محمد غالب ما كانت جنوبيته حتى «مستخدم نظيف»

> ما أستفز مشاعر الأستاذ محمد غالب تسكين الإرهاب اليمني في الجنوب ولا مفخخاته ولا اجتياحات الحوثي له قتلا وتدميرا، وهو ما استفز السواد الأعظم ممن انتسبوا للاشتراكي أو حتى مازالوا منتسبين له من الجنوبيين، بل استفز مشاعره، وثلة مازالوا مع اليمننة، تصريح الرئيس عيدروس الزبيدي لقناة روسية بأنه سيتم الإعلان عن "استعادة وقيام دولة الجنوب العربي المستقلة وذات السيادة" واستفزه الشيخ هاني بن بريك وهو يشكّل (جالية أبناء الجنوب العربي) في باريس.

الرجلان استشعرا أن المواطن الجنوبي أكثر وعيًا وإدراكًا -من بقايا شموليين- بأن اليمننة هي كارثة بكل المقاييس عبثت به عصبوية وأخونة وحوثنة وإرهابًا ونهبًا وتهميشًا وطنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، مازال يدفع ثمنها الجميع حتى اليوم ولديهما ثقة بأنه سيتم رد الاعتبار لهذا الوطن أرضا وإنسانا وهوية ما جعل الشمولي الاشتراكي "محمد غالب" عضو المكتب السياسي - رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني تنتخي شموليته فيتخبط في مقال طويل ظاهره مساحة حضرموت والمهرة، وأنهما ليست من دولة "اتحاد الجنوب العربي"، ثم خبط يمينا وشمالا كعادتهم في الخلط في مقالة يتوافق فيها مع دعوة "إخوان اليمن" التي يشيعونها الآن حول دولة حضرموت المستقلة وأن حضرموت ليست من الجنوب العربي.

لم تكن قبل الاستقلال دولة اسمها "الجنوب العربي" وهذه حقيقة بل كانت دولة اسمها "اتحاد الجنوب العربي"، وحقيقة أن حضرموت والمهرة ليستا في الاتحاد وكذا مستعمرة عدن التحقت به في وقت متأخر قبل الاستقلال.

"اتحاد الجنوب العربي" ليس الجنوب العربي بل جزء منه، ولم تكن أراضي الاتحاد هي التي نالت الاستقلال فقط، فالوطن الذي نال الاستقلال عن بريطانيا هو "الجنوب العربي" وحُددت حدوده بما فيها حضرموت والمهرة والجزر وحدوده مع اليمن ودائرة العرض للحدود الصحراوية، ثم قامت الجبهة القومية وغيرت الاسم على "مسؤوليتها" إلى "ج.ي.ج .ش"، ولم تستفتِ الشعب.

أن يتولى مكون سياسي تغيير الاسم على "مسؤوليته" لا يعني أنه ملزم لبقية الشعب إلا "بالإكراه"، فلم تستفتِ الجبهة القومية على تغيير الاسم، ولذا فإنه غير ملزم لمواطني الجنوب العربي إلا باستفتاء.

الاعتراف الرسمي في المحافل الدولية بتلك الدولة الذي استشهد به "غالب" أعقبه وحدة اندماجية قام بها الاشتراكي الممتد من الجبهة القومية مع اليمن، فألغت شخصيتها الاعتبارية وسيادتها واعترفت بإلغائها ذات المحافل الدولية، لكنها لم تلغِ البلد أرضاً وشعبًا وحقه في استقلاله واستعادة سيادته والدولة ليست بالضرورة. "ج.ي.د.ش" فتلك كالسلطنات جزء من تاريخ، ودخولها في الوحدة كان بدون استفتاء شعبي كتغيير الجبهة القومية لاسم الجنوب العربي بدون استفتاء العلم الذي رُفع مع الحراك السلمي هو علم ثورة ضد احتلال يمني وليس علم دولة اندمجت مع المحتل وصار حزبها مشرعنًا لقمع الجنوبيين، فذلك العلم صارت معانيه من دماء جنوبية أريقت وهي ترفعه للانعتاق والتحرير من الاحتلال اليمني سواء في الثورة السلمية أو في المقاومة الجنوبية، أما معانيه قبل الدمج والتكفير والاجتياحات فلا تهم الشعب ولن يتحرر ليأتي بنخب اشتراكية من "مبرز أبي علي الحاكم"، ويسلمها الجنوب لتحكمه بل لن يفاوضها أحد لأن لا وزن لها في الجنوب.

اتحاد الجنوب العربي أو ما سماه بالوليد "غير الشرعي" كان السلاطين فيه يحكمون مناطقهم ولا تتدخل بريطانيا فيها وكان الجيش والأمن من أبناء الجنوب، إلا أن القرار السيادي "بيد المعتمد" أما الحزب الاشتراكي فسلم القرار السيادي لليمنيين وحاربوه وهزموه وعاد لأن البعض فيهم لايستطيع العيش إلا على فضلات السلطة وما زالوا يشرعنون لهم وما استخلصوا للجنوبيين من الاحتلال اليمني حتى 10 % مما أدار به ذاك "الوليد" أماراته، وذلك الوليد الذي يستصغره "غالب" ما فكر سلاطينه يوما بأنهم جزء من اليمن بينما تقدمية الاشتراكي أوردت شعب الجنوب موارد التهلكة اليمنية بوحدة اندماجية مع مشايخ أكثر همجية من أمراء ذلك الكيان بينما التقدميون سلموا الوطن كاملا حتى قيل -إما جدّاً أو سخريةً- إن صادق الأحمر تملّك مطار سيئون "وشلي يالقواطر شلي" من غباء الاشتراكيين.

استعادة الدولة لا تعني أن الجنوبيين خرجوا لاستعادة "ج. ي د.ش" ونظامها وحزبها، فقد كان الرئيس البيض في 94 أدرى باستحالة ذلك حين أسس "ج.ي.د" بل ثاروا وقاوموا، ويحاربون الإرهاب لإعادة السيادة الجنوبية على أرضهم، فوثائق إشهار الانتقالي وبقية مكونات الحراك الجنوبي ما ثبتت شمولية الحكم وأن الحزب هو ضمير وعقل الجنوب الذي هو جوهر حكم الحزب بل ثبتت الفيدراليات للمحافظات الجنوبية، فهل كانت تلك المحافظات تدار بفيدرالية أيام "ج.ي.د.ش" وحزبها؟ هذا هو الوضع الجلي الذي يناضل الانتقالي من أجله ليس لإعادة الاشتراكي وشموليته.

لا يدري القارئ ما هي الصفة التي يطلب "غالب" بها أعضاء الجمعية الوطنية للانتقالي للاجتماع لمناقشة وثائقه طالما وحزبه لا يقل تآمرًا على الجنوب من بقية أحزاب اليمننة فهو شرعن لعفاش بعد حرب 94 وشرعن للإخوان في المشترك ويشرعن للحوثي الآن، فما هي صفته في مشروع الاستقلال؟

استشهاده حول الهوية بشعب جنوب السودان وأنه ليس عربيًا، فالعروبة ليست حجة على وحدة الهوية الوطنية فكل الأوطان عربية وهوية شعوبها مختلفة -مصري، سعودي، ليبي، سوداني.. إلخ- حتى مسمى اليمننة وضعه الإمام يحيى لمملكة عام 1918 وهي كانت المتوكلية الهاشمية، وأطلق الإمام "أحمد" مسمى "اليمن الجنوبية" على "الجنوب العربي" عام 1955 ولا توجد أي وثيقة تاريخية ولا سياسية بأن الجنوب العربي هو اليمن الجنوبية قبل ذلك التاريخ، ثم تلقّف "ثوريو الجبهة القومية" ذلك المسمى من فم الإمام وأشاعوه ثم غيروا مسمى الجنوب العربي إلى ج.ي.ج.ش على مسؤوليتهم بمعنى أنهم كانوا ينفذون الإرادة الإمامية، أما أن القيادة السياسية في المجلس الانتقالي لا تخوض في الهوية فلها أسبابها.

أولا: لا تريد أن تفرص اسم الهوية إلا باستفتاء بعد نيل الاستقلال فيكفي شعب الجنوب "بابوية حزبية".

ثانيا: لا يزال الجميع يعمل تحت مسمى الجمهورية اليمنية و "العليمي" مثل المندوب السامي مازال صاحب السيادة أمام الإقليم والعالم، وبالتالي لا بد من العمل في إطار مسمى اليمننة مرحليًا مثل مشاركة الرئيس عيدروس في مجلس القيادة كمشاركة السلاطين مع المحتل البريطاني.

ثالثا: إن مسمى دولة الجنوب القادمة سيفرض بارادة سياسية واستفتاء فور الحصول على الاستقلال والسيادة، ولن يُفرض وفُرض مسمى اليمن الجنوببة بعد نيل الاستقلال والسيادة عن بريطانيا على مسؤلية الجبهة القومية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى