​ثورة العشائر الصومالية تهدد مستقبل حركة الشباب الجهادية

> مقديشو«الأيام» العرب :

>
الحكومة الصومالية تستخدم كل وسائل الحرب لدحر الإرهابيين من جميع أقاليم البلاد.

يتفق محللون على أن الحكومة الصومالية تحاول استثمار ما تطلق عليه الثورة الشعبية ضد حركة الشباب الجهادية، في بعض الولايات الفيدرالية لتتمكن من دحر التنظيم الإرهابي، واحتواء نشاطه في الجنوب والوسط على الأقل.

وبحسب المحللين، فإن عوامل عدة ساهمت في تفجر ثورة عشائرية مسلحة ضد حركة الشباب في بعض الولايات الفيدرالية.

ومن بين هذه العوامل الأزمة الإنسانية التي يعيشها المواطنون، إلى جانب الأوامر المتشددة والإتاوات غير الشرعية المفروضة عليهم في هذا الظرف الإنساني الصعب، ناهيك عن هدم الآبار المعدودة، التي تشكل مصدر المياه الوحيد للقرويين، في ظل الجفاف الحاد الذي يضرب البلاد.

وأشاد الرئيس حسن شيخ محمود، في مؤتمر صحافي عقد في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، بالثورة العشائرية المسلحة التي نتجت عن تراكم الاعتداءات التي يمارسها الإرهابيون بحق المواطنين وممتلكاتهم.

أي انتصار على حركة الشباب يتوقف على الإستراتيجية التي ستعتمدها الحكومة لاستغلال هبة العشائر

وأشار الرئيس شيخ محمود إلى أن الحكومة ستستخدم كل وسائل الحرب لدحر الإرهابيين في جميع أقاليم البلاد.

وعلقت السفارة الأميركية في العاصمة مقديشو على العمليات الأمنية التي تشهدها بعض الولايات الفيدرالية، قائلة إن “نهوض السكان في وجه الشباب، وبدعم من القوات الحكومية والفيدرالية، سيحرر الصومال من الدمار الذي سببه العنف المتطرف”.

وتشهد الولايات الفيدرالية المحلية؛ هيرشبيلي، وجنوب غرب الصومال، وغلمدغ، عمليات أمنية بين القوات الحكومية وميليشيات عشائرية مسلحة من جهة، وبين مسلحي حركة الشباب من جهة ثانية.

وأدت هذه المواجهات إلى خسارة حركة الشباب أكثر من 20 بلدة كانت تخضع لسيطرتها، بحسب وزارة إعلام محلية.

حرب مفتوحة على الارهاب
حرب مفتوحة على الارهاب

وتزامن تفجر الثورة العشائرية المسلحة في وقت تستعد فيه الحكومة لإطلاق حرب ضد مسلحي الشباب، ما يضع الحركة في موقف ضعف لمواجهة جبهتين حربيتين مختلفتين، في آن واحد.

ويقول عبدالقادر هاجر المحلل في مركز “سهن” للبحوث، إن “الظرف الأمني الذي تعيش فيه حركة الشباب في هذا التوقيت، يشكل فرصة أمنية ثمينة للحكومة، في حال استثمرت تلك الفرص بطريقة استراتيجية وفعالة”.

وأضاف هاجر “الثورة العشائرية المسلحة ضد مقاتلي الشباب في بعض الولايات الفيدرالية أظهرت أوجه ضعف قدراتهم الأمنية”.

وأوضح أن مسلحي الشباب تبين عدم قدرتهم على المواجهة “أمام هذه الثورة، التي اندلعت نتيجة ممارستهم المتشددة، والضرائب الكبيرة التي تفرض على القرويين”.

وأشار المحلل السياسي إلى أن “الاستراتيجية الأمنية الحكومية الحالية لدعم الميليشيات العشائرية تُغير مجريات الحرب المعهودة بين القوات الحكومية ومقاتلي الشباب”.

وبيّن أن “العشائر المسلحة بإمكانهم الوصول إلى مناطق لا يمكن للقوات الحكومية الوصول إليها، واستهداف عناصر الشباب في عقر دارهم”.

واعتبر هاجر أن “الثورة العشائرية بمثابة فرصة نادرة للحكومة قد لا تتكرر ثانية، لأنها نابعة من تراكم الاعتداءات الإرهابية طيلة الـ15 سنة الماضية”.

وتابع أن هذه الثورة “تعكس مدى جاهزية الشعب للحد من ممارسة الإرهابيين، وعلى الحكومة دعم تلك الميليشيات عسكريا”.

وتستمر التحالفات العشائرية المسلحة في ولايات هيرشبيلي وغلمدغ وجنوب غرب الصومال، لمواجهة مسلحي حركة الشباب، وتحريرها من مناطق سكناهم. فيما تستميت الحركة في إخماد هذه الثورة بالقوة من خلال القتل الجماعي والتخويف وهدم مصادر المياه في تلك الأقاليم.

ويقول الأستاذ الجامعي أحمد يوسف إن “هذه الثورة نتيجة تراكم الضغوط على المواطنين، وردة فعل من تصرفات مقاتلي الشباب”.

وأشار إلى فرض مسلحي الشباب الإتاوات على المواطنين، وخاصة في هذا الظرف الإنساني، الذي يعاني نصف السكان من أزمة إنسانية حادة نتيجة الجفاف الذي ضرب البلاد.

وحول ما إذا كانت هذه الثورة العشائرية ستدفع الحركة للانسحاب من تلك الأقاليم، اعتبر يوسف أنها “ستكون بمثابة ضربة قاضية للشباب”.

وأوضح “ليس للانسحاب فقط، وإنما إزالة نفوذها داخل القبائل، حيث كانت تمارس أنشطتها بكل أريحية من خلال عناصرها، لكن بعد الثورة لن يكون الأمر سهلا بالنسبة إليها”.

مقاتلي الشباب يعتقلون العشرات من السكان القرويين المنتمين إلى العشائر المسلحة في وغلمدغ واقتادوهم إلى أماكن مجهولة

وأردف “مقاتلو الشباب كانوا يمارسون سياسة التخويف لتقويض قدرة أي عشيرة على الرد، لكن بسبب فتح جبهات العشائر المختلفة أمامها لم تتمكن حاليا من إخماد الثورة”.

ولفت المحلل السياسي إلى أن ذلك “أدى إلى تلقيها خسائر متلاحقة في ميادين القتال، ما سيؤثر سلبا على عملياتها النوعية ضد القوات الحكومية والمراكز العسكرية للقوات الأفريقية (أتميس)”.

وبحسب مصادر عشائرية فإن مقاتلي الشباب اعتقلوا العشرات من السكان القرويين المنتمين إلى العشائر المسلحة في وغلمدغ، واقتادوهم إلى أماكن مجهولة، لاستخدامهم كعامل ضغط ضد تلك القبائل. لكن هذه الخطوة لم تغير مسار الثورة، وإنما ازدادت اشتعالا، حيث أعلنت تلك العشائر استعدادها لتحرير مناطقها من مقاتلي الشباب.

وتشكل القبيلة بالنسبة إلى عناصر الشباب بيئة مناسبة لتمرير أجنداتها والعيش فيها دون أي ملاحقات أمنية، وبعلم من سكان القبيلة.

ويستمر هذا الوضع ما دامت القبيلة في أمان، وغير مستهدفة بالعمليات الإرهابية التي تنفذها حركة الشباب، والتي غالبا ما تستهدف العاملين في الهيئات الحكومية.

ويقول المحلل السياسي أبتدون عبدي إن “الثورة العشائرية التي تشهدها بعض الولايات الفيدرالية تشير إلى أن حركة الشباب بدأت تخرج من عباءة القبائل”.

واستطرد عبدي أن ذلك من شأنه أن “يتسبب في تداعيات كثيرة أمام حركة الشباب، في المرحلة المقبلة، وخاصة أمام الحرب التي أعلنتها الحكومة ضدها”.

وأضاف أن “عامل القبيلة كان من أبرز الأسباب التي ساهمت في بقاء مقاتلي الشباب طيلة الفترة الماضية وصمودها أمام القوات الحكومية والأفريقية”.

ويتفق المحللون على أن أي انتصار على حركة الشباب في المعركة الحالية يتوقف على الاستراتيجية التي ستعتمدها الحكومة لاستغلال هذه الهبة وتطويعها لصالح الحكومة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى