المحافظة الثانية

> كانت قصة "القرية الجنوبية" من الشيخ عثمان إلى العرائس فوق العَنَد قصة جميلة ومغرية، فهل سمعتم مثلاً عن الصرداح "قرية الفُل" في وادي تبن؟

لن أذهب بكم إلى "عقّان" مكان رائحة "يوم الخميس الجنوبي"، حيث المتنزّه والمنتجع الأثير.

كل هذه المساحة في زمن دولة العدل كانت حوض ماء يدفقُ إلى عدن، وكانت كلمة "ماء القصَبَة" طاغية في بيوت لحج قبل أن يحل على الجنوب "سوق الوايتات" باهظ الثمن.

كم أشواق محبوسة في أعماقنا إلى وادي بِلَه وبستان الحسيني؟، أو ترون قد نسينا الخُداد والحاسكي والزيادي؟

إنّ النظام الذي فَرِحَ بـ 7 يوليو وسمّاه يوم الفتح، ساد ثم باد "وتلك الأيام نداولها بين الناس".

كانت 13 سنة من 1994 - 2007 لربما غفلت خلالها العقول عن القريشي وبيت عياض والشُّضيف، ثم صار الأمر إلى تحريك العقل الغافل في 2007 فكان الحراك الجنوبي الذي ألهَمَ شعب تونس فجاء بثورة الياسمين وشعب اليمن الذي جاء بثورة البُن.

بدأ النضال الجنوبي يخطو بشموخ ما بين 2007 - 2011 ويصنع ملامح ثورة.

كانت المسافة بين 2011 - 2014 فترة صراع الشمال مع الشمال.

أيها السادة تذكّروا مشروع "طريق عدن ـ تعز" القديم منذ زمن، كيف استحال هذا المشروع في ظل نظام صنعاء المستبد من طريق الحُب الى طريق الحرب، فغزانا منه مرتين في 1994 و2915.

بينما عهِدَهُ الناس طريق للسفر والتواصل بين الأشقاء في الشمال والجنوب، ثم استدار الزمان الآن فاستحال الطريق من مكان في الجغرافيا إلى مكان في السياسة فصار "مشروع عيدروس ورشاد" أو قُل خارطة طريق "الزُبيدي والعليمي "في مجلس القيادة الرئاسي.

بعد نكبة الجمهورية في 2014 غادر عبدربه مدينة سام إلى مدينة البندر واجتاح جيش الشمال مدن الجنوب مجدداً في 2015، لكن الشعب في الجنوب شمّر للحرب ساعده وطرد الغاصب المحتل في فترة قياسية.

كانت الفترة من 2015- 2022 مرحلة حرب طاحنة بين الحوثي والشرعية، لكن ما نسينا الحمراء والمجحفة والمحلّة، أما الجنوب فقد بدأ يلملم جراحه خلال هذه الفترة ويعيد بناء نفسه.

خلال الثمان السنوات الماضية تدخلت الأمم المتحدة من أجل حل النزاع بين الحوثي والشرعية، فلم تفلح حتى اللحظة إلّا من هُدَن هشّة، وجاءت بأربعة مبعوثين الأول مغربي والثاني موريتاني والثالث بريطاني والرابع سويدي، لكن الجنوبيين لم ينسوا وسط هذه المعمعة "صَبِر، والوهط، والفيوش".

بزغ نجم المجلس الانتقالي في 2018 مولود شموس الميدان ولفح هجير الساحات، فهو يسطع الآن في سماء كل محافظات الجنوب حتى صارت الشرعية الدولية من شرعية لحكّام الهضبة إلى شرعية لحكّام الرئاسي في مدينة سندريلا البحر، لكن على مجلس الثمانية أن يلملم أعضاءه قبل أن ينشطر، وأن تعلو الوجوه بسمة الوفاق قبل أن ينفرط العقد.

إن سلسلة الأحداث الماضية منذ 94 حتى اللحظة أظهرت كيف أن قوى ناصبت الجنوب العداء فذهبت وأُطيح بها.

بدأ واضحاً أن الجنوب ظلّ باقيًا رغم العواصف ولو لم يعش حياة أليمة كالتي عاشها دوستيوفسكي وتولستوي لما استطاع أن يكتب روايته الخالدة "هذه أرضي".

قد يُنعمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عظُمتْ

ويَبتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنعم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى