المجلس الرئاسي.. جنوب مؤيد وشمال منقسم

> «الأيام» مسارات:

> تتعاظم التحديات كلما حاول المجلس الرئاسي أن يخطوا خطوات إلي الأمام وتلعب هذه التحديات دور الكماشة التي تعيد المجلس إلى الخلف أو تجعله يتوقف في مكانه دون حراك مفيد.

منذ أن تأسس المجلس قبل خمسة أشهر ونيف كانت المؤشرات تسير في اتجاهين اتجاه بدا متفائلا قال أن المجلس سوف ينجح ولو في حدود معينة لتحقيق تطلعات الناس في الخلاص واتجاه آخر بدا متشائما وقال إن المجلس سوف يفشل في مهامه ولن يحقق أهدافه التي أعلنت يوم مولده.

وطوال المدة التي مضت من تأسيسه راقب كثير من المهتمين أداءه وتحركاته من العاصمة عدن لكنهم لم يحصلوا على نتائج إيجابية تؤكد أن المجلس نجح بالفعل بينما يرى آخرون لاسيما في الجنوب أن المجلس حقق نتائج طيبة ينبغي البناء عليها لتحقيق النجاح المأمول الذي ينتظره الناس.

وفي الأيام الأخيرة خصوصا عند أحداث شبوة انقسم اليمنيين في الشمال والجنوب بين غير راضٍ ومؤيد في صورة تؤكد أن التحديات تفعل فعلها في جعل الحفاظ على المجلس متجانسا مسألة صعبة بحاجة لإعادة ترتيب الكثير من الأوراق التي تبعثرت.
  • جنوب مؤيد
بدا الجنوبيون أكثر المرحبين والمؤيدين لنشاط المجلس الرئاسي واعتبروا أنه يخطوا خطوات مهمة في ترسيخ دعائم الدولة وإعادة الأمن للمناطق المحررة وإزالة بؤر الصراع والتوتر.

وكانت أحداث شبوة العامل الحاسم الذي جعل الجنوبين يلتفون حول المجلس الرئاسي ويعلنون تأييدهم له ويباركون خطوات الرئيس رشاد العليمي التي برزت في أحداث شبوة كما أعلنوا وقوفهم خلف المجلس لتحقيق النجاحات في الملفات الأخرى خدميا واقتصاديا كما باركوا قراراته الأخيرة في السلك القضائي التي اعتبروها خطوة مهمة لإصلاح المنظومة العدلية وطالبوا بالمزيد من القرارات المماثلة لإصلاح جميع مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد واستعادة إيرادات وأموال الدولة المنهوبة والمهدرة من خلال اللجنة التي تشكلت برئاسة القائد ونائب رئيس المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي.

وعقب أحداث شبوة التي آلت لصالح المجلس الانتقالي احتفت صحف جنوبية من ضمنها صحيفة 14اكتوبر اليومية الرسمية وصحيفة الأمناء الأهلية بالرئيس رشاد العليمي وتصدرت صورته الصفحات الأولى في الصحيفتين ووصفتاه بالقائد وطالبتا الشعب بالوقوق خلفه كما احتفى إعلام الانتقالي بالحدث بصورة مماثلة أكدت أن المجلس الانتقالي يدعم بصورة كبيرة الخطوات التي يقوم بها المجلس الرئاسي الهادفة لترسيخ الأمن وإعادة إقامة دعائم الدولة في المدن المحررة انطلاقا من العاصمة عدن.

إن الانسجام الذي ظهر بين الرئيس رشاد العليمي ونائبه عيدروس الزبيدي في محطات مختلفة جعلت البعض ينبري ناقدا متهما العليمي بأنه يعمل على تنفيذ مشروع المجلس الانتقالي الداعي الي استعادة دولة الجنوب بتوجيهات من التحالف لكن في الواقع يمكننا اعتبار هذا الانسجام والتوافق أمرًا طبيعيا لموقع الاثنين، فالأول رئيس الدولة والثاني نائب للرئيس ورئيس المجلس الانتقالي الذي تسيطر قواته على عدن ومدن جنوبية أخرى ويعتبر الرجل القوي في الجنوب الذي لا يمكن تجاوزه باي حال من الأحوال.

وفي تصوراتنا للموقف فان التنسيق بين المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي سوف يجلب المزيد من التأييد الشعبي للرئاسي في الجنوب وسيجعل كل خطواته اللاحقة الرامية لاستعادة الدولة وبناء المؤسسات تحظى بالدعم الكامل في الوقت الذي سيجعل له حاضنا سياسيا أكبر وهو ما افتقدته السلطة السابقة في عهد الرئيس المعزول هادي التي اتخذت موقفا عدائيا من الجنوب وتطلعاته.
  • شمال منقسم
وفي الشمال توزعت المواقف بين مؤيد للمجلس الرئاسي وغير راض عنه لاسيما أثناء احداث شبوة حيث اعتبر المؤيدون أن المجلس الرئاسي اتخذ الموقف المناسب والمتاح في التعامل مع الأحداث وأن وقوفه إلي جانب محافظ شبوة وقوات الانتقالي هو الموقف الصحيح انطلاقا من تقديرهم بأن المحافظات الجنوبية ينبغي أن تُسلَّم للجنوبين لإدارتها وإن وجود قوات من خارج الجنوب تنازعهم السلطة والإدارة هو أمر غير مفهوم وغير مبرر إلا بكونه سيجر للمزيد من الاقتتال وسفك الدماء وسوف يؤدي إلي إضعاف الجبهة الوطنية التي يفترض أن تتوحد لمواجهة عدو الجميع ممثلا بجماعة الحوثي.

لكن عدد آخر من المهتمين والمراقبين اعتبروا أن إقصاء حزب الإصلاح من شبوة بهذه الطريقة هو دليل على وجود مشروع يتم العمل عليه لتقسيم اليمن بدعم من التحالف لاسيما الإمارات التي تدخلت في المعركة إلى جانب المحافظ ابن الوزير وقوات العمالقة وأن هذا المشروع بات واضحا ومعلنا ولايحتاج لكثير من التأمل والتفكير.

ويعتقد كثير من المنتمين لحزب الإصلاح والمتعاطفين معهم أن أداء المجلس الرئاسي ممثلا برئيسه تحديدا قد بدا ضعيفا في الدفاع عن وحدة البلد ونسيجه الاجتماعي وقد عبرت أحداث شبوة في نظرهم عن ذلك بوضوح مؤكدين أن موقف الرئاسي من أحداث شبوة يجعل المجلس غير مؤهل لقيادة معركة تحرير اليمن من المد الفارسي وجماعة الحوثي التي تسيطر على جزء كبير من الشمال وهذا يؤدي إلى انتكاس آمال اليمنيين الذين علقوها على المجلس يوم الإعلان عنه.

وعن قرارات المجلس الأخيرة رأى هؤلاء أنها تصب في صالح طرف واحد وهو المجلس الانتقالي الذي قالوا عنه أنه فرض إيقاعه وسيطرته على المجلس الرئاسي وتوجهاته في إقصاء واضح وصريح لبقية الأطراف الشريكة في السلطة.

ومن الواضح أن هذا التباين حول أداء المجلس الرئاسي يبدو أمرًا طبيعيا في مرحلة معقدة وصعبة تتشابك فيها المصالح في ظل عدم وجود رؤية واضحه للعمل لديه فضلا عن حالة الارتباك التي تسود المشهد والتي انعكست على أدائه الذي يفتقد للتعزيز والتكامل مع التحالف الذي هو الآخر يعاني من رؤية ضبابية غير واضحة تجاه ما يجري في اليمن وكيف يمكن ان يكون عليه مستقبله.
  • غياب الأعضاء
بدا واضحا أن غياب أعضاء المجلس الرئاسي من حضور اجتماعاته في العاصمة عدن يؤثر بصورة مباشرة عليه ويظهره بأنه قد فقد تجانسه وتوافقه بصورة سريعة قياسا لميلاده الذي لم يتجاوز الخمسة الأشهر بعد.

يظهر الرئيس العليمي ونائبه عيدروس الزبيدي أكثر الحاضرين والملتزمين بأداء مهامهم في إدارة الدولة من قصر المعاشيق بينما يغيب البقية بعذر وبدونه فطارق صالح معتكف في المخا يرفض حضور اجتماعات المجلس أو الظهور عبر الدائرة المرئية كما يرفض بحسب مصادرنا من الرد على اتصالات القصر في الوقت الذي يتواجد فيه فرج البحسني في حضرموت منذ مدة طويلة ولم يعد يظهر في اجتماعات المجلس أيضا بينما يعتكف العضو البارز عبدالله العليمي في الرياض منذ أحداث شبوة ويكتفي سلطان العرادة بالظهور عبر الدائرة المرئية من مأرب لإسقاط الواجب كما يبدو أما العضو عثمان مجلي فإنه هو الآخر لم يظهر في اجتماعات المجلس منذ الأحداث الاخيرة في شبوة ويقال إنه غادر خارج البلاد.

إن غياب وتململ أعضاء المجلس من حضور الاجتماعات أو التلويح بالاستقالات هو أكبر تحدٍ يواجه المجلس حاليًا وهذا في تصورنا بحاجة لتدخل عاجل من قبل التحالف لإعادة المياه إلى مجاريها وترتيب الأوراق التي تبعثرت لأن تفكك المجلس ينعكس بصورة سلبية على التحالف وقد يعيق الكثير من الأهداف التي وضعها وأسندها للمجلس لتحقيقها في الوقت الذي سيؤثر فشل المجلس عليه بصورة مؤكدة لا تقبل الشك.
  • الملفات العالقة
ماتزال الملفات المهمة عالقة أمام المجلس ولم يبت فيها بعد فقد أثرت التباينات والصراعات على المجلس واختطفت اهتمامه إلى وجهه أخرى قد يغرق فيها في حال استمر بهذا الأداء.

الملف الاقتصادي وملف الخدمات هما أبرز الملفات الذي وعد المجلس بإيجاد معالجة لهما في وقت سابق لكن حتى الآن لم تنفذ أيًا من الوعود تلك فالوديعة التي يعلق عليها المجلس آماله في معالجة الملف الاقتصادي ماتزال عالقة ولم تقدم بعد.

أما ملف الخدمات فإنه حتى الآن لم تبرز أي ملامح لحلول ناجحة غير تحركات حكومية غير مفيدة ووعود رئاسية غير متحققة.

أن إحجام المجلس حتى الآن عن البدء بإجراء إصلاحات داخلية في منظومة السلطة ومحاربة الفساد يؤدي إلي إطالة أمد الأزمة التي تعصف بالبلد والناس وتهدد مستقبلهم في القريب المنظور.

وحريًا بنا القول إن تشكيل لجنة لمعالجة الإيرادات الدولية المالية وإعادة ضبطها وتحصيلها هي خطوة ممتازة ومؤشر إيجابي قد يأتي بنتائج مرجوة تساهم في إحداث تعافٍ اقتصادي ومعالجة أزمة العملة المحلية وهذا الأمر يتطلب جهودا كبيرة من القائمين على اللجنة لاسيما رئيسها عيدروس الزبيدي المشهود له بالنزاهة والقوة والانضباط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى