلن خلاله صدور قرار بتفعيل عمل ”الشرطة المجتمعية“ لحفظ الأمن وحماية المجتمع من خلال العمل الكشفي والمنعي للجريمة.

وأكد في مقابلة مع برنامج ”كالآتي“، الذي تبثه قناة ”النيل الأزرق“ السودانية، العمل على تجاوز أخطاء الماضي، وقال: ”إذا ثبت أن هناك من يعمل بقانون النظام العام بشكل مخالف سيتعرض للمساءلة والعقوبات“.

استقلالية التطبيق 

وقال نائب الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد، مولانا آدم أحمد يوسف، إنه ”لا أحد يرفض ضبط النظام في الشارع، ولكن لا ينبغي أن يستغل القانون، ويجب أن يكون مستقلًا“.

وشدد يوسف في حديث لـ“إرم نيوز“ على ضرورة استقلال القضاء، وأن يطبق النظام بشفافية، وقال: ”يجب أن يكون هنالك نظام يحفظ الأمن وعروض الناس“.

وفي العام 2019، ألغت السلطات السودانية قانون النظام العام والآداب العامة في سياق حملة أطلقها رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك لإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، إذ صدر القانون، في العام 1996، ويتكون من 25 مادة، تحدد الضوابط والقواعد المتعلقة بالسلوك العام في المناسبات والأسواق وغيرها.

كيفية التنفيذ

ورفض الخبير القانوني، بارود صندل، الجدل حول إعادة قانون النظام العام في ظل الفوضى التي تدور في الشارع.

وقال صندل لـ“إرم نيوز“ إن ”المشكلة ليست في قانون النظام العام، وإنما بكيفية تطبيقه“.

وأضاف: ”هو قانون ليس سيئًا، وجميع الدول تحتكم لمثل هذه القوانين“، معتبرًا أنه ”لا بد من قانون رادع ينظم الشارع“.

لكن محامي الطوارئ، اعتبروا أن تكوين الشرطة المجتمعية يأتي لمزيد من الانتهاكات الحقوقية، وإذكاء الانقسام المجتمعي في ظل سريان مرسوم الطوارئ.

وتداولت مواقع إلكترونية خبرًا لإلغاء حفل للمغني المعروف، معتز صباحي، بأمر من الشرطة المجتمعية، وتحديد، العاشرة مساء، موعدًا لانتهاء الحفلات في الخرطوم.

كما تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبر استدعاء الفنانة مجاهدة لاستخدامها في مقطع فيديو عبارة ”أووووب علي قالوا قانون النظام العام رجع“، وزادت على ذلك بقولها: ”النصيحة رجع الوجع“.

تبرير الشرطة

وعادت الشرطة للمرة الثالثة خلال يومين لتبرير قرارها الخاص بالشرطة المجتمعية، وأكدت في بيان، اليوم الخميس، مهام الشرطة المجتمعية المرتقب تشكيلها.

وأوضحت أنها ليست لها علاقة بالنظام العام وليست أداة تنفيذية، مؤكدة أن الشرطة المجتمعية هي إسناد لتطوير علاقة الشرطة بالمجتمع، وهي تجربة تحكمها معايير دولية وتجارب لمهام تتطلب إشراك المجتمع لمعالجة بعض القضايا بأساليب تختلف عن الضبط والجزاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى