لماذا تأخر الدعم المالي السعودي عن اليمن؟

> «الأيام» سبوتنيك:

>
​لا يزال البنك المركزي اليمني ينتظر الوديعة السعودية الإماراتية بعد مرور أكثر من خمسة أشهر منذ الإعلان عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، رغم الإصلاحات التي قالت الحكومة والبنك المركزي في عدن إنها قامت بها.

ما سر تأخر الوديعة السعودية عن اليمن رغم الظروف القاسية التي تعيشها المحافظات التي تقع تحت غطاء الشرعية؟

بداية يقول الباحث الاقتصادي اليمني عبدالله فهد باشراحيل، إن الجانب اليمني بعد مشوار طويل من المتابعات والمباحثات والأخذ والرد، قدم البيانات اللازمة ونفذ كل ما طلب منه من شروط بشأن منح الوديعة السعودية الإماراتية التي تم إقرارها بعد تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل الماضي.
  • قراءة للمشهد
وأضاف الباحث السياسي في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي كان قد أعلن في يوليو الماضي أن الجانب اليمني قد أوفى بكل التزاماته، وما نعرفه أن هناك إشارات إيجابية حسب التعبير الدبلوماسي الذي ورد في بيان البنك المركزي الصادر عن اجتماع مجلس إدارته الأخير، لكن تأخير تنفيذ الوعود قد يعود- وهذا وفق تقديرات شخصية- إلى أن الأشقاء ربما لهم قراءتهم الخاصة لتطورات المشهد السياسي في اليمن.

وأشار باشراحيل إلى النجاح الكبير في استمرار الهدنة لمدة ستة أشهر، لذا قد ترى الرياض وأبو ظبي أن تحقيق السلام في اليمن بات وشيكا، بل أصبح على مرمى حجر، وبذلك يفضلون الانتظار ولا يهم معاناة الناس للوقت الذي ستنتهي فيه الحرب ويحل السلام لتنفيذ تعهداتهم، وفق قوله.

من جانبه، يرى الباحث الجنوبي في الشؤون المالية، شلال العفيف، أن البنك المركزي قام بعمل بعض الإصلاحات التي تضمنت شروطا وضوابط مشددة على شركات ومنشآت الصرافة، كان أبرزها منشور في 4 أغسطس الماضي تضمن رفع قيمة التأمين النقدي الذي يجب على شركات ومنشآت الصرافة الاحتفاظ به لدى البنك المركزي من مائة مليون ريال إلى خمسمائة مليون ريال على الشركات بينما منشآت الصرافة من خمسة وعشرين مليون إلى مائة وخمسين مليونا بالإضافة إلى زيادة الحد الأدنى لرأس المال المدفوع مليار ريال لشركات وخمسمائة مليون ريال للصرافة.
  • سياسة الصرف
وأضاف، "نستطيع القول إن إجراءات البنك المركزي عملت على إبطاء التدهور في قيمة العملة نوع ما مقارنة بالفترات الماضية، لكن كل هذه الإصلاحات والإجراءات غير كافية ولم تستطيع إيقاف التدهور المستمر في قيمة العملة، حيث أصبح تدهور قيمة العملة أسرع من إجراءات البنك المركزي، هناك قصور في إدارة سياسة الصرف، تساهل وتباطؤ في التنفيذ واتخاذ الإجراءات، والعقوبات والغرامات غير كافية".

وأشار العفيف إلى أن الجميع يعول على الدعم السعودي الإماراتي الذي لم يأت إلى هذه اللحظة، بينما كان الأحرى بالسياسيين القيام بمعالجة سريعة للتشوهات السياسة المالية والنقدية.

بدوره، يقول عضو مفوضية مكافحة الفساد باليمن، أنيس السنمي، إذا لم تكن هناك جدية من قبل الحكومة اليمنية لمعالجة موضوع الفساد، وإصلاحات جدية وفعلية في مناطق ومؤسسات الدولة، فإن هذه الوديعة السعودية الإماراتية إذا وصلت سيكون مصيرها إلى نفس مصير الودائع والمنح السابقة التي قدمتها دول التحالف والعديد من دول العالم والمنظمات الدولية.

وأضاف، "لكن نأمل خيرا من مجلس القيادة الرئاسي الذي شكل مؤخرا، بأن يباشر ويقوم بتفعيل الهيئات والمؤسسات الرقابية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والتغييرات، وإعادة هيكلة حكومة معين عبدالملك، حتى يشعر الداعمين أن هناك جدية في معالجة الفساد".
وأكد عضو مفوضية مكافحة الفساد، أنه إذا ظل الوضع على ما هو عليه والإبقاء على الفاسدين في مفاصل الدولة والدوائر والوظائف القيادية والمرافق العامة، سيُبقي الفساد الوضع على ما هو عليه ولن يستفيد الشعب اليمني والمناطق المحررة بشكل خاص من أي ودائع أو منح أو أي تدفقات أو موارد مالية أخرى.
وأوضح السنمي أن تأخر الوديعة السعودية الإماراتية قد يكون بسبب عدم تنفيذ كل الاشتراطات من جانب الحكومة اليمنية، بعمل تغييرات وإعادة هيكلة لكافة المؤسسات والبنوك ومكافحة الفساد في البنك المركزي ومؤسسات الدولة وغيرها.

وفي السابع من أبريل الماضي، أعلنت السعودية، تقديم دعم عاجل للاقتصاد اليمني بمبلغ 3 مليارات دولار أمريكي، منها مليارا دولار مناصفة بين المملكة ودولة الإمارات، دعماً للبنك المركزي اليمني، ومليار دولار أمريكي من المملكة، 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية، بالإضافة إلى تقديمها مبلغ 300 مليون دولار أمريكي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022.

وتقود السعودية، منذ 26 مارس 2015، تحالفاً عسكرياً من دول عربية وإسلامية، دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، سيطرت عليها جماعة "أنصار الله"، أواخر 2014. في المقابل، تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وأراضي المملكة.

وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، وألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 % من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى