دعوا الجنوبيين وشأنهم

> في ظل التطورات الإيجابية الجارية اليوم على الساحة الجنوبية ميدانياً وسياسياً، والتي بلا شك نتمنى أن يتكلل لها النجاح حتى النهاية، نسمع بعض الأصوات النشاز التي ترى في ذلك خطورة على وحدة اليمن وسيادة، وهي في حقيقة الأمر أصوات حمقى لا يهمها سوى الخوف على مصالحها أو تهدف بالأساس لتغطية فشلها الذريع الذي أصبح منذ سنوات يشكل عائقاً كبيراً أمام تحقيق أي انتصارات سواءً في مأرب أو تعز أو في بقية المناطق الشمالية ككل.

نحن أبناء المناطق الشمالية، علينا أن ندرك جيداً، أن الوحدة قد انتهت شكلاً ومضموناً، وأن الانفصال سبق أن تشكلت معالمه في المناطق الشمالية، وذلك من خلال رفض النخب الشمالية، السياسية والقبلية والعسكرية، في وقت مبكر، الدخول في مرحلة تكافؤ حقيقية مع الجنوبيين، والاعتراف بالاستحقاقات الوطنية والمشروعة لأبناء الجنوب بعد حرب 94 المشؤومة، وصولاً إلى سيطرة الحوثيين مؤخراً على جغرافيا الجمهورية العربية اليمنية سابقاً.

إن المنطق يحتّم علينا نحن في الشمال ألا ترتعد فرائصنا خوفاً على وحدة لم يعد في جسدها عرقاً ينبض، وأن ندرك أن أمامنا أولويات مهمة ومصيرية يجب علينا أن نبحث عنها بعد أن ضاعت من بين أيدينا وفشلنا في حمايتها والدفاع عنها، وتتمثل هذه الأولويات بثورة 26 سبتمبر وما تتضمنه من أهداف وأفكار وقيم ومفاهيم، وبحق المواطنة التي تلاشت اليوم إلى مستويات متدنية ومخيفة، وأصبحنا منذ سبع سنوات بلا حقوق وبلا هوية، وأحياناً نشعر وكأننا هبطنا على وطن يقع في كوكب آخر نعيش فيه غرباء، ونشاهد أمام أعيننا ظواهر كنا إلى وقت قريب نظنّها من الحكايات الخرافية، ولم نكن نراها إلا في قم أو النجف وكربلاء.

صنعاء اليوم لم تعد صنعاء السبتمبرية التي عرفناها عند ولادتنا قبل ثلاثة عقود، إذ أصبحت مدينة سام اليوم تتنفس نفساً خمينياً محضاً، وكل ما حولها يتشرّب مفاهيم ولاية الفقيه المستوردة من الحوزات الفارسية، وحين نحاول العودة إلى الوراء قليلاً لنتذكر التاريخ، لعل ذلك ينفخ الحياة في أرواحنا الميتة، نتفاجأ أن من أخضع رقابنا بالحديد والنار، يُذكرنا أن الحميريين كانوا في الأساس يهوداً، توصيف يُراد منه الإذلال والانتقام، ومزيداً من الهيمنة والاستبداد وربما بداية لفرض الجزيّة.

ليس من حقنا أن نقول إن الجنوبيين داخلون في معمعة، لأننا بأنفسنا نعيش في متاهة وضياع، نعيش في وطن لم يعد ملكنا، حتى أصبحنا أداة طيّعة يُصنع بها الإذلال والعبودية، وتؤسس لأجيال صاعدة سيجدون أنفسهم يوماً خُدام للنار وكهنة المعبد.

دعوا الجنوبيين وشأنهم، ليس المهم أن يكونوا يمنيين، الأهم أنهم عرب ويريدون وطناً اسمه الجنوب العربي، وتعالوا نبحث عن أنفسنا أين نحن؟ هل مازلنا عرب أم مسلمين فقط؟ وهل ما زال لنا وطن اسمه اليمن ينتمي للحضن العربي، ويزهو بتاريخه، ونشتم فيه رائحة علي ابن الفضل، ونشوان الحميري، وأحمد فتيني؟ أم أننا أصبحنا اليوم جزءا من مسمى محور المقاومة الذي به يكتمل الهلال الشيعي إلى بدر فارسي مُزيّن بالعمائم؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى